الأردنّ
26 شباط 2020, 09:30

"أوعدني يابا " باسمة السمعان - عمّان

نورسات/ الأردنّ
لحظات الوداع دائما ترافقها مشاعر من الحزن والاشتياق والفراق والألم التي تعكس طبيعة الانسان الرقيقة والحساسة. فهي مشاعر طبيعة تتجاوب وتتفاعل مع اوقات الفرح والحزن والوداع ، ومشهد المطار ليس غريبا فنحن نشاهده دائما لكن المشهد الذي شدني والذي اثر في نفسي هي وصية الابن لوالده " أوعدني يابا "، عادة تكون الامور بالعكس:

كنت في وداع احد افراد العائلة في مطار الملكة علياء الدولي عندما استوقفني مشهد حزين لشاب في مقتبل العمر لا يتجاوز 20 عاما يودع عائلته وفي عناقه لوالده وسط سيل من الدموع يوصي أباه ويقول " اوعدني يابا ما تصرخ وتزعل امي  ، أوعدني" . 

الاب الذي يوصي ابنه ان يحافظ على الرسالة والهدف الذي سعى وراءه واستدعاه للسفر وترك وطنه وأرضه . 

الاب الذي يوصي ابنه ان يبقى على تواصل مع العائلة وان يعيش حياته ضمن القيم والمبادئ والأخلاق التي تربى عليها .

الاب الذي يوصي ابنه بأن يبقى على انتمائه لأرضه ووطنه وان يعود ليخدم مجتمعه ومواطنيه الطيبين . 

الاب الذي يوصي ابنه ان يكون امينا ذا أخلاق حميدة في تعامله مع الناس وأن ويكون شهادة حية امام الاخرين في بلاد الاغتراب .

الامور انقلبت وانعكست والابن الذي يوصي اباه :

يوصيه على والدته أن يرفق بها ويحافظ عليها فهي امانة يضعها بين يديه

يوصي والده بان يعاملها معاملة حسنة وألا يصرخ في وجهها ، 

يوصيه بأن يكون امينا لها محبا عطوفا ورحيما ، لكي يعود ويجدها كما تركها ، حضنا دافئا وملاذا امينا يساعده على تحمل غربته ، ومشقة معيشته بعيدا عن اهله وأرضه ووطنه .

 

لن أغوص في كتابة موضوع عن الأم ومعاني الأمومة فنحن لسنا في 21 اذار ( عيد الام)  ويكفي ما كتب ، ولن أكتب عن موضوع المرأة والانتهاكات التي تتعرض لها من سوء المعاملة وحرمانها من حقها في العيش بكرامة ، فمراكز حقوق الانسان والمؤتمرات المحلية والدولية ، ناقشت وأوصت وأقرت بما يكفي ،  ولن أكتب في موضوع معاني الابوة وكيف تكون زوجا وأبا ومثالا صالحا لابنائك لآن ربك أوصاك ودينك الزمك بها ، لكني أكرر : " أوعدني يابا بأن تفي بوعدك لإبنك المغترب" .