الفاتيكان
22 حزيران 2020, 05:55

هكذا عايد البابا فرنسيس الآباء في عيدهم!

تيلي لوميار/ نورسات
"جميعنا نعلم أنّه ليس من السّهل أن يكون المرء أبًا ولذلك نحن نصلّي من أجلهم؛ وأذكر بشكل خاصّ أباءنا الّذين لا زالوا يحرسوننا من السّماء"، بهذه الكلمات أكّد البابا فرنسيس قربه من أجل الآباء في عيدهم، وصلاته من أجلهم جميعًا، وذلك في كلمته في ختام التّبشير الملائكيّ الّذي تلاه بالأمس مع وفود الحجّاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس.

وكان الأب الأقدس قد توجّه بداية إلى المؤمنين بكلمة أضاء فيها على ثلاثة اختبارات عاشها الرّسل: عداوة الّذين يريدون إسكات كلمة الله، التّهديد الجسديّ، والشّعور بأنّ الله قد تركهم، شارحًا للمحتشدين في ساحة القدّيس بطرس كيف يعمل الله في ظلّ التّحدّيات والظّروف الحالكة، قائلاً بحسب "فاتيكان نيوز":

"في إنجيل هذا الأحد يتردّد صدى الدّعوة الّتي يوجّهها يسوع لتلاميذه لكي لا يخافوا ويكونوا أقوياء واثقين إزاء تحدّيات الحياة وينبّههم من الصّعوبات الّتي تنتظرهم. يشكّل إنجيل اليوم جزءًا من الخطاب الإرساليّ الّذي يُعدُّ من خلاله المعلّم الرّسل للخبرة الأولى لإعلان ملكوت الله؛ ويحثّهم بإصرار لكي لا يخافوا، لأنَّ الخوف هو أحد أسوأ أعداء حياتنا المسيحيّة، ويسوع يقول لهم "لا تخافوا" ويصف ثلاثة حالات ملموسة قد يواجهونها. أوّلاً عداوة الّذين يريدون إسكات كلمة الله فيحلّونها أو يُسكتون الّذين يُعلنوها. في هذه الحالة يشجّع يسوع الرّسل لكي ينشروا رسالة الخلاص الّتي أوكلهم إيّاها. إلى الآن كان يسوع قد نقلها بحذر وفي الخفاء تقريبًا في مجموعة التّلاميذ الصّغيرة؛ أمّا هم فينبغي عليهم أن يعلنوا إنجيله "في وضح النّهار"، أيّ بصدق وينادوا به "على السّطوح" أيّ علانيّة.

أمّا الصّعوبة الثّانية الّتي سيواجهها مرسلو المسيح فهي التّهديد الجسديّ ضدّهم، أيّ الاضطهاد المباشر ضدّ شخصهم وصولاً إلى الموت. إنّ نبوءة يسوع هذه قد تحقّقت في كلّ زمن: إنّه واقع أليم ولكنّه يشهد على أمانة الشّهود. كم من المسيحيّين يُضطهدون اليوم في العالم كلّه! وإن تألّموا من أجل الإنجيل بمحبّة فهم شهداء اليوم. ولتلاميذ الأمس واليوم الّذين يتعرّضون للاضطهاد يوصيهم يسوع قائلاً: "لا تَخافوا الَّذينَ يَقتُلونَ الجَسد، وَلا يَستَطيعونَ قَتلَ النَّفس". وبالتّالي لا يجب أن نسمح بأن يخيفنا الّذين يسعون لكي يطفئوا قوّة البشارة بالتّعجرف والعنف؛ ولكن في الواقع لا يمكنهم أن يفعلوا شيئًا ضدّ الرّوح أيّ ضدّ الشّركة مع الله: لا يمكن لأحد أن ينتزع هذه الشّركة من الرّسل لأنّها عطيّة الله؛ أمّا الشّيء الوحيد الّذي يجب على التّلاميذ أن يخافوا منه فهو فقدان هذه العطيّة الإلهيّة والتّخلّي عن العيش بحسب الإنجيل مسبّبين لأنفسهم هكذا الموت الأخلاقيّ كنتيجة للخطيئة.

أمّا نوع التّجربة الثّالث الّذي سيواجهه الرّسل فيشير إليه يسوع في الشّعور الّذي قد يختبره البعض منهم بأنّ الله قد تركهم إذ بقي بعيدًا وصامتًا. هنا أيضًا يحثّهم يسوع لكي لا يخافوا، لأنّه وبالرّغم من هذه المخاطر وغيرها فإنّ حياة التّلاميذ هي ثابتة بين يدي الله الّذي يحبّنا ويحفظنا. إنّ الآب يعتني بنا لأنّ قيمتنا كبيرة في عينيه، وبالتّالي ما يهمُّ هو الصّدق والشّجاعة في الشّهادة وشهادة الإيمان: أيّ الاعتراف بيسوع أمام النّاس والمضيّ قدمًا بفعل الخير.

لتساعدنا العذراء مريم الكلّيّة القداسة، مثال الثّقة والاستسلام لله عند الصّعوبات والمخاطر، لكي لا نستسلم لليأس أبدًا وإنّما لكي نثق على الدّوام بالله ونعمته الّتي هي على الدّوام أقوى من الشّرّ".

وبعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيا الأب الأقدس المؤمنين ووجّه إليهم نداء قال فيه: "إحتفلت منظّمة الأمم المتّحدة أمس باليوم العالميّ للّاجئ. إنّ الأزمة الّتي سبّبها فيروس كورونا قد سلّطت الضّوء على حاجة تأمين الحماية الضّروريّة أيضًا للّاجئين لكي يُضمَن لهم الكرامة والأمن. أدعوكم لكي تتّحدوا معي بالصّلاة من أجل التزام جديد وفعّال من قبل الجميع لصالح حماية فعليّة لكلِّ كائن بشريّ، ولاسيّما الّذين يُجبرون على الفرار بسبب أوضاع خطيرة لهم ولعائلاتهم.

جانب آخر جعلنا الوباء نفكّر حوله وهو العلاقة بين الإنسان والبيئة. إنّ العزل الصّحّيّ قد خفّف التّلوّث وجعلنا نكتشف مجدّدًا جمال العديد من الأماكن الخالية من الازدحام والضّجيج. والآن مع استعادة النّشاطات علينا جميعًا أن نكون أكثر مسؤوليّة في العناية بالبيت المشترك. أقدّر المبادرات العديدة الّتي تقام في مختلف أنحاء العالم وتسير في هذا الاتّجاه؛ وعلى سبيل المثال هناك اليوم مبادرة في روما مخصّصة لنهر التّيبر، ولكن هناك أيضًا العديد غيرها في أماكن أخرى! لتعزّز هذه المبادرات مواطنيّة أكثر إدراكًا لهذا الخير العامّ الأساسيّ".