دينيّة
05 أيار 2018, 07:00

"اعطيني القربانة!"

ريتا كرم
يا يسوع يا يسوع أحلى وأطيب قربانة، يا يسوع يا يسوع نعمة ما إلها تاني، أوّل مرّة بحياتي عمبتناول هالنّعمة، برفع قلبي وديّاتي ربّي دوّقني الطّعمي، اعطيني القربانة..." لا نكاد نقرأ هذه الكلمات حتّى يبدأ القلب يتمايل على أنغام ترنيمة ردّدناها جميعًا عندما تقدّمنا للمرّة الأولى من أحد أعظم الأسرار: سرّ الإفخارستيّا، ويترنّح الوجدان ويأخذنا إلى يوم أعطِيَ للإنسان شرف الاتّحاد مع رأس الكنيسة ونيل عربون الحياة الأبديّة.

 

يومها لبسنا الثّوب الأبيض النّقيّ، وحملنا الصّليب افتخارًا بانتمائنا وضممنا أيدينا متوجّهين نحو المذبح بفرح لا يوصف وحماسة عظيمة لتقبّل القربانة الأولى من يد الكاهن، بعد مسيرة طويلة من التّنشئة الرّوحيّة، فالتقينا مع يسوع، وعدنا إلى بيوتنا مع "كلمة الله" المرسّخة في الإنجيل المقدّس كهديّة لنا، محمّلين بالتّذكارات الدّينيّة المتواضعة من الرّفاق، لينتهي النّهار بعد الاحتفال الدّينيّ بآخر اجتماعيّ صغير تعلن فيه العائلة فرحها بحصول ولدهم على يسوع الحيّ في القربان المقدّس.

وها هو شهر "أيّار"/ مايو المريميّ يحلّ لتزهر مع ورود الحقول والبساتين براعم هؤلاء الصّغار الّذين يملأون الكنيسة غالبًا في هذا الزّمن بضحكاتهم البريئة وصلواتهم الصّادقة وشوقهم للسّرّ الرّابع من أسرار الكنيسة السّبعة الّذي ينالونه بعد العماد والتّثبيت والاعتراف.

هذا السّرّ الّذي يقوم على تثبيت كلّ مسيحيّ في المسيح من خلال "الخبز" و"الخمر" العنصرين الأساسيّين فيه، تطبيقًا لوعد الرّبّ الّذي أطلقه في العشاء السّرّيّ: "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه"، وعلى تنمية الاتّحاد بيسوع والكنيسة وصون تجدّد حياة النّعمة الممنوحة في المعموديّة والتّثبيت، وتقوية المحبّة ومحو الخطايا العرضيّة والحفظ من الخطايا المميتة. فالإفخارستيّا "عربون المجد الآتي" تغمر المؤمن بالنّعم السّماويّة ليسير بثقة بالخالق على درب هذه الحياة.

إذًا لنثمّن هذه العطيّة الّتي منحنا إيّاها الله، ولا نجعلها فارغة من جوهرها الأساسيّ حاجبين إيّاه بالمظاهر والاحتفالات الفانية، بل لنكتسي بثوب الطّفولة ونهيّء قلوبنا لاستقبال ملكها، لندعّمها بالتزامنا ومواظبتنا، وبالاعتراف والمصالحة فنستحقّ هذه "الشّركة" متذكّرين دائمًا وأبدًا موت وقيامة المسيح، ولتكن مناولة كلّ ملائكة الكنيسة وعائلاتنا مباركة!