يونان احتفل برتبة السّجدة للصّليب ودفن المصلوب
وألقى يونان عظة بعنوان "وأنا متى ارتفعتُ جذبتُ إليّ جميع البشر" (يوحنّا 12: 32)، أشار فيها بحسب إعلام البطريركيّة إلى "أنّنا نقيم اليوم هذا الاحتفال، رتبة السّجدة للصّليب يوم الجمعة العظيمة، مع الكنائس في الشّرق والغرب، متذكّرين سرّ فدائنا الذي تمّمه الرّبّ يسوع ليس بالقول وإنّما بالفعل، إذ قدّم ذاته لأجلنا تكفيرًا عن خطايانا وخلاصًا للعالم"، منوّهًا إلى أنّنا "نشترك في الصّلاة والتّأمّل في هذا السّرّ العظيم الذي لا نستطيع أن نفهمه بالفلسفة أو بالعلم. إنّ الرّبّ يسوع تألّم وهو إله كامل وإنسان كامل، إذ حمل صليبه وسار به على درب الجلجلة حيث رُفِع على خشبة الصّليب، وسلّم روحه إلى أبيه السّماويّ بعدما قال: قد تمّ"، مذكّرًا بأنّنا "نحن المسيحيّين لسنا عشّاق الألم، بمعنى أنّنا نفتّش عن الألم حتّى نقول نحن نتبع يسوع، فنحن المسيحيّين نعرف أنّ الألم هو نوع من التّبرير، وهذا ما نتعلّمه من يسوع بأنّ الألم يستطيع، إذا ما قبلناه بذات القناعة وبذات النّيّة التي للرّبّ يسوع، يستطيع هذا الألم أن يشركنا في خلاص نفوسنا وخلاص العالم".
وأضاف: "المحنة العصيبة الرّاهنة بوباء كورونا المخيف الذي لم يعرفه أيٌّ من الشّعوب في السّابق بهذا الشّكل الكونيّ، أزمات مخيفة تحيط بنا جميعًا، ليس فقط في لبنان والشّرق، ولكن في بلاد العالم كلّه تقريبًا، هذا الوباء المخيف يدعنا نتذكّر أنّ هنالك خالق ومدبّر حكيم لهذا الكون، هناك فادٍ ومخلّص، وهو الله الذي يدير هذا الكون بحكمة لا نفهمها، ولكن في الوقت نفسه علينا أن نتأمّل بها ونكتشف إن كنّا حقيقةً نسير حسب قلب الرّبّ وتعاليمه، وحسب المواعيد التي أعطانا إيّاها يسوع".
وتناول قراءات العهدين القديم والجديد التي تُليت خلال الرّتبة: "سمعنا من العهد القديم الأنبياء والمزامير يُظهِرون كيف أنّ الكون بأسره يشارك في هذا العمل الفدائيّ للرّبّ يسوع الذي سيتمّمه المسيح المنتظَر. وسمعنا مار بولس رسول الأمم يشهد على أنّ المسيح تراءى له ليجعله رسولًا للأمم، كي يذهب ويبشّر ويعيد النّاس إلى الله، بعدما كان يُدعى شاول، وكان من الجماعة الفرّيسيّة، أيّ كان متعلّمًا أصول الدّين والشّريعة الموسويّة، وكان مضطهِدًا لتلاميذ المسيح، ولكنّ الرّب ظهر له على طريق دمشق، ومن تلك السّاعة تغيّر كلّيًا متحوّلًا من شاول إلى بولس. وفي رسالته إلى أهل غلاطية، يقول بولس: مع المسيح صُلِبتُ، فلم أعد أحيا بذاتي، ولكنّ المسيح حيٌّ فيَّ".
وأكّد "على أهمّية اتّحاد المؤمن بالمسيح مهما كان ظروف الحياة، فينشر بشرى الإنجيل والخلاص حوله، ليس فقط بالقول والوعود، ولكن بالعيش بحياة تكون هي حقيقةً حياة الرّب يسوع"، مشدّدًا على أنّ "هذا هو إيماننا الذي نقله إلينا الرّسل منذ ألفي سنة، وهذا هو سيرة حياتنا التي أخذناها من آبائنا وأجدادنا، ومن الشّهداء والمعترفين على مدى عشرين قرنًا، حيث كانوا دائمًا يؤمنون بأنّ يوم الجمعة هذا المسمَّى الجمعة العظيمة، هو العيد المخصّص لفدائنا، لأنّ الرّبّ يسوع صُلِب على خشبةٍ لخلاصنا.
كثيرون منكم سمعوا ليل الأمس أو اليوم أنّ كنيستنا فُجِعت بوفاة أحد أساقفتها هو المثلّث الرّحمات المطران مار اقليميس يوسف حنّوش مطران أبرشيّة القاهرة والنّائب البطريركيّ على السّودان. فأسألكم أن تذكروه في صلواتكم كي يتقبّله الرّبّ يسوع في سعادته الأبديّة مع الرّعاة الصّالحين والوكلاء الأمناء".
وتأمّل ببعض الأقوال الآبائيّة السّريانيّة الواردة في رتبة السّجدة للصّليب، مؤكّدًا أنّنا "مع أمّنا مريم العذراء التي كانت تحت أقدام الصّليب، نتأمّل بسرّ خلاصنا، ليس مثل الذين كانوا يهزأون بيسوع، ولكن بروح ونفس التّلاميذ الأمناء ليسوع"، مفكّرًا "بخشوع بهذا السّموّ الخارق الذي تمّ على الصّليب، إذ أنّ ابن الله وكلمته يبذل نفسه بموته على خشبة".
وإختتم غبطته مبتهلاً "إلى الله، بشفاعة أمّه وأمّنا مريم العذراء سيّدة النّجاة، كي يتحنّن علينا وعلى العالم، ويزيل عنّا وعن المجتمعات بأسرها هذا الوباء، ويلهم الأطبّاء والاختصاصيّين إلى إيجاد الدّواء الشّافي واللّقاح النّاجح"، داعيًا إلى أن "يكون قلبنا على الدّوام مليئًا بالرّجاء، لأنّنا أبناء الرّجاء".