"ارجعْ إلى نفسِك": البطريرك ساكو
قال البطريرك ساكو مفتتحًا تأمّله الذي بعنوان "ارجع إلى نفسك": "بين الفينة والأخرى، نحتاج الى أخذ قسطٍ من الراحة والخلوة والصمت، للخروج من الروتين وصخب العمل، والعودة إلى نفوسنا بكلّ هدوء، لنتمكّن من الوقوف عند نقاط تستحقّ أن نقف عندها ونراجعها، كالطموحات والاختيارات والتصرّفات والأسلوب. يتمّ هذا فرديًّا في الاختلاء "السكينة" أو جماعيًّا في الرياضات الروحيّة الدوريّة والسنويّة، فيكون مناسبة فريدة للعودة إلى الذاكرة والضمير الحي"ّ.
قال أيضًا: "ثمة قيَم وثوابت أساسيّة نحتاج إلى العودة اليها، وتجسيدها في الواقع اليوميّ، وتصويب الانحراف الذي يصيبها، لنعيش بسلام داخليّ وفرح ( مز119/ 165).
هل ندرك أنّنا نكذب حين ننشر أخبارًا ملفّقة، وفق معاييرنا الشخصيّة، لنبدو أقوياء؟ الحقيقة لا تحتاج إلى التلفيقات، والناس يدركون تصرّفاتنا عندما نكذب أو نسرق أو نظلم حتّى نَصعد!
الفقّاعات الكاذبة لا تُثبت أنّنا على حقّ، بل تكشف انفصامنا عندما نستخدم أدلّة كاذبة لتعزيز موقفنا! مؤلمٌ جدًّا، عندما يحوّل البعض الكذب إلى سلاح للاغتيال المعنويّ! لنبتعد عن أذيّة الناس لأنّ الله سوف يحاسبنا، خصوصًا عندما نكون مؤمنين ونصلّي".
تابع البطريرك ساكو: "لا أحد يولد كاملًا أو قدّيس، ولا يكفي أن نُعمَّد او نَقبل رسامة ما، حتّى نصير "آليًّا" قدّيسين. الكمال والقداسة مشروع طويل أصعب يُسمّيه يسوع "الباب الضيّق" (مت 7/ 13).
كلّنا معرَّضون للخطأ، ومن دون هذه المراجعة الصريحة سوف نعيش في حالة من الشدّ stress والقلق، وقد نخسر أصدقاءنا ونفوسنا"!
نستمدّ إيماننا من الربّ وهو جوهر مسيحيّتنا. علينا أن نعيشه بطريقة رائعة، ونعرف كيف نشعّ حولنا فرح عيشه بحماسة. إيماننا الداخليّ هو بوصَلتنا، وهو قبول شخصيّ ملزِم، لا يحتاج إلى فقّاعات كاذبة حينما نعيشه مقتنعين به فكرًا وقولًا وفعلًا".
أكمل البطريرك تأمّله: "المؤمن لا يخرج عن وصايا الله! إنّنا كمؤمنين، نعيش درب الصليب أكثر من عيشنا في دائرة الانتصارات! ألسنا علامات للآخرين!
عندما نصرّ "بعصبيّة عاطفيّة" على التمسّك بكل ما هو قديم من عادات وتقاليد عفى عليها الزمن، ألا نتقاطع مع توجّه الكنيسة الجامعة التي تدعو باستمرار إلى التجديد والتأوين والتنشئة المستدامة؟
أذكر على سبيل المثال المناولة. تقليدنا كلّه يُشير إلى المناولة على راحة اليد: فلماذا ننتقي ما نريد من إرثنا الروحيّ ونفرضه مزاجيًّا، لنترك الناس تتناول بطريقة خشوعيّة عن طريق اليد أو الفم. يقول مار أفرام "هلّموا أيّها الصائمون وتناولوا القدس على راحة يدكم، وتناولوا الحياة بلسانكم" (الموصل 1901 ص303)...خبرة الأجداد عِبرٌ وليست قيودًا، وعلى الكنيسة أن تتقدّم لتجعل الحاضر حقيقيًا ومفهومًا ومقبولًا".
إختتم البطريرك ساكو كلامه قال: "ليجرّب كلّ واحد منّا أن يبدأ بنفسه، ويبحث من دون خوف ويتساءل بانفتاح عميق ليصل إلى الحقيقة ويتوب، وسيرى كيف ستتغيّر حياته.
في هذه الظروف الصعبة لا بدّ من الرجاء لتتقدّم الحياة المسيحيّة. الرجاء فضيلة مسيحيّة لاهوتيّة، إلى جانب الإيمان والمحبّة. الرجاء يقوم على الثقة المطلقة بوعود الله وحضوره الذي يقودنا، ويمنحنا القوّة والصبر والاستمرار حتّى النصر.
يسوع هو مثالنا في الرجاء، وينبغي على المسيحيّين أن يحملوا الرجاء إلى العالم.
لِيَغمُرْكُم إِلهُ الرَّجاءِ بِالفَرَحِ والسَّلامِ في الإِيمان لِتَفيضَ نُفوسُكم رجاءً بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس" (رومة 15/ 13).