الفاتيكان
27 أيلول 2022, 05:55

هذا ما نصح به البابا فرنسيس الرّاهبات الكبّوشيّات للعائلة المقدّسة!

تيلي لوميار/ نورسات
خلال استقبالهنّ في الفاتيكان أمس الإثنين، وجّه البابا فرنسيس كلمة ترحيبيّة بالرّاهبات الكبّوشيّات للعائلة المقدّسة المشاركات في المجمع العامّ، دعاهنّ فيها إلى الإصغاء إلى صوت الله، الّذي يدعوهنَّ لكي بحببنَ الجميع دون تمييز، وبحببنَ الخليقة كعطيّته، وبرَينَ عظمته في كلّ شيء، منطلقًا بذلك من موضوع المجمع العامّ الّذي يتمحور حول الإصغاء المتواضع والسّينودسيّة.

وفي تفاصيل الكلمة، قال البابا فرنسيس بحسب "فاتيكان نيوز": "أرى أنكنَّ قد أتيتنَّ من مختلف أنحاء العالم، وهذا شيء جميل لأنّه يشير إلى أنّكنَّ تعشنَ حقًّا روح الضّيافة والأخوّة الشّاملة، الّذي يتوافق مع علاقتكنَّ الخاصّة مع "العائلة المقدّسة". وهذا الموقف، النّموذجيّ للبيئة العائليّة، أردتنَّ أن تُعبِّرنَ عنه في موضوع المجمع العامّ الّذي يتمحور حول فكرتين: الإصغاء المتواضع والسّينودسيّة. إنّها كلمات ملهمة تجد جذورها العميقة في الحياة الرّهبانيّة. لكي نصغي، هناك أوّلاً حاجة إلى الصّمت، إلى صمت عميق وصمت داخليّ.

في كثير من الأحيان تكون أساليب حياتنا "مليئة بالضّجيج"، كما قال لنا القدّيس بولس السّادس في خطابه الشّهير في النّاصرة. ويبدو أنّ الشّيء الأهمّ هو العثور على هذا الحافز الّذي يلفتُ انتباه الآخر، وينتج عنه جوابًا فوريًّا قدر الإمكان. بالنّسبة للكثيرين، يُشكّل رفع أصواتهم، جسديًّا أو معنويًّا حلّاً لكي يختار الحشد الأصمّ فكرتهم أو رأيهم، ويبحثون دائمًا عن طريقة لجعل إشاراتهم مسموعة أكثر، وأكثر جاذبيّة أو أكثر إثارة للدّهشة. لكنَّ النّبوءة الّتي يطلبها يسوع منّا هي بالتّحديد أن نسير عكس هذا التّيّار، ونبحث عن الصّمت، ونبتعد عن العالم وعن الضّوضاء. هذا الأمر سيسمح لنا بأن نكون قادرين على أن نتنبّه ونحدّد بصبر الحرفيّين الأصوات المختلفة، ونميِّزها. بهذه الطّريقة، سيبدأ هذا الضّجيج الأوّليّ في الحصول على شكل، وما كان يبدو متناقضًا يصبح من الممكن فهمه وتحديد موقعه، وسيكون له اسم ووجه. وبالتّالي لن تكون هناك أيّة نغمة عالية جدًّا أو منخفضة جدًّا، ولن يكون هناك صوت حادّ وستجد آذاننا الانسجام الّذي وحده صمتنا يمكنه أن يمنحها إيّاه. وأقول إنّ صمتنا وحده هو الّذي يمنحها إيّاه، لأنّ الانسجام يوجد، ولا يُفرض.

إنَّ التّجربة هي أن يكون لدينا لحن جميل في رأسنا، ونرفض أو نحاول إسكات ما لا يتماشى معه. لكن هذا هو الحكم على الآخر، ووضع أنفسنا في مكان الله، وتقرير من يستحقّ ومن لا يستحقّ أن يكون هناك. إنّه كبرياء كبير علينا أن نحاربه بتواضع وبصمتنا النّبويّ. إذا كنتُ قادرًا على الإصغاء بهذه الطّريقة، فسأكون قادرًا على سماع جميع الأصوات بوضوح، وفهم ترتيبها، وما تريد قوله ولماذا تقوله بهذه الطّريقة، الّتي تفطر القلب أحيانًا. أيّتها الأخوات العزيزات، كُنَّ أنبياء لهذا الإصغاء، أوّلاً من خلال الإصغاء إلى صوت الله، الّذي يدعوكنَّ لكي تحببنَ الجميع دون تمييز، وتحببنَ الخليقة كعطيّته، وترَينَ عظمته في كلّ شيء، كما يعلّمنا القدّيس فرنسيس في نشيد المخلوقات. هذا هو اللّحن الّذي يفرض نفسه بشكل طبيعيّ، لكونه جوهر جميع الأشياء. وفيه يجد الألم والظّلام والموت معناهم، وكذلك الأخ الّذي يواجه صعوبة، والشّخص الّذي يحتاج إلى المغفرة، والفداء، ولفرصة ثانية، ويمكنني أن أفهم دوافع الّذين يفكّرون بشكل مختلف عنّي، الشّخص الّذي يقاومني، وكذلك محدوديّتي. أنا لا أخفي عنكنَّ أنّ درب الصّليب، والتّواضع، والفقر، والخدمة هو الدّرب الّذي اختاره القدّيس فرنسيس ومؤسّسكنَّ لويس أميغو، الّذي كان يتأمّل في آلام المسيح يوميًّا، ويدعوكنَّ إلى تبنّي أسلوب الصّغر والإماتة كطريق إلى السّماء.

إذا كان صمت الآلام المدوّي يُسائل العالم مثلما ساءل بيلاطس، فلنطلب، بكلمات القدّيس بولس السّادس، أن يعلِّمكنَّ صمت النّاصرة، الّذي عزّزته العائلة المقدّسة، في دعوتكنَّ الخاصّة كراهبات، الاختلاء والحياة الدّاخليّة، والاستعداد دائمًا للإصغاء إلى الإلهامات الجيّدة وعقيدة المعلّمين الحقيقيّين، والحاجة إلى تنشئة مناسبة وإلى الدّراسة، والتّأمّل، وإلى حياة داخليّة عميقة، والصّلاة الشّخصيّة الّتي وحده الله يراها، فتكُنَّ على الدّوام نبوءة لمدرسة الإنجيل هذه الّتي هي مسيرة خلاص للعالم".