يونان عيد الانتقال: لتعيننا مريم العذراء لنبقى على الدّوام هذه الكنيسة الّتي تعيش بالإيمان والرّجاء والمحبّة
في عظته، أشار يونان إلى أهمّيّة هذا العيد إذ أنّ "اليوم عيد كبير في الكنيسة الجامعة، عيد انتقال أمّنا مريم العذراء نفسًا وجسدًا إلى السّماء، هذا العيد تعيّده الكنائس أكان في الشّرق أو في الغرب لأنّه أعظم أعياد أمّنا مريم العذراء على مدار السّنة.
هذا العيد هو عيد دير سيّدة النّجاة البطريركيّ- الشّرفة، ونذكر حين كنّا تلاميذ في دير الشّرفة في عهد المثلَّث الرّحمات البطريرك الكاردينال مار إغناطيوس جبرائيل الأوّل تبّوني، كنّا نحن في مرحلة الدّراسة الإكليريكيّة، وكنّا نصلّي الصّلوات الفرضيّة، ثمّ ننتقل من الكنيسة إلى البهو ونحن نؤدّي الأناشيد السّريانيّة، وسيّدنا البطريرك تبّوني كان يباركنا ويذكّرنا أنّ هذا العيد مهمّ جدًّا، لأنّ أمّنا مريم العذراء سيّدة النّجاة هي الّتي حمت المثلَّث الرّحمات البطريرك مار إغناطيوس ميخائيل جروة الّذي أسّس كرسينا البطريركيّ حين أُرغِم وأُجبِر على الهروب من ماردين في تركيا إلى الموصل وبغداد في العراق. وخلال هذه الفترة، أيّ مدّة سنتين تقريبًا، كان ملاحَقًا واستطاع الهروب من العراق إلى بادية سوريا، فوصل إلى جبل لبنان وقام بتأسيس هذا الدّير العامر. فبالنّسبة إلينا، نحن الكنيسة السّريانيّة، أمّنا مريم العذراء هي أمّنا الحامية الّتي نجّت البطريرك جروة، والّتي تظلّ تحمينا وترافقنا في مشوار حياتنا".
وأضاف بحسب إعلام البطريركيّة: "نفرح اليوم لأنّ سيّدنا المطران مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، يشاركنا في هذا القدّاس، ونرحّب به في بيته، وكذلك نفرح بمشاركة أحبّائنا الكهنة والرّهبان، ونحن فخورون بهؤلاء الكهنة الّذين يخدمون بكلّ تفانٍ وتضحية، يخدمونكم، أيّها الأحبّاء، بالرّغم من كلّ الصّعوبات الّتي يواجهونها في حياتهم وخدمتهم. كما نفرح لأنّ أخواتنا الرّاهبات الأفراميّات يشاركنَ معنا، وكذلك يشارك ممثّلو الرّعايا في الأبرشيّة البطريركيّة في لبنان وإرساليّة العائلة المقدّسة للمهجَّرين العراقيّين في لبنان، ونشكر جوق رعيّة عذراء فاتيما في جونيه الّذي يخدم هذا القدّاس".
وتابع: "سمعنا من الرّسالة إلى العبرانيّين تردادًا لكلمة الأمانة، فالرّبّ يسوع هو الأمين لمن دعاه، لأبيه السّماويّ، كي يفدينا، هذه الأمانة مطلوبة من كلّ مدعوّ إلى الخدمة من الإكليروس والرّهبانيّات، كي يكونوا مثالًا للمؤمنين بالأمانة للرّبّ يسوع وللكنيسة رغم كلّ الصّعوبات والتّحدّيات.
بقول الرّبّ يسوع الّذي سمعناه من الإنجيل المقدّس، هذه المرأة الّتي، حين سمعت يسوع يعلّم، هتفت: طوبى للبطن الّذي حملكَ وللثّديين اللّذين رضعتَهما. إنّها تهنئة شرقيّة بامتياز، فنحن نعبّر عن هذا الإعجاب بذكر الأمّ الّتي هي أمّ الحياة والّتي تعطي الحياة بنعمة إلهيّة، حتّى نهنّئ الشّخص الّذي نُعجَب به، كما فعلت هذه المرأة. ويسوع يجيبها قائلًا: بل طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه".
ثمّ توقّف يونان عند تأثير "وسائل التّواصل الاجتماعيّ، حيث تسمعون وتقرأون وترون، وأنتم تعرفون كيف امتدّت هذه الوسائل، والبعض وللأسف حتّى من الإكليروس يدمنون على هذه الوسائل، وأحيانًا كثيرة يقولون ويكتبون كلّ ما يخطر على بالهم دون أن يعوا أنّهم رعاة مفروض عليهم أن يقولوا الحقيقة الّتي يطلبها منهم الرّبّ، وأن يكونوا أمناء للرّبّ يسوع الّذي دعاهم.
علينا أن نتذكّر جواب يسوع: طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه. حين نقول "يحفظه" لا يعني ذلك أن يردّده في الذّاكرة، وإنّما أن يعيشه، وهذه هي الطّريقة الّتي يتميّز بها المدعوّ ليكون تلميذًا للرّبّ يسوع".
وتضرّع "إلى الرّبّ يسوع، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النّجاة وشفيعة هذا الدّير الّذي هو أهمّ دير لنا، الدّير البطريركيّ، أن يحفظنا جميعًا ويحفظ النّازحين والمهجَّرين الّذين يتوقون أن يصلوا إلى الميناء، والعائلات والأطفال والصّغار والشّباب. ولا ننسى أنّ على الوعد الّذي يعده الشّابّ والشّابّة للزّواج أن يكون وعدًا دائمًا وليس وقتيًّا يتمّ التّراجع عنه حين يحلو لهم. علينا أن ندرك أنّ سرّ الزّواج المقدّس سرّ يباركه ربّنا، وهو يطلب منّا أن نكون أمناء له ولبعضنا البعض.
نسأل الرّبّ يسوع، بشفاعة أمّه وأمّنا، الّتي نلتجئ إليها في التّرنيمة الشّهيرة "يا أمّ الله"، بهذا البيت الّذي هو في الأساس من تراثنا السّريانيّ العريق: "ܐܶܢܦܰܓܪܶܟܝܪܰܚܺܝܩܡܶܢܰܢܩܰܕܺܝܫܬܳܐ܆ܨܠܰܘ̈ܳܬܶܟܝܥܰܡܰܢܐܶܢܶܝܢܒܟܽܠܥܶܕ̈ܳܢܺܝܢ"،وترجمتها "وإن كان جسمكِ بعيدًا منّا، فصلواتكِ هي معنا كلّ حين". إلى هذه الأمّ السّماويّة الّتي لا نراها جسديًّا لكنّها تبقى معنا دائمًا لأنّها تشفع بنا أمام الرّبّ يسوع، نبتهل كي تعيننا لنبقى على الدّوام هذه الكنيسة الّتي تعيش بالإيمان والرّجاء والمحبّة".
وقبل نهاية القدّاس، أقام البطريرك يونان تشمشت (خدمة) والدة الإله مريم العذراء، بعدئذٍ منح البركة الختاميّة بأيقونة العذراء. ثمّ بارك العنب والثّمار والفواكه، وجرى توزيعها على المؤمنين.