أميركا
04 تموز 2023, 13:50

يونان احتفل بعيد مار توما في كنيسته بميشيغان

تيلي لوميار/ نورسات
على مذبح كاتدرائيّة مار توما- ديترويت- ميشيغان، احتفل بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان مساءً بقدّاس عيد مار توما الرّسول، عاونه فيه مطران أبرشيّة سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية برنابا يوسف حبش، ومدير إكليريكيّة سيّدة النّجاة البطريركيّة في دير الشّرفة ومنسّق رعويّة الشّبيبة اسحق جول بطرس، والخوراسقف توما عزيزو، وكاهن الرّعيّة الأب منتصر حدّاد، بمشاركة لفيف من الإكليروس وحضور جمع من المؤمنين.

وللمناسبة، ألقى يونان عظة بعنوان "طوبى للّذين آمنوا ولم يروا"، وقال: "اليوم 3 تمّوز هو عيد الرّسول توما الّذي يذكره مار يوحنّا في الإنجيل المقدّس في هذا الحدث المعبّر. لقد أصبح توما عنوان الشّكّ، لكنّ هذا الشّكّ تبدّل إلى إيمان قويّ وراسخ. نعرف أنّه بعدما توجّه إليه الرّبّ يسوع قائلاً: كن مؤمنًا ولا تكن غير مؤمنٍ، سجد توما أمام يسوع، وقال هاتين الكلمتين اللّتين تعنيان لنا الكثير: ربّي وإلهي. إعترف توما بيسوع أنّه هو الرّبّ وهو الإله، وهذا ما نكرّره دومًا في قانون الإيمان: يسوع المسيح هو ابن الله الّذي تأنّس وتمّم سرّ الفداء لأجلنا."  

وتابع: "معنا اليوم سيادة المطران مار اسحق جول بطرس الّذي أُوكِل رعاية الشّبيبة، وقد أتى كي يقوم بإرشاد الشّبيبة في المؤتمر الّذي سيُعقَد هنا في كاتدرائيّة مار توما من الخميس القادم حتّى الأحد، وهو المختصّ برعاية الشّبيبة والمرشد الوطنيّ في لبنان للشّباب الجامعيّين. ولا يخفى عليكم، معنا اليوم الخوراسقف توما الّذي خدمكم ولا يزال يخدمكم، واليوم عيده، نتمنّى له دوام الصّحّة والعافية والعمر المديد، ونصلّي كي يعطينا الرّبّ كهنةً أمناء ومخلصين للرّبّ يسوع وللكنيسة. كما نفتخر بكهنتنا الشّباب الموجودين معنا اليوم، بدءًا بالأب منتصر الّذي يخدمكم، والآباء الحاضرين كلّاً باسمه.  

إذا أردنا أن نكون فعلاً رسل المسيح، علينا أن نتبع مثال الرّسل. ويخبرنا التّقليد أنّهم انطلقوا كي يقوموا بالبشرى ويتمّموا ما قاله لهم يسوع: إشفوا المرضى، كما سمعنا من القراءة الأولى من سفر أعمال الرّسل. ونعرف أنّ توما الرّسول، كما يعلّمنا التّقليد السّريانيّ خاصّةً، بشّر في بلاد ما بين النّهرين أيّ العراق، ثمّ اتّجه شرقًا إلى الهند، وحتّى اليوم هناك كنائس في الهند على اسم مار توما، كنائس سريانيّة في ولاية كيرالا خاصّةً، فالملايين موجودون في كيرالا منذ زمن مار توما، وبشكل خاصّ منذ القرن الرّابع، عندما انطلق السّريان من جنوب العراق ومن سوريا كي يكملوا البشارة في الهند".

وأضاف: "إنّنا موجودون اليوم معكم بشكل خاصّ كي نشارك شبيبتنا الفرح والحماس، فالشّباب ليسوا فقط المستقبل، بل هم الحاضر للكنيسة، للكنيسة الجامعة عامّةً، وبشكل خاصّ لكنيستنا السّريانيّة الحديثة الحضور في أميركا الشّماليّة وفي بلاد الانتشار. نحتاج إلى الشّباب كي يعطونا هذا الحماس للالتزام بالرّبّ يسوع وبالكنيسة رغم كلّ الصّعوبات والتّحدّيات الّتي تعرفونها جيّدًا اليوم في المجتمعات الغربيّة، كما في أميركا وأوروبا. نحتاج إلى شبّان وشابّات يكونون أقوياء في الإيمان، ويجيدون السّباحة ضدّ التّيّار، كي يبقوا أمناء للرّبّ وللكنيسة ولتعاليم وتوصيات آبائهم في بلادنا المشرقيّة".

وأكّد على أنّ "الرّسالة الّتي سيؤدّيها الشّباب ليست سهلة أبدًا، لذلك يحتاجون إلى صلواتنا وتفهُّمنا ومرافقتنا لهم، كآباء وأمّهات، فنقدّم لهم المثل بالفعل قبل القول، أيّ أن نكون آباءً وأمّهاتٍ يعرفون أن يتجرّدوا أحيانًا حتّى عن آرائهم وعن قناعاتهم، كي يحافظوا على رباط العائلة الّتي هي الكنيسة البيتيّة."  

وحثّ المؤمنين "على مرافقتنا بالصّلوات وبالفرح كي نستطيع أن نرافق شبابنا في مسيرتهم نحو الرّبّ يسوع، حتّى يكونوا مثالاً للمؤمنين، كما كان الرّسل الّذين اختارهم يسوع وانطلقوا في العالم. فلا يفكّرون بأيّ همّ أو مصلحة إلّا نشر إنجيل الخلاص".  

وضرع "إلى الرّبّ يسوع، بشفاعة أمّه مريم العذراء سيّدة النّجاة، الّتي هي أمّنا وأمّ الكنيسة، ومار توما الرّسول شفيع هذه الرّعيّة، والّذي نحتفل اليوم بعيده، وجميع القدّيسين والشّهداء، من أجل حماية أولادنا وشبيبتنا."

وكان المطران برنابا يوسف حبش قد ألقى كلمة في بداية القدّاس، ذكّر في مستهلّها بقول مار بولس الرّسول: "أكرِموا رؤساءكم الّذين يسهرون عليكم كمن يؤدّي الحساب"، مرحّبًا "برئيسنا وراعينا، غبطة أبينا البطريرك، مع إخوتي الكهنة الحاضرين الشّباب الّذين يخدمونكم بفرح. كما نرحّب بسيادة المطران جول بطرس الشّابّ والمسؤول عن خدمة الشّبيبة، وبالمونسنيور حبيب مراد الّذي يُتَعِّب التّعب ولا يتعب."

وتابع: "كلمات التّرحيب ليست بالوافية بغبطتكم، بقدر ما يليق بنا أكثر من ذلك أن نشكركم على أبوّتكم وغيرتكم والجهود الجبّارة الّتي بذلتموها، إذ على يدكم المباركة وُلِدَت أبرشيّة سيّدة النّجاة العامرة، هذه الأبرشيّة الّتي شاء الله أن يكون غبطته أوّل أسقف ورئيس لها، وهو الّذي قَدِمَ من لبنان سنة 1986، ولم يألُ جهدًا بغيرة متّقدة، وكان لا يتوانى عن السّفر وزيارة ورعاية أبناء الكنيسة السّريانيّة في مختلف المناطق والولايات، حيثما يُذكَر له أنّ هناك جماعة سريانيّة، ولو كانت عائلة واحدة.

لا أريد أن أمدح غبطته، لكنّي أريد أن أمجّد الله تعالى في غيرة كاهن، وهذا درسٌ لي ولإخوتي الكهنة. كان غبطته، حتّى أيّام الآحاد صباحًا في منطقة نيوجرزي، يجول بسيّارته "الفان" القديمة من بيتٍ إلى آخر، ويجمع النّاس، ويأتي بهم قبل القدّاس إلى الكنيسة. هذه وقائع أستذكِرُها كشاهد عيان، وكنتُ أتعجّب من هذه الغيرة، وكان غبطته يطوف من ولاية إلى أخرى ليتابع رعاية المؤمنين، وخاصّةً بين نيوجرزي وكاليفورنيا. هذه الغيرة وهذا الجهد وهذا الإيمان وهذا المفهوم الرّائع نتعلّم منه نحن الإكليروس والعلمانيّون أنّ الكهنوت هو الخدمة وليس الزّعامة أو السّمعة أو الشّرف العالميّ، بل هو الغيرة المتّقدة الّتي يريد أن يبيّن بها حبّه العميق لكنيسته. فكان غبطته يضحّي كثيرًا، والّذي يضحّي هو عادةً المملوء حبًّا، إذ عندما ترون شخصًا يضحّي، اعرفوا كم فيه حبٌّ، والّذي لا يعرف أن يضحّي، فلديه حبٌّ قليل.  

سيّدنا البطريرك لديه حبٌّ كبيرٌ لأبرشيّته وكنيسته، لذلك شاءت العناية الإلهيّة أن تختاره أوّل أسقف لأبرشيّة سيّدة النّجاة في أميركا الشّماليّة وكندا. ولم يكن يتعب في خدمة المؤمنين في هذين البلدين المتجاورين. أنا شخصيًّا أقول بكلّ صراحة وأمانة أمام الله: لقد تعلّمتُ من غبطته روح الخدمة والحبّ الغير مشروط لخدمة كنيستنا وأبرشيّتنا، والأبرشيّة هي كنيسة المسيح حسب تعليمنا اللّاهوتيّ. كم يحلو ويجمل بنا أن نرحّب بغبطته ونتعلّم منه، لأنّ عمل البطريرك ومهمّته ورسالته هي أن يكون أبًا للكنيسة، وتعرفون أنّ الأب لا يرتاح ما لم يجد بيته عامرًا وناجحًا، وأولاده فرحين، لذلك لا يتأخّر غبطته في زيارة أبناء الكنيسة حيثما كانوا، حتّى أنّ البعض يقول لماذا يسافر غبطة البطريرك كثيرًا. لكن إذا رجعنا إلى ذاتنا، نجد كم يكلّفه هذا السّفر من جهود وأتعاب.  

أودّ أن أمجّد الله في خدمة غبطته وأتعابه وتضحياته، مع إخوتي وأخواتي الّذين يحبّون غبطته من كلّ قلوبهم، الجميع يحبّون غبطته. لذلك هذا التّجاوب، إذ جاؤوا جميعًا إلى هنا كي يفرحوا بكم يا سيّدنا صاحب الغبطة، وجميعنا نقول لكم يا سيّدنا كما قيل للرّبّ يسوع: مباركٌ الآتي باسم الرّبّ، مباركٌ أنتَ يا سيّدنا، أبًا ورئيسًا ومعلّمًا وحاميًا للإيمان المقدّس. نسأل الله في هذا القدّاس أن يمدّكم بالصّحّة والعافية والبركة، ومن نجاح إلى نجاح إن شاء الله، لمجد اسم الله القدّوس وخير الكنيسة والمؤمنين."  

بدوره، شكر الأب منتصر حدّاد البطريرك يونان في ختام القدّاس، لافتًا إلى أنّ هذه الزّيارة الرّسوليّة "تعطي دعمًا لمؤمني بلاد الانتشار"، وقال: "حضوركم يا غبطة أبينا البطريرك مع الأساقفة الأجلّاء والآباء يعطينا زخمًا ودفعًا إلى الأمام لنعيش رسوليّة الكنيسة، خاصّة ونحن نتأمّل بسرّ الرّوح القدس في الزّمن الطّقسيّ الحاليّ، وهو الّذي يذكّرنا بكلّ ما يريده الرّبّ منّا، فنقبله، ويشجّعنا للانطلاق إلى طرقات العالم والشّهادة لقيامة المسيح. نرحّب بكم في زيارتكم الأبويّة، ونتمنّى لكم مع الوفد المرافق لكم طيب الإقامة في أبرشيّتكم الّتي تولّيتم رعايتها كأوّل أسقف عليها، خاصّةً ونحن سنجتمع بعد أيّام قليلة لنتحدّث عن دور الكنيسة في اهتمامها بالشّبيبة، وما ينتظره الشّباب من الكنيسة. ليشملكم الرّبّ دائمًا بعنايته، حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً".  

ثمّ أقيم تطواف لمناسبة نهاية شهر قلب يسوع الأقدس. وبعد البركة كان لقاء في قاعة الكاتدرائيّة مع البطريرك يونان.