يونان استقبل ذخائر تريزيا الطّفل يسوع في رعيّة عذراء فاتميا- جونيه
وللمناسبة، زار بطريرك السّريان حلّت ذخائر تريزيا الطّفل يسوع بركة، صباح الإثنين، على كنيسة عذارء فاتيما في جونيه الّتي وصلت إليها عند التّاسعة والنّصف صباحًا.
الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان الكنيسة فتبارك من الذّخائر، ورفع الصّلاة إلى الرّبّ بشفاعتها من أجل الكنيسة والمؤمنين في كلّ مكان، وخاصّةً من أجل كنيسته، ومن أجل رعيّة عذراء فاتيما. كما صلّى من أجل السّلام في لبنان والأراضي المقدّسة ومنطقة الشّرق الأوسط والعالم، ومن أجل انتهاء الحرب الضّروس الدّائرة حاليًّا بين إسرائيل وإيران، والحروب والنّزاعات في كلّ مكان، لاسيّما في قطاع غزّة، وبين روسيا وأوكرانيا.
بعدها وجّه يونان كلمة أبويّة استهلّها بالتّعبير عن الفرح الكبير باستقبال ذخائر القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع للمرّة الثّانية في لبنان، مؤكّدًا أنّ "زيارتها هي مبعث رجاء وطمأنينة بأنّ ربّنا خلقنا للمحبّة وللسّلام. فهذه القدّيسة ارتفعت إلى السّماء في أيلول عام 1897، بعد أن أصيبت بداء التّيفوئيد، وهي بعمر 24 سنة، وقد تقدّست عام 1925، أيّ أُعلِنَت قداستها منذ 100 سنة، وتعرّف العالم كلّه عليها، وانتشر تكريمها في كلّ أرجاء المسكونة، شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا، فليس هناك أبرشيّة كاثوليكيّة إلّا وفيها كنيسة على اسم القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع".
وأشار إلى أنّ "هذه القدّيسة أُعلِنَت شفيعة المُرسَلين، مع أنّها عاشت حياتها الرّهبانيّة داخل الدّير، كانت تتمنّى أن تُرسَل كمُرسَلة تبشّر بيسوع، لكنّها قبلت أن تعيش هذه الحياة الوديعة المتواضعة، وقد كتبت في قصّة حياتها l’histoire d’une âme، ونحن كإكليريكيّين قرأنا هذا الكتاب المليء بالتّقوى الخارقة لهذه الرّاهبة الّتي تعلّمت أن تعيش ما تسمّيه la petite voieالطّريق الصّغير، من دون أن تعلن عن مشاريع أو عن أعمال باهرة. كانت تعيش حياتها اليوميّة بالتّواضع والوداعة مثل أمّنا مريم العذراء. كانت تبتسم دائمًا لمن هم حولها، حتّى في أصعب لحظات مرضها. علّمَتْنا في كتابها الرّائع جدًّا والبسيط أنّنا، كيفما كنّا، فالرّبّ يعرف قلوبنا ونيّاتنا، وليس علينا أن نُشهِر أنفسنا أو أن نطلب من الرّبّ أن يُشهِرنا، المهمّ أن نعيش حياتنا بالوداعة والقداسة والمحبّة والسّلام، وربّنا يعرف كيف نعيش، وهو يعرف كيف يقدّسنا".
ولفت، بحسب إعلام البطريركيّة، إلى أنّ "هذه القدّيسة هي ابنة عائلة مبارَكة، عائلة لويس وزيلي مارتان، هذان الزّوجان، هما الوحيدان اللّذان تقدّسا، منذ عشر سنوات عام 2015، كرجل وامرأة معًا، وأصبحا قدّيسَين. وهذا الأمر هو فريد من نوعه، لأنّ لويس وزيلي مارتان كان لهما خمس بنات، وأصبحْنَ كلّهنَّ راهبات، وصغيرتهنَّ تريزيا الّتي كانت مدلَّلة ومرّت بمراحل دقيقة جدًّا وحرجة وصعبة، وتقدّست في الدّير. نحن، أحبّائي، نتعلّم من هذه القدّيسة ما نسمّيه sa petite voie, son petit chemin، فنقدّم للرّبّ حياتنا وأعمالنا وكلامنا وصلواتنا، مهما كانت صغيرة، وهو يعرف كيف يحوّلها إلى نِعَم لنا ولمن هم حولنا".
وأكّد على أنّه "يجب ألّا ننسى أنّ الرّبّ لا يطلب منّا أشياء عظيمة، إنّما يطلب منّا أن نعيش الحياة الّتي يدعونا إليها كمسيحيّين وكتلاميذ للرّبّ يسوع، نتبعه مهما كانت الظّروف الّتي نعيشها ونختبرها في حياتنا، ونقدّم كلّ آلامنا وصعوباتنا وتضحياتنا، كي يحوّلها الرّبّ إلى نِعَم، لاسيّما في هذا الزّمن الصّعب الّذي نعيشه. كانت تريزيا تطلب دائمًا أن تتمكّن من نشر المحبّة والسّلام كما تنشر الورود حولها، وليس هناك أحلى من الورد. ويذكرون أنّ والدها، قبل أن يتوفّى، قدّم لها الوردة، وطلب منها أن نتظر إلى هذه الوردة، لافتًا نظرها إلى أنّه حتّى أصبحت هذه الوردة جميلة، فقد اهتمّ فيها الرّبّ كثيرًا، وأنّها (أيّ تريزيا) هي أيضًا، الرّبّ يهتمّ بها، لذا لا يجب عليها أن تشكّ بمحبّة ربّنا أبدًا".
وأضاف: "إنّ زيارة ذخائر القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع هي بالحقيقة بركة كبيرة للبنان عامّةً ولهذه الكنيسة خاصّةً، ونحن ممتنّون جدًّا للأب أوليفيه وجميع أعضاء الوفد المرافق. هذه القدّيسة معروفة في العالم كلّه بتواضعها وحياتها البسيطة، ونحن بشفاعتها نسأل الرّبّ أن يبارك لبنان ويعيد إليه الأمن والسّلام، حتّى يعيش جميع أبنائه دعوتهم للرّبّ بالسّلام والمحبّة. ونضرع إلى الرّبّ، بشفاعتها أيضًا، في هذه الأيّام الصّعبة، من أجل السّلام في البلدان المجاورة لنا بسبب العنف الّذي يحصل فيها، ولاسيّما في الأراضي المقدّسة. ونسأله أيضًا أن يلهم المسؤولين الكبار في العالم كي يطلبوا من جميع الحكّام ليعيشوا الأمن والسّلام والاحترام المتبادَل مع البلدان الأخرى، ويعلنوا لهم على الدّوام الحقّ بالمحبّة، إذ لا يجب أن نتنصَّل أبدًا من قول الحقيقة مهما كانت النّتائج".
وإختتم ضارعًا "إلى الرّبّ، بشفاعة العذراء أمّنا، سيّدة فاتيما، والّتي منذ أكثر من مئة سنة ظهرت في فاتيما بالبرتغال للأطفال الثّلاثة واشتهرت كمحجّة للمؤمنين، وبشفاعة القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع، وجميع القدّيسين والشّهداء، أن يباركنا جميعًا، ويقوّي فينا النّيّة الصّالحة أن نتبعه مهما كانت الصّعوبات، وأن يحلّ أمنه وسلامه في لبنان الّذي طال زمن معاناته، لأنّ هذا البلد الصّغير يحتاج ويستحقّ أن يعيش بالمحبّة والسّلام، وكذلك في الأراضي المقدّسة وفي منطقة الشّرق الأوسط والعالم بأسره".
وكان كاهن الرّعيّة الأب يوسف درغام قد ألقى كلمة رحّب فيها بالبطريرك، سائلًا الله أن يديمه بالصّحّة والعافية والعمر الطّويل، طالبًا بركته الأبويّة لهذه الرّعيّة، وشاكرًا إيّاه بإسم جميع أبنائها على ترؤّسه هذه المناسبة، سائلًا شفاعة القدّيسة تريزيا.
وفي الختام، أقام يونان زيّاح القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع، ومنح الجميع البركة بأيقونتها وذخائرها.