لبنان
02 نيسان 2021, 08:00

يونان ترأّس قدّاس خميس الفصح في كاتدرائيّة سيّدة البشارة - بيروت

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بطريرك السّريان الكاثوليك الأنطاكيّ مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، قدّاس خميس الفصح والبركة بالقربان المقدّس في خميس الأسرار، في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت.

في بداية القداس، أقام يونان مجموعة من الصّلوات والترانيم والقراءات المختارة من رتبة غسل أقدام التلاميذ التي تُقام عادةً يوم خميس الأسرار، لكن من دون أن يقيم هذه الرتبة بسبب الأوضاع الراهنة المتعلّقة بتفشّي وباء كورونا.

وفي عظته، تحدّث يونان بحسب إعلام البطريركيّة عن خميس الفصح أو خميس الاسرار الذي فيه "نحيي تذكار العشاء الفصحي، فكلّ الكنائس تحتفل بهذا اليوم العظيم الذي فيه علّمنا الرب يسوع أنّ الله هو المحبّة، والوداعة، والرحمة والشفقة. فحسبما سمعنا من الإنجيل المقدس ومن الأناشيد السريانية التي رنّمناها، إنّ الرب يسوع تواضع بشكلٍ لا يتصوّره إنسانٌ، وقام وركع أمام تلاميذه كي يغسل لهم أقدامهم".

وتوقّف عند "الحوار الذي دار بين الرب يسوع وشمعون بطرس، وبخاصّة المقاطع التي تخصّ اعتراض بطرس الذي، وبحسب مفهومه البشري، فإنّ المسيح متعالٍ جدًا وليس من المعقول أن يأتي ويتنازل ويغسل له قدميه. وبنتيجة هذا الحوار، أقنع الربُ يسوعُ بطرسَ بغسل قدميه، وعلّمه أنّ التواضع هو الفضيلة الأسمى في علاقاتنا مع بعضنا، إذ أراد الله أن يعلّم التلاميذ، ومن خلالهم كلّ واحدٍ منّا، أن نتواضع ونقبل بعضنا البعض بالوداعة الإنجيلية بحسب الرب يسوع"، مؤكّدًا أنّه "لا يمكننا أن نفهم المحبّة دون التواضع والتضحية والتنازُل، على عكس ما نجده في العالم اليوم، حيث كثيرون يتغنّون بالحبّ بكلماتٍ معسولةٍ، ولكنّهم يتغنّون بالأكثر بحبّ ذواتهم، وهم يودّون أن يَصِلُوا ويفرضوا ذواتهم على الآخرين".

وقال إنّ "خميس الأسرار هو خميس الكهنة وخميس سرّ القربان المقدس، سرّ الإفخارستيا، لأنّ يسوع، حين أسّس هذا السرّ العظيم الذي نجدّده كلّما اشتركنا في ذبيحة القداس، قال لتلاميذه: اصنعوا هذا لذكري، وأيقن التلاميذ بعدما صعد يسوع إلى السماء أنّ عليهم أن يحتفلوا دومًا بهذا السرّ العظيم بطريقةٍ روحيةٍ سرّيةٍ"، مشيرًا إلى أنّ "هذا السرّ كرّمه يسوع قبل أن يُصلَب ويموت على الصليب، كان هو الحمل المذبوح، وقد أعلن هو نفسُه ذلك لتلاميذه إذ أعطاهم أن يكملوا هذا الخبز وهذه الخمر كجسد يسوع ودمه".

وهنّأ الكهنة بهذا العيد، منوّهًا إلى أنّ "الكهنوت دعوةٌ من الرب، ويجب أن نقبلها بالشكر، وأن نحياها بحسب ما يرضي قلب الرب، وبالأمانة لما تعهّدنا به يوم رسامتنا الكهنوتية، وبالبذل والتضحية في خدمتنا".

وتحدّث عن الأوضاع الراهنة حيث "لا نزال اليوم نعيش في ظلّ أزمة وباء فيروس كورونا التي جعلت العالم كلّه يحيا ليس فقط القلق والشكّ وإنّما الخوف أيضًا، إذ أنّ هذا الفيروس لا يزال يتفشّى رغم وجود اللقاحات، ويسبّب الوجع والمرض والخوف ويخلّف الضحايا"، لافتًا إلى أنّنا "سواء كنّا في لبنان أو في بلاد الشرق حيث عاش أجدادنا الكثير من الهلع والخوف والاضطهاد والضيقات والصغوطات، فضلًا عن التهجير والقتل والجوع، حتّى انطلقوا في العالم أجمع، ندرك أنّ حياتنا على الأرض ليست التي نتمنّاها، بل نحن مدعوون إلى فرح السماء".

كما تحدّث عن الوضع الراهن في لبنان حيث "نعيش نوعًا من النكبات، وكثيرون منكم لم يعرفوها حتّى في أحلك أيّام الحرب، ولكن اليوم وللأسف الشديد، فلو أنّه ليس هناك حرب ولا قتال، لكن يسود الجوع والمرض والخوف والشعور بغياب الحكّام والسلطة التي يجب أن تكون قد جُعِلَت للخدمة وأن يعي المسؤولون واجباتهم. وهنا يبرز دورنا المحوري نحن المسيحيين في تغيير موقف الكثيرين من المسؤولين السياسيين الذين اخترناهم، إذ لم يعد بإمكان لبنان أن يتحمّل أكثر من ذلك، خاصّةً بعد التفجير الإجرامي لمرفأ بيروت، وتفشّي وباء كورونا، ممّا ضاعف الآلام والخوف والهلع بين المواطنين".

وتكلّم عن زيارته الأبوية والراعوية التي قام بها في الأيّام الخمسة الأخيرة إلى شمالي العراق، حيث أقام القداديس والصلوات لأبناء الكنيسة هناك، خاصّةً في كنيسة الطاهرة الكبرى في قره قوش التي خرّبها الإرهابيون والتكفيريون باسم الدين الإسلامي، وقد صلّى فيها قداسة البابا فرنسيس خلال زيارته إلى العراق، وفيها أيضًا أقام غبطته قداس الشعانين يوم الأحد الماضي، وبعد القداس انطلقت المدينة كلّها بعشرات الآلاف، في مسيرة ترأّسها غبطته، حيث سار الجميع في شوارع بلدة قره قوش مدّة ساعتين، مجدّدين الإيمان بالرب والثقة به، ومنشدين فرح دخول يسوع إلى أورشليم قبل الآلام والصلب والقيامة.

وإختتم "رافعًا الصلاة والابتهال إلى الرب يسوع، في هذا اليوم العظيم الذي فيه ندخل مسيرة الآلام حتّى القيامة المجيدة، ضارعًا إليه كي يساعدنا على عيش المحبّة والوداعة والتواضع على الدوام، فتكمل مشيئته فينا".

وبعد المناولة، أقيم زيّاح القربان المقدس داخل الكاتدرائية. وفي نهايته تمّ صمد القربان على منصّة وُضِعت فوق المذبح الرئيسي لفترة من السجود والتأمّل. ثمّ منح غبطته المؤمنين البركة الختامية.