لبنان
15 كانون الأول 2020, 06:00

يونان: المسؤولون الذين يدّعون الزّعامة المسيحيّة في لبنان لم يكونوا على مستوى هذه المسؤوليّة!

تيلي لوميار/ نورسات
حمّل بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان "المسؤولين الّذين يدّعون الزّعامة المسيحيّة في لبنان" المسؤوليّة في ما آلت إليه الأوضاع في لبنان "في ظلّ هذا الوضع المعيشيّ والاجتماعيّ والسّياسيّ المؤلم والّذي لم نكن لنتوقّعه أبدًا"، وذلك في عظة ألقاها خلال احتفاله بعبد مار بهنام وأخته ساره في قدّاس إلهيّ في كنيسة الرّعيّة الفنار، عاونه فيه رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السّينودس المقدّس أفرام يوسف عبّا والآباء الكهنة، بحضور جمع من أبناء الرّعيّة.

ونقلت أمانة سرّ البطريركيّة، في بيان، عظة البطريرك يونان الّتي ألقاها للمناسبة بعد الإنجيل المقدّس، وقد قال: "جئنا اليوم إلى بيت الله في هذه الكنيسة المباركة رغم التّحدّيات الّتي تجابهنا، سواء هنا وفي لبنان كلّه وفي العالم، تحدّيات هذا الوباء، فيروس كورونا الّذي انتشر ويزرع الرّعب أينما كان"، معربًا عن فرحه بالاحتفال "بعيد القدّيسين الشّهيدين مار بهنام وأخته سارة، شفيعَي الرّعيّة، اللّذين قدّما ذاتهما مع أربعين من رفاقهما، ذبيحةً تشارك الحمل الإلهيّ، ذبيحة الاستشهاد، في القرن الرّابع الميلاديّ."

وذكّر "أنّ المسيحيّين كان لهم الدّور الكبير في تأسيس لبنان، لبنان الكبير، والّذي نعلم كيف ضحّى هؤلاء المسيحيّون كي يبقى لبنان مشعلاً للحرّيّة"، متأسّفًا لأنّه "لم تكن لدى المسيحيّين الرّؤية الحكيمة والشّجاعة كي يعرفوا أن يستمرّوا بالحفاظ على لبنان الرّسالة، لبنان الحرّيّة، لبنان الوطن لجميع المواطنين بالمساواة وبدون تمييز."  

وتابع متناولاً الوضع في لبنان: "يحب أن نقرّ ونقرع صدورنا، لأنّ المسؤولين الّذين يدّعون الزّعامة المسيحيّة في لبنان لم يكونوا على مستوى هذه المسؤوليّة الّتي أولاهم إيّاها الشّعب، وجميعنا نتكلّم، سواء سرًّا فيما بيننا أو علنًا، مدركين أنّ على عاتق الزّعماء والمسؤولين المسيحيّين يقع جزءٌ كبيرٌ من المسؤوليّة عمّا وصل إليه لبنان في ظلّ هذا الوضع المعيشيّ والاجتماعيّ والسّياسيّ المؤلم والّذي لم نكن لنتوقّعه أبدًا"، مشدّدًا على أنّنا "مع ذلك كلّه، سنبقى شعب الرّجاء، وسنبقى تلاميذ الرّبّ يسوع، غير ناسين ما يذكّرنا به مار بولس القائل: إن كان الله معنا فمن يقدر علينا".  

ولفت إلى أنّنا "كنّا ونبقى أمناء للرّبّ يسوع على مدى العصور، لسنا جددًا في الإيمان، بل نحن نحمل في قلوبنا ونفوسنا شعلة الإيمان الّتي أورثنا إيّاها آباؤنا وأجدادنا في الماضي، ونحن نعتزّ أن نحافظ على الأمانة لهذا التّراث الرّوحيّ الّذي ورثناه من أسلافنا البررة الّذين عاشوا حياتهم بشكل يوميّ مضطهَدين ومظلومين، وحاولوا أن يبقوا دائمًا أمناء للرّبّ يسوع ولتعاليم الإنجيل وللوديعة والتّراث والكنز الرّوحيّ في إيماننا المسيحيّ."

وتناول يونان الأوضاع الرّاهنة في منطقة الشّرق الأوسط فقال: "نمرّ اليوم بأزمات كثيرة، ماليّة واقتصاديّة واجتماعيّة وسياسيّة. إنّنا نتذكّر أنّ المسيحيّين، إن كانوا في سوريا أو في العراق، تحمّلوا ولا يزالون يعانون ويتحمّلون الكثير، لأنّهم أقلّيّات ومكوّنات صغيرة، ونحن نفتخر أنّهم ظلّوا متجذّرين في أرضهم رغم كلّ الويلات الّتي حلّت بهم"، منوّهًا إلى أنّ "هذه التّجربة الّتي يتعرّضون لها هي ترك البلاد الّتي لم تعرف أن تحميهم، لكنّنا نظلّ نذكّرهم ونذكّر الجميع أنّ آباءنا وأجدادنا تعذّبوا كثيرًا من أجل التّمسّك بإيمانهم بالرّبّ يسوع، ونحن لن نتخلّى أبدًا عن بلادنا في الشّرق، عن لبنان وسوريا والعراق ومصر والأراضي المقدّسة والأردنّ، بسبب الضّغوطات المتنوّعة الّتي نتعرّض لها من جرّاء الإرهاب الّذي حلّ في السّنوات الأخيرة."  

وأكّد أنّنا "نرافق إخوتنا وأخواتنا الّذين لم يجدوا حلّاً ومنفذًا سوى التّهجير، نرافقهم بصلواتنا وأدعيتنا، ونسأل الرّبّ أن يكون دائمًا الحامي لهم وسبب سعادتهم في الحياة الدّنيا"، لافتًا إلى أنّنا "يجب أن نكون ذوي مصداقيّة، فالمسيحيّون في لبنان، هذا البلد الّذي كان يجب أن يكون الملجأ لجميع المظلومين، لم يعرفوا للأسف أن يستقبلوا إخوتهم من البلاد الّتي تهجّروا منها ويوفّروا لهم الأمان والضّمانة كي يعيشوا في لبنان بالحرّيّة الدّينيّة الحقيقيّة والكرامة الإنسانيّة."  

وفي نهاية القدّاس، منح البطريرك يونان البركة الختاميّة بذخيرة القدّيس بهنام، الّتي كان قد أحضرها معه من دير مار بهنام الشّهير في سهل نينوى بالعراق لدى احتفاله بعيده في العام الماضي.