"الإنسان الناجح يقوم بعمله في أوانه": المطران عوده
في هذا الأحد قرأت كنيسة أنطاكية للروم الأرثوذكس الإنجيل الذي يروي مثل الدعوة غير الملبّاة بسبب انشغالاتٍ ثانويّة. تناول المطران عوده أوّلًا الشقّ الروحيّ الذي عرضنا في تقريرٍ سابق، وكما هي العادة، ينتقل الأرشمندريت بسلاسة من الروحيّ إلى الوطنيّ من أجل البناء.
قال: "نتعلّم من إنجيل اليوم أن نسرع في تلبية دعوة الربّ إلى عشائه وفرحه، مبتعدين عن أيّ حجّة أو سبب يمنعاننا من ذلك، وإلّا ستكون العاقبة أن نبقى خارج العرس، نقرع ولا يفتح لنا. فلنستعدّ جيّدًا، نفسًا وجسدًا، لاستقبال ملك الكلّ مولودًا في بيت لحم، ولنعمل بوصاياه حتّى نصل معه إلى الفصح السرمديّ والفرح الأبديّ الذي لا يزول.
هذه الحال تنطبق على علاقتنا بالوطن. إهمال قضيّة الوطن والتمهّل في تلبية نداء الواجب بحجّة أعذار واهية يرميان صاحبهما في النسيان ويدفعانه خارج المعادلة، ويستبدل بآخر، لأنّ التاريخ يحاسب إن تلكّأ المواطنون، ولا بدّ للعدالة من أن تنتصر.
القيام بالعمل المناسب في الوقت المناسب، وعدم إضاعة الوقت والفرص، أساس النجاح. الإنسان الناجح يقوم بعمله في أوانه، وأيّ عمل، مهما كان عظيمًا، يفقد معناه أو أثره إن حصل في غير وقته. هذا ينطبق على حياتنا الروحيّة وعلى الحياة الزمنيّة أيضًا... وفي حياة الأوطان وتطوّرها، القيام بالأعمال في أوقاتها يساهم في تقدّمها ونموّها. هذا ما علينا إدراكه في لبنان حيث اعتدنا على تأجيل أمور أساسيّة كملء الشواغر في المراكز القضائيّة والماليّة والعسكريّة والإداريّة، أو تأجيل الاستحقاقات من انتخابات نيابيّة أو بلديّة، وغيرها، ما انعكس سلبًا على حياة الوطن والمواطن. لكنّ الأخطر ما بات عادةً، وهو تأخير انتخاب الرئيس، ما أعاق عمل المؤسّسات كلّها وساهم في تراجع البلد وتغييبه. لذا أملنا أن يعي المسؤولون عندنا أهمّية وجود رئيس في هذه المرحلة الدقيقة من عمر بلدنا وأن يتمّ انتخاب الرئيس في أسرع وقت، فيتسلّم زمام الأمور ويعمل مع حكومته على إعادة بناء الدولة واستعادة هيبتها ودورها، وعلى حماية لبنان وإبعاده عن كلّ ما قد يشكّل خطرًا عليه وعلى بنيه وبناته. يكفي هذا البلد ما قاساه طيلة العقود الأخيرة، ويكفي الشعب ما عاناه، وقد حان الوقت لكي ينعم بالسلام والاستقرار والإزدهار. آن أوان الجدّ والعمل، وكلّ تأخير سيدفع ثمنه الجميع.
لقد مرّت منذ يومين الذكرى التاسعة عشرة لاغتيال جبران تويني المناضل من أجل وطن الحرّيّة فيه مصانةٌ، والعدالة سيّدةٌ، والكلمة فاعلة. جبران نادى بالحرّيّة للجميع. حلم بمستقبل واعد لبلده. حارب الظلم والاستعباد ووقف في وجه الطغاة إلى أن أزالوه. لكنّ صوته ما زال يرنّ في الآذان، وكلماته تتردّد في الضمائر الحيّة، فيما الطغاة فرّوا، وتماثيلهم هوت...وحده الحقّ يدوم. فهل من يعتبر؟
حمى إلهنا لبنان وشعبه.