الفاتيكان
26 تموز 2024, 07:30

"إنّ مجتمعًا أخويًّا يُبنى بميثاق جديد بين الشبّان والمسنّين": البابا فرنسيس

تيلي لوميار/ نورسات
كتب البابا في تغريدةٍ له أنْ ثمّة حاجة إلى ميثاق جديد بين الشبّان والمسنّين كي تُروي عصارةُ من لديه خبرة طويلة في الحياة براعمَ الأمل لدى من هم في طور النموّ. وهكذا، نتعلّم جمال الحياة ونحقّق مجتمعًا أخويًّا. كتب البابا هذا في مناسبة الاحتفال بعيد جدَّي الربّ يسوع. هو البابا بولس السادس من شاء هذه المناسبة في العام 1969 تزامنًا مع إصلاح الرزنامة الليتورجيّة الجديدة، مع العلم أنّ الكنيسة كانت تحتفل بعيد الجدّين، يواكيم وحنّة، في يوميْن منفصليْن، للقدّيسة حنّة في السادس والعشرين من تمّوز/يوليو والقدّيس يواكيم في السادس عشر من آب/أغسطس، والآن صارت تحتفل لهما معًا في التاريخ الأوّل، بحسب "فاتيكان نيوز".

 

ذكّر البابا في تغريدته بما قاله حول جدّي الربّ يسوع لمّا كان في زيارة البرازيل سنة 2013. حينها قال إنّ القدّيسَين يواكيم وحنّة ينتميان إلى سلسلة طويلة نقلت الإيمان بالله ومحبّته، في إطار الدفء العائليّ، وصولًا إلى مريم التي حملت في رحمها ابن الله، ووهبته إلى العالم، وإلينا نحن أيضًا وأضاف أن ارتبطت ببيتهما القيمةُ الثمينة للعائلة، كمكان مميّز لنقل الإيمان.

شاء البابا فرنسيس أن يتمّ الاحتفال باليوم العالميّ للمسنّين هذا العام حول موضوع "لا تتخلّى عنّي في الشيخوخة" وهو يودّ أن يسلّط الضوء على الوحدة التي هي، وللأسف، الرفيقة المرّة لحياة العديد من المسنّين، الذين يقعون غالبًا ضحيّة ثقافة الإقصاء. والاحتفال بهذا اليوم يسلّط الضوء على مواهب الأجداد والمسنّين والإسهام الذي يقدّمونه لحياة الكنيسة، ويهدف أيضًا إلى تعزيز التزام كلّ جماعة كنسيّة في بناء روابط بين الأجيال، والتصدّي للوحدة، مدركين أن ليس حسنًا أن يكون الإنسان لوحده، كما جاء في سفر التكوين.

أضاف البابا قائلًا: "إنّ الله لا يتخلّى أبدًا عن أبنائه، ولا يقوم بإقصاء أي حجر، بل على العكس، هو يعلم أنّ الحجارة القديمة هي الركيزة الآمنة التي يمكن أن ترتكز إليها الحجارة الجديدة، وهكذا يُشيّد البناء الروحيّ". المسنّون هم الحجارة القديمة والهشّة، وعلى الرغم من ذلك تبقى ركيزةً لمستقبل المجتمع.

توقّف البابوات السابقون، في أكثر من مناسبة، عند الدور الذي يلعبه المسنّون في المجتمع:  

تحدّث البابا يوحنّا بولس الأوّل، في مقابلةٍ عامّة له مع المؤمنين عن امرأة مسنّة التقاها في إحدى دور العجزة وأعربت له عن عدم رضاها لأنّها، كانت تحظى بالطعام والدفء والسقف فوق رأسها، لكنّ ابنها وزوجته ما كانا يزورانها، ولم تتمكّن من رؤية أحفادها.

وقال البابا لوتشياني إنّ توفير الطعام والدفء للمسنّين ليس كافيًا لأن لا بدّ من الاعتناء بقلبهم. ولا بدّ من أن نكنّ لهم الحبّ والاحترام حتّى عندما يتقدّمون في السنّ.

البابا يوحنا بولس الثاني توقّف عند قيمة الإنسان، ومعنى حياته وكرامته خصوصًا في مراحل حياته الأخيرة، وقال إنّ الشيخوخة هي امتياز، وهي توحّد الجميع مهما اختلفت خلفيّاتهم لأنّ الموحِد لهم هي كرامتهم البشريّة.  

من هذا المنطلق ينبغي اعتبار الولوج إلى الشيخوخة امتيازًا، أوّلًا لأنّ هذا الأمر لا يحصل مع الجميع، ثمّ لكونه زمن الإمكانات الملموسة، إمكانات إعادة النظر في الماضي، والتعرّف على السرّ الفصحيّ وعيشه في العمق، لنكون مثالًا للكنيسة بالنسبة إلى شعب الله كلّه.

أمّا البابا بندكتس السادس عشر فتحدّث، في خلال زيارته إحدى دور العجزة عن أهمّيّة الضيافة المقدّمة للمسنّين، وتوقّف عند الكتاب المقدّس الذي يؤكّد أنّ مديد العمر هو بركة من عند الله، وبالتالي لا بدّ من النظر إلى الشيخوخة على أنّها عطيّة تستأهل الامتنان والتقييم. مع ذلك، مضى البابا راتزنغر يقول، غالبًا ما يقوم المجتمع، الذي يهيمن عليه منطق الربح المادّيّ، بإقصاء المسنّين، معتبرًا أنْ لا فائدة منهم. وهذا ما يولّد ألمًا كبيرًا لدى الأشخاص المهمّشين، الذين يعيشون الوحدة.

شجّع البابا فرنسيس الجميع على الالتزام، بدءًا من العائلات ووصولًا إلى المؤسّسات الرسميّة، في مساعدة المسنّين على البقاء في بيوتهم، لافتًا إلى أنّ حكمة الحياة التي يتمتّعون بها هي ذات قيمة كبيرة جدًّا.