"يا إبن جبالنا وقرانا"... لا تنسَ لبنان!
هو صاحب اللّحية البيضاء، والشّعر الأشيب، والعيون الشّاخصة إلى البعيد الّتي ترسم إيمانًا كبيرًا ورؤية عميقة تعكس ما في روحه من فضائل مسيحيّة سامية قادته على درب القدّيسين منذ أن ترهّب وهو لم يدخل عقده الثّاني بعد.
هو لابس الزّيّ الكبّوشيّ والمزنّر خصره بزنّار العفّة والطّهارة وقهر الشّهوات والخدمة والتّوبة والتّنبّه والاجتهاد والنّشاط والاستعداد لخدمة المذبح.
هو الّذي لم يتخلّ عن مسبحة الصّلاة مستسلمًا للإرادة الإلهيّة ببساطة شهد لها كلّ من عاصروه.
هو ناثر أعمال الرّحمة في حقول الرّبّ الفسيحة وفي قلوب أبنائه بخاصّة المنبوذين والمرضى بينهم، لاسيّما مرضى الرّوح والعقل الّذين رفضتهم سائر المستشفيات، فاعتنى بهم وحضنهم وكساهم بمحبّة الخالق.
هو رجل العمران والمشاريع الإنسانيّة؛ هو الّذي شمّر عن ساعديه ونشط في بناء الأديرة والمستشفيات والمدارس ودور العجزة.
هو الّذي رفع "يسوع الملك" ملكًا على إحدى تلال لبنان المشرفة على نهر الكلب، ملكًا حاميًا وطن الأرز من كلّ الشّرور.
هو الرّاهب الّذي آمن بأنّ "لا سماء إلّا بالصّليب"، فوهب روحه وقلبه له. وأكثر من ذلك رفعه فوق تلال لبنان بفخر واعتزاز.
هو باختصار رجل القول والعمل الّذي آمن بأنّه "بالصّلاة نشتري كلّ ما يعوزنا من عند الله".
اليوم، فيما نحتفل بعيد مولدك الأرضيّ، نرفع عيوننا إلى السّماء قاطفين من نعمها بركتك، سائلين إيّاك "يا ابن جبالنا وقرانا" ألّا تنسى لبنان وأن تردّ غيوم الحرب عنه، وتحفظه باسم الآب والابن والرّوح القدس، آمين!