دينيّة
31 آذار 2018, 13:00

"اطّلّعي بالسّما، كلّنا عم نساعدِك".. القدّيسون تأهّبوا، مار شربل نفّذ والشّفاء تمّ!

ماريلين صليبي
نعمةٌ هي أن يترك قدّيس بصماته الشّفائيّة على حياة مريض أو يائس، فيغمرها بالعطف والحنان.. ولكن، كم هي مضاعفةٌ هذه النّعم وفائقةٌ هذه الشّفاعة عندما تتشارك السّماء بأمّها مريم وملائكتها وقدّيسيها لخلاص موجوع يسير صوب الموت الأكيد!

 

هي كريستيان يونس، التي أراد الرّبّ أن يوحّد بيته السّماويّ من أجل معافاتها من مرض السّرطان الخبيث، نالت شفاءً عظيمًا أطلعتنا على تفاصيله في حديث خاصّ لموقع "نورنيوز".

يونس كانت قد أجرت قبل اكتشافها المرض بـ11 شهرًا عمليّة لإزالة الآثار المتجمّدة من عمليّة قيصريّة سابقة (césarienne)، آثار تمّ استئصالها لزرعها وتشخيص نوعها إذ إنّها كادت أن تؤدّي إلى التهاب في بطانة الرّحم (endométriose). إلّا أنّ الطّبيب لم يؤكّد وجود مرض خبيث، في حين أنّ العمليّة هذه حرّكت خلايا السّرطان من دون إدراك الطّبيب والمريضة.

بعد سنة تقريبًا، وبعد فحوص طبّيّة عامّة تَطمئنّ من خلالها يونس على صحّتها، ظهر أنّ معدّل الـCA 125 يتجاوز الـ35 ليصل إلى 1300. لخطورة النّتائج، قصدت يونس طبيبًا آخرًا أكّد أنّ الوضع دقيق يستلزم عمليّة جراحيّة كبيرة تُستأصل فيها الأعضاء التّناسليّة النّسائيّة محدّدًا ظهور مرض السّرطان وضرورة إجراء العلاج الكيميائيّ.

عندها، أُصيبت يونس بصدمة نفسيّة رفضت على إثرها العلاج وانتابها اليأس. إلّا أنّها تمالكت نفسها والتجأت إلى العذراء مريم تشكي همّها وتقول "لَيْكي شو عِمْلو فيّي!"، لجوء دفعها إلى الانطلاق في مسيرة العلاج عند الطّبيب محي الدين سعود في الجامعة الأميركيّة.

هناك، خضعت لفحص الـScanographie CT scan أكّد فيه الطّبيب أنّ الحالة حرجة، فالمرض لامس المرحلة الثّالثة من الخطورة وانتشر في البطن والغدد والظّهر وشارف إصابة الكليتين.

في 27 نيسان، يوم عيد مولدها الذي صادف عيد الرّحمة الإلهيّة، وبعد معرفة نتيجة الفحص، أرسلها قلبها إلى مزار سيّدة لبنان في حريصا، دخلت كنيسة أمّ النّور وراحت تصلّي أمام صورة الرّحمة الإلهيّة: "ما في شي براسي صلّيه، بس يا يسوع أنا بوثَق فيك، امسحني بدمّك ومياهك، أنا بسَلْمك روحي وحياتي. ويا أمّي مريم أنا كلّ أوجاعي بْسَلِّمها إلِك."

وبعد تلاوة صلاة الأبانا والسّلام، غمرت يونس شجاعة فريدة وقوّة محت آثار الخوف واليأس، خصوصًا بعد أن تذكّرت حلمًا راودها منذ سنة رأت فيه نفسها تبكي دموعًا حارقة وتصلّي، دموع مسحها القدّيس يوحنّا بولس الثّاني الذي، عندما صرخت "خلّصني، ساعدني!"، وضع يده على رأسها وغادر تاركًا النّور المحيي.

مع اقتراب موعد العمليّة، 6 أيّار 2014، قامت يونس بسلسة من الزّيارات إلى أضرحة القدّيسين، فقصدت القدّيسة رفقا، ومشت في مسيرة مار شربل، وصعدت إلى حريصا سيرًا على الأقدام من جونية، وكان كلّ ذلك ممزوجًا بالفرح لا بالتّعب رغم المرض الأليم.

عشيّة العمليّة، تناولت يونس القربان المقدّس وحصلت على مسحة المرضى. صعدت بعدها إلى مار شربل في عنّايا بهدف أخذ البركة من يد تمثال القدّيس، وعند الوصول انهالت الدّموع غزيرةً وقالت: "أنا ما بعرف أطلب شفاعتك، قول لمريم تْوَصِّل ليسوع تِيْساعدني."

وأمام تمثال العذراء المواجه لتمثال مار شربل، صلّت يونس مع ابنتها مسبحة الأوجاع، صلّت لكلّ أهلها، للممرّضين وللطّبيب.

دقّت السّاعة السّادسة صباحًا منذرة بدء العمليّة، ترافقت إلى غرفة العمليّات مع زيت مار شربل ومار يوسف وسيّدة بشوات، غسل الطّبيب يديه بزيت مار شربل رغم أنّه مسلم، وانطلقت الجراحة.

استمرّت العمليّة ما يقارب الخمس ساعات، ساعات من النّعم اللّامتناهية؛ خلالها، استيقظت المريضة ورأت وجه العذراء، وجه رائع الجمال ممزوج بنور وحرارة ودفء وسلام، وجه طمأنها قائلًا: "أنا والقدّيسين ويسوع فوق راسك."

هذا ما حصل داخل غرفة العمليّات، أمّا خارجها فالإشارات السّماويّة حضرت أيضًا، إذ كانت إبنة يونس شانتال تصلّي في المستشفى وتقول: "نيّالا الماما عم تشوف العذراء."

وفي منزل يونس، حيث كانت العاملة النّيباليّة تستريح، حلمت أنّ صاحبة البيت كريستيان كانت جاثية في فستان عرس تصلّي وتقول: "أنا مريضة وتعبانة"، وظهر عليها ما شربل يصلّي في الإنجيل، يرشّ على رأسها مياهًا محيية، ويقول لها: "إنتِ رح تصيري منيحا، اطّلّعي بالسّما، كلّنا عم نساعدِك! ما تخافي، كلنا عَيْلة وحدة، وشانتال عم بتساعدك بالصّلاة."

وتُخبر العاملة أنّها رأت نورًا عظيمًا خلفه القدّيسون ومريم العذراء حاملة في ذراعيها يسوع المسيح، وتقول إنّها تفاجأت من أنّ مار شربل تكلّم باللّغة النّيباليّة وتلا الإنجيل بهذه اللّغة الغريبة عنه، وتؤكّد أنّ مار شربل التفت صوبها وقال لها: "أنا نيباليّ وهنديّ، بْساعد كلّ العالم، روحي خَبري شو شفتي."

انتهت العمليّة ناجحةً واستيقظت يونس من البنج، كانت في وعيها الكامل، تضحك، تجري اتّصالات هاتفيّة، تتحدّث براحة، لا أوجاع ولا أحزان، الأمر الذي فاجأ الأطبّاء.

أجرى الطّبيب فحوصًا كانت بمجملها سليمة، إلّا أنّ ألمًا وحيدًا لا بل تنميلًا في رجلها كان سببًا لحملها العصا. هنا كان التّأنّي والوقاية واجبين أساسيّين، فاقترح الطّبيب بدء العلاج الكيميائيّ لمدّة 15 يومًا، علاج رفضته يونس لتأكّدها من أنّ العناية الإلهيّة شفتها.

ارتدت يونس ثوب العذراء مريم، مسحت رجلها الأليمة بزيت مار شربل ومار ضومط وسيّدة فاطيما وعذراء ميديغوريه والقدّيسة ريتا وصلّت للأخيرة: "إنتِ شفيعة الأمور المستحيلة، ما بدّي إشفا طبّيًّا، بدّي الله يشفيني!"، وكان الجواب من قدّيسة المستحيلات سريعًا، إذ حلمتها يونس في اللّيلة عينها تقبّلها بحرارة وحنان.

رجل يونس شفت وسيرها عاد طبيعيًّا، ولكن ما إن بدأت العلاج الكيميائيّ حتّى رفضه جسمها بقساوة، وكأنّها إشارة من الله بأنّها ليست بحاجة إلى هذه العلاجات الفانية، لأنّ "الله ما بيعمل شي ناقص!".

الأوجاع ما انفكّت تلاحق يونس، إذ إنّ ورمًا راودها حين كانت تصلّي للقدّيسة تريزيا الطّفل يسوع في عيدها بقدّاس إلهيّ، ورم أدخلها المستشفى سريعًا، إلّا أنّ يونس كانت الفرحة تغمرها إذ صرخت "هلّلويا، يا مار شربل ما رح خاف!". الورم الذي أصابها تطلّب فحوصًا مستعجلة أكّدت نتائجُها شفاءَ يونس: معدّل CA 125 طبيعيّ ولا سرطان في جسمها!

"مريم العذراء، الرّوح القدس والرّحمة الإلهيّة وَدُّوني لمار شربل والقدّيسين؛ مياه الشّفاء كانت معموديّة جديدة إلي؛ القربانة هيّي علاجي الوحيد!" هكذا ختمت يونس شهادتها، شهادة تؤكّد مرّة جديدة نعم الله اللّامتناهية، فلنُبقي إيماننا قويًّا بأنّ السّماء مفتوحة لسماع صراخ آلامنا ومسرعة لنجدتنا، آمين!