لبنان
10 كانون الثاني 2017, 13:30

هيكل مسلّم في موته يطلق رسالة سلامٍ وإيمان ووحدة

هكذا قال القديس يوحنا الإنجيلي: "فيه كانت الحياة" والذي فيه الحياة، لا يمكن أن يبقي ميتًا، بل إنه قال لمرثا "أنا هو القيامة والحياة.. من آمن بي ولو مات فسيحيا" ، مادام هو الحياة، فكيف إذن لا يقوم؟

إنّه يؤكّد نفس المعنى بقوله "أنا هو الطريق والحق والحياة". نعم كيف لا يقوم، هذا الذي قال عن نفسه ليوحنا الرائي "أنا هو الأول والآخر، والحيّ وكنت ميتًا، وها أنا حيّ  إلى أبد الآبدين آمين.. ولي مفاتيح الهاوية والموت" لهذا كلّه وبّخ ملاك القيامة النسوة قائلًا: "لماذا تطلبن الحيّ من بين الأموات".
نعم، كان لا بد أن يقوم من الموت، لأنه هو نفسه قد أقام غيره من الموت، بمجرّد أمره.
بهذا الكلام المعزّي توجّه الأب جبرايل مسلّم، إلى أهالي الشّاب هيكل مسلّم الذي ذهبَ ضحيّة الاعتداء الارهابي في اسطنبول، جاء ذلك خلال ترؤسّه صلاة تسبيح لله، والتسليم لمشيئة الآب السّماوي، في كنيسة مار أنطونيوس البدواني-الحدث، بمشاركة أهالي بلدة البيرة، حيث تخلّلتها تلاوة صلاة مسبحة الورديّة، وتأمّلات روحية وزياح  وطلبَة العذراء مريم.
وبهذه الصّلاة وقفةٌ روحيةٌ عميقةٌ مع المسيح، الذي أثبتَ لنا بكلامه أن لا هزيمة معه، وأنّ شعب الله عندما يُمتَحَنُ بخسارةٍ ما، وبآلام لا يمكنه فهمُها، كان دائماً يرجعُ إلى الكلمة، كلمة الله التي كانت سرّ حياة الشعب هي بعينها لا تتغير، تردُّ الشعبَ إلى الحياةِ المقدّسة.  وتكشف صلاة الجماعة عن العلاقة مع الله، والتي تستند على معاملات الله مع الشعب في الماضي. فالحاضر لا وجود له بدون الماضي، والماضي لا حياة فيه ما لم يُترجم عمليًا في الحاضر.
وكلمة الله ليست فقط المرشد في رحلتنا للأبدية، بل إنها تعطي المؤهلات الإلهية لهذه الأبدية؛ إذ بها تولد النفس الولادة الثانية، وبها تتحكّم للخلاص وبها يتغير مسار الإنسان، وبدون ذلك لا يمكن لأحد أن يرى أو يدخل ملكوت الله.
ومع كلّ الالام المُحدِقة بنا، نبقى على يقينٍ تامّ بأنّ من مات سيّدُه وذاق مرارة الانسان وانتصر بقيامته، ليس لأجل ذاته وإنّما من أجلنا نحن البشر، لنبقى متحدّين بعضنا ببعض ومترابطين بالصّلاة التي تجمعنا على رجاء القيامة.