سوريا
14 كانون الأول 2021, 07:30

يونان من كاتدرائيّة مار جرجس للسّريان الأرثوذكس- الحسكة: سنبقى إخوة وكنيسة واحدة!

تيلي لوميار/ نورسات
في إطار زيارته إلى أبرشيّة الحسكة ونصّيبين، زار بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، مساء الأحد، كاتدرائيّة مار جرجس للسّريان الأرثوذكس- الحسكة، برفقة رئيس الأساقفة السّابق لأبرشيّة الموصل وتوابعها يوحنّا بطرس موشي، والمدبّر البطريركيّ لأبرشيّة الحسكة ونصّيبين الخوراسقف جوزف شمعي، والقيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة المونسنيور حبيب مراد، وأمين السّرّ المساعد في البطريركيّة الأب كريم كلش، وكاهن كنيسة مار بطرس وبولس في القامشلي الأب يوسف عاصي، والشّمّاس الإكليريكيّ فادي مرجان.

عند باب الكاتدرائيّة، كان مطران أبرشيّة الجزيرة والفرات للسّريان الأرثوذكس موريس عمسيح في الاستقبال، يحيط به كهنة الكاتدرائيّة وشمامستها وجموع غفيرة من المؤمنين. ثمّ دخل بموكب حبريّ وترأّس صلاة "الرّمشو" (المساء) بحسب الطّقس السّريانيّ الأنطاكيّ.

أمام الباب الخارجي، كان في استقبال غبطته صاحبُ النيافة مار موريس عمسيح مطران أبرشية الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس، يحيط به كهنة الكاتدرائية وشمامستها وجموع غفيرة من المؤمنين. فأُلبِس غبطته الغفَّارة وحمل الصليب والعكّاز الأبوي، دخل إلى الكاتدرائية بموكب حبري مهيب، على أنغام ترنيمة استقبال رؤساء الأحبار، تؤدّيها فرقة الكشّاف السرياني.  

ترأّس غبطة أبينا البطريرك صلاة الرمشو (المساء) بحسب الطقس السرياني الأنطاكي، ثمّ ألقى عمسيح كلمة ترحيبيّة قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة: "مباركٌ الآتي بإسم الرّبّ، طوبى لصانعي السّلام لأنّهم أبناء الله يُدعَون. أهلاً وسهلاً بكم يا صاحب الغبطة، بقدومكم إلى مدينتكم ومسقط رأسكم، هذه المدينة الّتي أحببتموها من كلّ قلبكم، لا بل خدمتم فيها كشمّاس، ورُسِمتُم فيها كاهنًا وأسقفًا، وخدمتم رعايا الجزيرة في السّبعينيّات، واختاركم الله كي تكملوا الرّسالة في الولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا قرابة الرّبع قرن. وبعد ذلك اختاركم الله كي تجلسوا على السّدّة البطرسيّة، وتكونوا راعيًا ومدبّرًا وربّانًا حكيمًا لكنيسته المباركة على إخوتنا وأشقّائنا من الكنيسة السّريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة المباركة.

فاليوم يومٌ تاريخيّ في حياة الجزيرة، وفي حياة هذه المدينة الّتي أنجبت رئيس أحبارٍ ليكون قائدًا ومدبّرًا حكيمًا وسفيرًا لمدينته وبلده الغالي سوريا في ترحاله في كلّ أصقاع الدّنيا. فيا صاحب الغبطة، نلنا البركة على يدكم في هذا اليوم كأبناء هذه المدينة المباركة، مدينة الحسكة الّتي نعتزّ بها، وقد أنجبت رؤساء أحبارٍ وأحبارًا وكهنةً وشمامسةً، فالجزيرة دائمًاً ولّادة، وفخرٌ للجزيرة في هذا العصر الّذي نعيش فيه أنّها أنجبت لنا بطريركين أنطاكيّين، هما: صاحب القداسة مار إغناطيوس أفرام الثّاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسّريان الأرثوذكس، وصاحب الغبطة مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان بطريرك السّريان الكاثوليك الأنطاكيّ. نسأل الرّبّ أن يديمكما ويحفظكما راعيين جليلين، وإن شاء الله على يدكما تتمّ الوحدة المسيحيّة، ونصلّي جميعًا ليكون العيد واحدًا بإذنه تعالى.

أهلاً وسهلاً بكم يا صاحب الغبطة، وبضيوفنا الأعزّاء، لا أقول ضيوفًا، بل أنتم أهل البيت، مع صاحب السّيادة مار يوحنّا بطرس موشي والآباء الخوارنة والكهنة. ونهنّئ أبونا يوسف عاصي الّذي نال البركة البارحة على يد صاحب الغبطة، ليكون كاهنًا وراعيًا لكنيسة مار بطرس وبولس في مدينة القامشلي الحبيبة. فيا صاحب الغبطة، مهما تكلّمنا عن غبطتكم، فأنتم أبٌ وراعٍ ومدبّرٌ حكيمٌ لكنيسة المسيح.

أتضرّع إلى الله كي يمدّ بحياتكم ذخرًا وفخرًا وبركةً للكنيسة، لأنّ الكنيسة اليوم بأمسّ الحاجة، وخاصّةً في بلدنا سوريا، إلى أبوّتكم ورعايتكم وغيرتكم وصلاتكم، حتّى يبعد اللهُ الغيمةَ السّوداء عن بلادنا وأهلنا. ونطلب منه تعالى أن يحمي شعبنا كي نبقى في أرضنا، أرض الآباء والأجداد، متجذّرين وراسخين في هذه الأرض الّتي جُبِل ترابها بدماء آبائنا وأجدادنا، ونحن على نفس المنوال نسير من أجل كنيستنا وبلادنا وشعبنا. أطال الرّبّ بعمركم يا صاحب الغبطة بركةً لنا وللكنيسة، وبارخمور".

بعدئذٍ وجّه البطريرك يونان كلمة مفعمة بمشاعر المحبّة الأخويّة والشّكر، بعنوان "ما أطيب وما أحلى أن يكون الإخوة ويسكنوا معًا"، عبّر فيها عن عميق شكره إلى المطران موريس عمسيح فقال: "أشكركم من كلّ قلبي لدعوتكم لي ولمرافقيّ، ومعي سيّدنا المطران مار يوحنّا بطرس موشي الّذي اقتُلِع من رعيّته في قره قوش بسهل نينوى- العراق، مع كهنته ورهبانه وراهباته وعشرات الآلاف من المؤمنين الّذين اقتُلِعوا من سهل نينوى على يد الإرهابيّين والتّكفيريّين، وظلّوا منفيّين لأكثر من عامين، إلى أن عادوا ونشكر الله، ونستطيع القول اليوم إنّ سهل نينوى ينهض من تلك الأزمة الّتي تبدو خانقة، بقوّة الرّبّ ونعمه وبالاتّكال عليه.

يرافقنا أيضًا المونسنيور حبيب مراد الّذي يعرفه كثيرون منكم، لاسيّما بين إخوتنا الآباء الأفاضل، والأب كريم كلش، إلى جانب الخوراسقف جوزف شمعي الّذي يخدم هذه الأبرشيّة المنكوبة بسبب الأحوال، ليس المناخيّة، وإنّما الأحوال المشؤومة لتمزيق سوريا الحبيبة".

وتابع: "نعم، أيّها الأحبّاء، نحن نبقى إخوةً، وقد صمّمنا أنّنا سنبقى كذلك، إخوة وكنيسة واحدة ذات إيمان واحد وتراث سريانيّ واحد ولغة سريانيّة واحدة وتقاليد واحدة ورثناها من آبائنا وأجدادنا على مرّ القرون رغم العواصف الّتي عصفت بهم. ونحن اليوم، إذا كنّا مسيحيّين، فالفضل في هذا لله تعالى طبعًا، والفضل أيضًا لهؤلاء المؤمنين الّذين ظلّوا راسخين بإيمانهم رغم الاضطهادات والتّشريد والشّهادة الّتي فُرِضت عليهم." وأضاف يونان: "إلتقينا بقداسة أخينا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثّاني يوم الجمعة الماضي في دمشق، وقد زارنا قداسته وتحادثنا وتبادلنا المشاعر الأخويّة والرّجاء، فكلانا يقوم بتفقُّد رعايانا في كلّ أنحاء العالم، شرقًا وغربًا. تبادلنا الحديث، وشهدنا على أنّه رغم كلّ ما حصل لنا من تدخّلاتٍ خارجيّةٍ جعلَتْنا نبتعد عن بعضنا البعض لفترة من الزّمن، لكنّنا سنظلّ متّحدين بالمحبّة الأخويّة، لأنّ معلّمنا الرّبّ يسوع قال لنا بأنّنا بمحبّتنا نفرض أنفسنا على الآخرين، ليس بالقوّة، ولكن بحضارة المحبّة، وبوحدتنا نستطيع أن نشهد للرّبّ يسوع.

نشكركم يا سيّدنا موريس من كلّ القلب، ونشكر الآباء الكهنة والشّمامسة والمؤمنين الّذين شاركوا في هذا اللّقاء الأخويّ. حفظكم الرّبّ جميعًا، ونرجو أن نعيش دائمًا بهذا الجوّ، جوّ الأخوّة والفرح، فالرّبّ يسوع هو فرحنا ورجاؤنا وخلاصنا".

وألبسَ نيافةُ المطران عمسيح البطريرك يونان صليب صدر، عربون محبّة بنويّة وإكرام وتقدير، وقدّم له كتابين تذكاريّين بعنوان "تاريخ السّريان في الجزيرة".

بدوره أهداه يونان أيقونة سيّدة النّجاة في دير الشّرفة البطريركيّ، ونسخة من كتاب "أكثر من نصف قرن من الخدمة والعطاء" تخليداً لهذه الزّيارة.

في الختام، منح البطريرك يونان بركته للحاضرين وانتقل إلى صالون الكاتدرائيّة حيص استقبل المؤمنين ونالوا بركته في جوّ من البهجة والمحبّة.