دينيّة
25 كانون الأول 2020, 14:00

وُلد المسيح... هلّلويا!

ريتا كرم
في ذاك المذود الفقير المتواضع، في بيت لحم بدأت الحكاية وحلّ الخلاص مع ولادة الطّفل الإله. ومذّاك ها هي النّعمة تتجدّد في ذكرى ميلاد يسوع، إذ تمتلئ المسكونة فرحًا وتصدح السّماوات بأصوات الملائكة تسبيحًا وتهليلاً.

وهذا العام، ها هي هذه النّعمة تحلّ في عالم يتحكّم به الوباء، وفي أرض تضعدعت حياة سكّانها بسبب أزمات تكاد لا تنتهي. هو يحلّ ومعه تهطل البركات السّماويّة فوق كلّ الظّروف الأرضيّة الفانية. هو يحلّ في ظلّ تباعد اجتماعيّ مفروض وضروريّ منعًا لتفشّي الوباء المستجدّ.  

ربّما هو لن يجمع الأحبّاء بعد طول غياب سبّبته المسافات كما جرت العادة، بسبب قيود السّفر وشروط السّلامة العامّة، ولكن بالرّغم من ذلك فإنّه فرصة ليلاقي القلوب المتباعدة الّتي سكنها الجفاء بعد العداء، فينضح فيها رغبة بالصّفح والغفران.

هو أكثر من ذلك، إذ يعود بكلّ إنسان إلى أعماقه ويفتح باب التّواصل مع "المولود غير المخلوق" هامسًا فيها بذور التّوبة، فيضحي كرسيّ الاعتراف ملجأه وطريقه إلى الولادة الجديدة، وسرّ الإفخارستيّا ملاذه.

غريب هو ميلاد الرّبّ لأنّه يوحّد أبناء الله ويجمعهم حوله هو "الكلمة" المتجسّدة.

اليوم يتساوى الكبار والصّغار أمام عظمة الطّفل العجيب فيخفت أمام عرشه وهج كلّ العروش الأرضيّة وملكوها.

عجيب هو هذا التّاريخ، إذ فيه "العمي يبصرون والموتى يقومون والأسرى يُطلقون والمساكين يُبشَّرون"؛ اليوم تفتح السّماء أبوابها لعودة كلّ الضّالّين وارتداد الخاطئين.

في ميلادك يا ربّ، نقول مع كنّارة الرّوح مار أفرام السّريانيّ: "مبارك اليوم الولد الّذي أبهج بيت لحم. مبارك اليوم الّذي أعطى بشريّتنا شبابًا. مبارك الثّمرة الّذي انحنى من أجل جوعنا. مبارك الصّالح الّذي حمل الغنى لنا المعوَزين، ما انتظر طويلاً لكي يملأ حاجاتنا..."

اليوم، نصلّي كي يبهج "الكلمة الّذي صار بشرًا وسكن بيننا" قلوب الشّعوب المضطهدة والرّازحة تحت وطأة الحروب. نصلّي كي يشفي العالم من هذا الوباء المتغلغل ويزيل كلّ ألم وشدّة عن المصابين به ويرحم نفوس من انتقلوا إلى ملكوته بعد صراع مع كورونا. لتمطر يا طفل المغارة اليوم سلامك على المسكونة كلّها؛ نصلّي كي تعود اللّحمة إلى العائلات المفكّكة والوحدة إلى البلدان المنقسمة؛ نصلّي كي يكون ميلادك بشرى سارّة لكلّ الأمم فينهي كلّ الأزمات ويستأصل كلّ فساد، فنهتف ونقول: "وُلد المسيح.. هلّلويا!".