ورشة عمل لجمعيّة عدل ورحمة بعنوان "بناء القدرات للحدّ من تعاطي المخدِّرات"
ألقت الممرّضة المجازة ريتا عقيقي الضوء على أنواع المُخدِّرات المنتشرة في لبنان القانونيّ منها وغير القانونيّ، والأضرار الناجمة عن استعمالها وتأثيرها السَّلبي على الجسم والعقل، وعلى العلاقات الأُسريّة والاجتماعيّة، وعلى سُلوك المُدمن سواء في عائلته أو في البيئة المُحيطة به، والذي يتّسم بالعُنف وأعمال خارجة على القانون وحتّى الانتحار أحيانًا. كذلك شرحت بعض السياسات الاستراتيجيّة للحدّ من مخاطر المُخدِّرات مثل: برامج الإبرة والمحاقن، الاختبار والمشورة الطوعيّة لفيروس نقص المناعة البشريّة، العلاج المُضادّ للفيروسات القهقريّة، الوقاية والعلاج من الأمراض المنقولة جنسيًّا، برامج الواقي الذكري لمُتعاطي المُخدِّرات بالحقن وشركائهم الجنسيّين، تطعيم التهاب الكبد الفيروسيّ وتشخيصه وعلاجه، الوقاية والتشخيص والعِلاج من مرض السلّ، النالوكسون (الخطوات الواجب اتّخاذها في حالة تناول جرعة زائدة من المواد الأفيونيّة).
قدّمت الأخصّائيّة الاجتماعيّة، دنيز أبو نصار عرضًا شاملًا عن برنامج العِلاج بالبدائل الأفيونيّة ودوره المُهمّ في الحدّ من الأضرار للأشخاص الذين يُعانون من إدمان الأفيونيّات، استهلّته بتسليط الضوء على الهدف الأساسيّ للبرنامج، وهو تقليل المخاطِر الصحّيّة المُرتبطة باستخدام الأفيونيّات، بخاصّة انتقال العدوى بالأمراض المنقولة عبر الدم الناتجة عن تبادُل الإبر بين مُدمني المُخدِّرات. أيضًا شرحت العلاج بالأدوية مثل البوبيرنورفين وسوبوكسون، اللذين يعملان كناهضات جزئيّة للأفيون، ما يُخفّف من أعراض الانسحاب ويُقلّل من الرغبة في تعاطي المواد غير القانونيّة، وأوضحت أنّ البرنامج يستهدف الأشخاص الذين تجاوزوا الـ 18 عامًا، والذين واجهوا صُعوبات في الحفاظ على الامتناع وعانوا انتكاسات مُتكرّرة.
كذلك تناولت الدعم الشامِل الذي يقدّمه البرنامج، بما في ذلك فريق متعدّد الاختصاصات يضمّ أطبّاء نفسيّين، وعلماء نفس، واختصاصيّين اجتماعيّين وممرّضين، ما يوفّر نهجًا مُتكاملًا للتعامُل مع جوانب الإدمان الجسديّة والنفسيّة والاجتماعيّة، مُشدّدة على أهميّة التزام البروتوكولات التي وضعتها وزارة الصحّة العامّة، بما في ذلك المُراقبة الدوريّة عبر اختبارات البول والدعم المستمرّ لمُساعدة المُشاركين في تحقيق الاستقرار والحِفاظ عليه.
بعد عرض دراسة تحليليّة عن التكلفة الفعّالة للبرنامج، أشارت إلى الأداء الاقتصاديّ للبرنامج باستخدام نِسب التكلفة الفعّالة المُتزايدة، وعلى الرغم من بعض الارتفاعات في مُعدّلات الانتكاس، أثبت البرنامج فعاليّته في تقليل الأضرار المُرتبطة بالمُخدِّرات ومنع الانتكاسات، فضلًا عن تأثيره في منع الجُرعات الزائدة والوفيّات المُرتبطة بالمُخدِّرات، مع استقرار تكلفة العِلاج لكلّ مريض ولو مع ارتفاع التكاليف العامّة. في النهاية قدّمت أبو نصّار توصيات لتعزيز التمويل والحِفاظ على فعاليّة البرنامج، بما في ذلك تحسين تدريب مُقدّمي الرعاية، الاستثمار في المُراقبة المُستمرّة، ودمج العلاج بالبدائل الأفيونيّة ضمن استراتيجيّة شاملة لعلاج الإدمان.
تناولت الأخصّائيّة النفسيّة جنيفر جيرماني التأثيرات النفسيّة لاستخدام المواد المخدّرة وتأثيرها المباشر على الصحّة العقليّة والنفسيّة، وسلّطت الضوء على الضغوطات والظروف التي تدفع الأفراد إلى اللجوء إلى الكحول والمخدّرات، إلى جانب الآلام النفسيّة والجسديّة التي يعاني منها المدمن، وتأثير هذه المعاناة على حياته وحياة أفراد أُسرته.
كذلك ناقشت قضيّة الوصمة الاجتماعيّة والتمييز الذي يواجهه مستخدمو المخدّرات، مبيّنةً كيف تنعكس هذه الوصمة سلبًا على صحّتهم النفسيّة. في سياق آخر، تطرّقت إلى مسألة المساواة بين الجنسين في الحصول على الرعاية الصحّيّة، مشيرة إلى أنّ نسبة الرجال الذين يلتمسون المُساعدة تفوق بشكل واضح نسبة النساء، وشرحت الأسباب الكامنة وراء هذا التفاوت، موضحةً كيف تشكّل العوائق الاجتماعيّة والثقافيّة حاجزًا أمام النساء في الوصول إلى العلاج، ما يستدعي مُعالجة هذه التحدّيات لتعزيز العدالة والمساواة في هذا المجال".