لبنان
22 تشرين الأول 2024, 05:40

"الإخوة المسابكيّون الثلاثة قدّيسون علمانيّون على مذابح الكنيسة الجامعة": البطريرك الراعي

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بقدّاس الشكر على إعلان قداسة الأخوّة المسابكيّين "شهداء دمشق" وذلك في بازيليك القدّيس بطرس - الفاتيكان بحضور عدد من بطاركة الشرق الكاثوليك ولفيف من الأساقفة والكهنة وحشد من المؤمنين.

 

من بعد الإنجيل المقدّس، كانت للبطريرك الراعي كلمة قال فيها: "من يعترف بي أمام الناس، يعترف به ابن الإنسان أمام ملائكة الله" (لوقا 12: 18). إعترف القدّيسون الإخوة الثلاثة المسابكيّون: فرنسيس وعبد المعطي وروفائيل بالمسيح أمام السفّاحين قتلتهم، وقدّموا شهادة الدم قائلين: "نحن مسيحيّون ونريد أن نحيا ونموت مسيحيّين"، وهكذا اعترفوا بالمسيح أمام قتلتهم، فاعترف بهم المسيح أمام ملائكة الله، ورفعتهم الكنيسة في عهد السعيد الذكر البابا بيوس الحادي عشر في ١٠ تشرين الأوّل/أكتوبر ١٩٢٦ على المذابح طوباويّين، والأحد سجّل قداسة البابا فرنسيس أسماءهم في سجلّ القدّيسين، وأعلن تكريمهم في الكنيسة الكاثوليكيّة جمعاء.

وها هم يتلألون كالشمس في ملكوت أبيهم (متى ١٣: ٤٣)".

أضاف البطريرك قائلًا: "نرفع اليوم قداس الشكر الله على القدّيسين الشهداء الثلاثة الجدد، وهم العلمانيّون الأوائل الذين يكتب قداسة البابا أسماءهم في سجلّ القدّيسين بموجب القوانين الكنسيّة الحديثة. ونرفع صلاة الشكر لقداسة البابا فرنسيس لكي يعضده الله ويؤيّده في قيادة كنيسة الله في الظروف الصعبة للغاية التي تمرّ فيها، ونرفعها ذبيحة شكران للقدّيسين الجدد لكونهم يشكّلون قبلة فرح ورجاء في جبين الكنيسة المارونيّة عمومًا، وفي جبين أبرشيّة دمشق المارونيّة التي ينتمون إليها، مشكّلين فخرها واعتزازها، خصوصًا، وهم في الوقت عينه علامة رجاء لها ولسورية ككلّ وللبنان". أردف البطريرك بالقول: "القدّيسون الإخوة المسابكيّون، هم مفخرة للعلمانيّين المدعوّين هم أيضًا إلى القداسة، أكانوا متزوّجين أم متبتّلين، أرباب عائلات أو غير متزوّجين. إنّهم متمثّلون في القدّيسين الإخوة المسابكيّين: فكبيرهم فرنسيس كان متزوّجا وأبًا لثمانية أولاد، وثانيهم عبد المعطي متزوّجا وأبًا لخمسة أولاد، وثالثهم روفائيل ظلّ بتولًا".

تابع البطريرك كلمته قائلًا: "هم عاشوا حياة مسيحيّة مثاليّة: ففرنسيس تاجر الحرير المعروف بنزاهته في دمشق ولبنان، وصاحب ثروة كبيرة نالها بضميره المهنيّ الحيّ، وكان رجل صلاة يوميّة، يحضر القدّاس الإلهيّ ويتناول جسد الربّ كلّ يوم مع تكريمٍ خاصّ للسيّدة العذراء. وقد ظهرت الفضائل المسيحيّة على محيّاه وفي كلامه وتصرّفاته وأعماله.

وعبد المعطي قضى حياته بالتعليم والتدريس في مدرسة الفرنسيسكان، وبشهادة ابنه نعمه، كان بعد صلاته اليوميّة الصباحيّة، يذهب إلى كنيسة الفرنسيسكان، ويشارك في القدّاس، وهو جاث على ركبتيه، ويتقدّم من سرّ المناولة الإلهيّة. ويوم خميس الأسرار مساءً يذهب إلى الكنيسة ويجثو على ركبتيه نصبًا إلى الصباح، ويبقى في الدير إلى ليل الأحد عند منتصف الليل، فيمضي إلى الكنيسة المارونيّة لأجل حضور القدّاس والمناولة الفصحيّة.

وروفائيل، رجل تقيّ يعيش في كنف إخوته. كان مثال الطهارة والبساطة المسيحيّة. خدم عائلتَي شقيقيْه والرهبان الفرنسيسكان الذين زارهم يوميًّا".

أكمل الراعي: "تجلّى إيمانهم بالمسيح عند ساعة استشهادهم، فبعد أن لجأ الإخوة الثلاثة إلى دير الفرنسيسكان في ليل ۹ و ۱۰ تمّوز/يوليو ١٨٦٠، دعاهم رئيس الدير مع الرهبان السبعة إلى الكنيسة، حيث تلوا طلبة جميع القدّيسين، وقبِل الحاضرون سرّ التوبة، وأقاموا زيّاح القربان المقدّس وتناولوه، وطلبوا شفاعة العذراء مريم.  

ساعة الانقضاض عليهم، كان فرنسيس جاثيًا يصلّي في الكنيسة أمام الأمّ العذراء الحزينة. لم يتوقّف عن الصلاة على الرغم من تهديد المعتدين ومطالبتهم منه أن يعلن إسلامه كي يسلم. وكذلك تحايلوا على شقيقيْه، ولكنّ جواب الإخوة كان: "لا تخف ممّن يقتل الجسد، ولا يستطيع أن يقتل النفس" (متّى ١٠، ۲۸). واستتبعوا جوابهم الكتابيّ هذا بإعلان إيمانهم الحرّ والمسؤول فقالوا: "نحن مسيحيّون ونريد أن نحيا ونموت مسيحيّين"، حينئذ هجم المضطهدون عليهم ومزّقوا أجسادهم بسلاحهم، وكانت أعمارهم: فرنسيس في منتصف السبعين وعبد المعطي في بداية السبعين وروفائيل في السادسة والخمسين".

ختم البطريرك كلمته قائلًا: "فلنصلِّ إلى الله، لكي، بشفاعة القدّيسين الجدد الإخوة المسابكيّين الثلاثة، يمنحنا قداسة السيرة وشجاعة الشهادة لإنجيل المسيح وشخصه، ولكي يمنح سورية ولبنان السلام الحقيقيّ، والعادل والشامل، ويجعلنا صانعي سلام له المجد والتسبيح والشكر الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد. آمين".