"الأخوّة تبدّل الصورة تمامًا": الكردينال شيرني
دعا عميد الدائرة الفاتيكانيّة للتنمية البشريّة المتكاملة، الكاردينال مايكل شيرني، في كلمته في المؤتمر، إلى عدم نسيان جذور ظاهرة الهجرة مشيرًا إلى وجود هوّة بين القيم المرتبطة بالهجرة، والتي بُنيت على أساسها القارّة الأوروبيّة من جهة، والخطاب السياسيّ الحالي من جهةٍ أخرى، وأكّد أنّ الهجرة بحدّ ذاتها ليست المشكلة.
في وقت يستعدّ فيه الناخبون في البلدان السبعة والعشرين الأعضاء في الاتّحاد الأوروبيّ للتوجّه إلى صناديق الاقتراع آخر هذا الأسبوع للمشاركة في الانتخابات الأوروبيّة، حذّر الكردينال شيرني من مغبّة جعل مسألة الهجرة تقتصر على المواضيع المجرّدة، داعيًا إلى الحديث عن "المهاجرين" لا عن "الهجرة"، ونفى صحّة الأقوال التي ترى في الهجرة أزمة عالميّة. وشدّد أيضًا على ضرورة اعتبار كلّ شخص مهاجر أخًا وأختًا لنا، مشيرًا إلى أن الأخوّة تبدّل الصورة تمامًا، لافتًا إلى أهمّيّة ألّا تنسى أوروبا جذورها المرتبطة بالهجرة.
تابع الكردينال كلامه متوقّفًا عند ضرورة صبّ الاهتمام على العوامل التي تدفع بالأشخاص إلى الهجرة وأضاف أنّنا نحن أيضًا، لو واجهنا الضغوط نفسها التي يتعرّض لها هؤلاء الأشخاص، لنزحنا عن بلادنا. وحثّ الكردينال الجميع على قراءة سفر الخروج، الذي تطرّق إليه الأب الأقدس في رسالته، متوقّفًا عند العمل القسريّ والعبوديّة والقمع، فضلًا عن الطموح إلى أرض الميعاد، ما حمل العبرانيّين على ترك أرض مصر.
شجّع الكردينال شيرني الجميع على توفير الضيافة للمهاجرين لأنّ اللقاءات معهم هي أوقات من الوحي الإلهيّ، مذكّرًا بأنّ الكنيسة تقوم حاليًّا بمسيرة سينودسيّة، وهي شكل من أشكال الهجرة، لافتًا في الختام إلى أنّ قبول المسافرين على هذه الأرض هو الطريقة التي نسير فيها معًا على دروب الحجّ نحو موطننا السماويّ.
كانت، في المؤتمر كلمة لـ "بليسينغ أوكوديون"Blessing Okoedion رئيسة جمعيّة "حائكات السلام" قدّمت فيها شهادتها بعد أن وقعت ضحيّة عصابات الاتّجار بالبشر وأُنقذت من براثنها بفضل شجاعة "السامريّين الصالحين" وقربهم. وروت أنّها تعرضت للاستغلال الجنسيّ. وقد تمكّنت من تأسيس هذه الجمعيّة بالتعاون مع نساء أفريقيّات أخريات عشْن الاختبار عينه. ومنذ العام ٢٠١٨ ساعدت الجمعيّة حوالى مئة وخسمين فتاة وامرأة على الخروج من أوضاع العبوديّة والانطلاق في مسيرةٍ من إعادة الاندماج الاجتماعي والانخراط مجدّدًا في سوق العمل. وتعمل الجمعيّة في نيجيريا على تمكين النساء، خصوصًا في المناطق الريفيّة.
هذه الولادة الجديدة التي اختبرتها "بليسينغ" تحدّثت عنها في كتاب بعنوان "شجاعة الحرّيّة" أعدّته بالتعاون مع إحدى الراهبات الإيطاليّات، وقد تابعت دروسها العليا في جامعة نابولي، وتمكّنت مع الوقت من إعادة اكتشاف القيم المسيحيّة، التي نقلتها إليها عائلتها لكنّها كانت تلوثّت مع مرور الزمن.
وتوقّفت إبّان المؤتمر الصحفيّ عند أهمّيّة الدعم السيكولوجيّ والعلاقة الشخصيّة مع ضحايا الاّتجار بالبشر الذين يعانون من هذه الصدمة لسنوات طويلة. وقامت، من خلال أطروحتها الجامعيّة، بتوثيق عمليّة إعادة إدماج النساء النيجيريّات ضحايا الاتّجار بالبشر في إيطاليا، من خلال مقابلات مع سبعين امرأة قمن بهذه المسيرة بين عامي ٢٠٠٤ و٢٠٢٢. ولفتت إلى أوجه الشبه بين الروايات التي أظهرت أنْ لا بدّ من بذل المزيد من الجهود لتنعم تلك النسوة بحياة طبيعيّة آمنة، وخالية من المخاطر.
وقد شهد المؤتمر الصحفيّ مشاركة الأخت باتريسيا موراي، أمينة السرّ التنفيذيّة للاتّحاد الدوليّ للرئيسات العامّات، التي تحدّثت عن الحواجز الجغرافيّة وجدران الرفض التي تعترض أشخاصًا ينزحون عن أرضهم بسبب الحروب والفقر. وقالت الراهبة الإيرلنديّة إنّ هؤلاء يستأهلون احترامنا واعترافنا بهم، معتبرة أنّ هذا الأمر يتحقق فقط عندما نقترب منهم ونلتقي بهم. وشدّدت على ضرورة أن نصغي إليهم ونساعدهم على النمو، من خلال المسيرة السينودسيّة التي تجتازها الكنيسة اليوم، لافتة إلى أنّهم رجال ونساء يمكن أن نتعلّم منهم الكثير شرط أن نسير معهم.