الفاتيكان
07 أيلول 2021, 11:50

هذا ما نحتاجه لبناء السّلام!

تيلي لوميار/ نورسات
أكّد البابا فرنسيس الحاجة إلى الالتزام من أجل السّلام كضرورة ملحّة أكثر من أيّ وقت مضى، والعمل في وقت واحد على مستويين: ثقافيّ ومؤسّساتيّ.

كلام البابا جاء في كلمة توجّه بها إلى زوّاره من مؤسّسة Leaders pour la Paix، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يتمُّ لقاؤنا في مرحلة تاريخيّة حرجة بشكل خاصّ. لسوء الحظّ، لم يتمّ حتّى الآن التّغلّب على الوباء وعواقبه الاقتصاديّة والاجتماعيّة وخيمة، لاسيّما على حياة الأشخاص الأشدّ فقرًا. فهو لم يُفقر العائلة البشريّة من العديد من الأرواح وحسب، بل زرع أيضًا الكثير من الفقر وزاد التّوتّرات. وإزاء تفاقم الأزمات السّياسيّة والبيئيّة المتقاربة والمتعدّدة- الجوع والمناخ والأسلحة النّوويّة، على سبيل المثال لا الحصر- فإنّ التزامكم من أجل السّلام هو أكثر ضرورة وإلحاحًا من أيّ وقت مضى.

يقوم التّحدّي في مساعدة الحكّام والمواطنين على مواجهة القضايا الحرجة كفرصة. على سبيل المثال: يمكن وينبغي لحالات معيّنة من الأزمات البيئيّة، والّتي تفاقمت للأسف بسبب الوباء، أن تؤدّي إلى تولّي مسؤوليّة أكثر حزمًا، أوّلاً من قبل القادة الكبار، وبالتّالي، في سلسلة، كذلك على المستويات المتوسّطة وفي المواطنين جميعًا. في الواقع، نرى أنّه ليس من النّادر أن تأتي الطّلبات والمقترحات "من الأسفل". وهذا أمر جيّد جدًّا، على الرّغم من أنّ مثل هذه المبادرات يتمّ استغلالها في بعض الأحيان لمصالح أخرى من قبل الجماعات الأيديولوجيّة. وبالتّالي في هذه الدّيناميكيّة الاجتماعيّة السّياسيّة أيضًا، يمكنكم أن تلعبوا دورًا بنَّاء، وذلك بشكل أساسيّ من خلال تعزيز المعرفة الجيّدة بالمشاكل وأسبابها الجذريّة. وهذا الأمر يشكّل جزءًا من التّربية على السّلام الّذي يشكّل موضوعًا عزيزًا على قلوبكم.

لقد أدّى الوباء، بعد فترة طويلة من العزلة والتّوتّر الاجتماعيّ المفرط، إلى تقويض العمل السّياسيّ نفسه، والسّياسة في حدّ ذاتها. ولكن يمكن لهذه الحقيقة أيضًا أن تصبح فرصة لتعزيز سياسة أفضل، لا يمكن بدونها تطوير مجتمع عالميّ، قادر على تحقيق الأخوة بدءًا من الشّعوب والأمم الّتي تعيش الصّداقة الاجتماعيّة. سياسة- أضع نفسي في وجهة نظركم- يتمّ تنفيذها كهندسة معماريّة وحرفيّة سلام. وبالتّالي لكي نبني السّلام، كلا الأمرين ضروريّين: الهندسة، الّتي تتدخّل فيها مؤسّسات المجتمع المختلفة، والحرفيّة، الّتي ينبغي أن تشمل الجميع، حتّى تلك القطاعات الّتي غالبًا ما يتمُّ استبعادها أو جعلها غير مرئيّة.

لذا فإنّ الأمر يتعلّق بالعمل في وقت واحد على مستويين: ثقافيّ ومؤسّساتيّ. على المستوى الأوّل، من المهمّ تعزيز ثقافة وجوه، تضع في المحور كرامة الشّخص البشريّ، واحترام تاريخه ولاسيّما إذا كان مجروحًا ومهمّشًا. إّنها أيضًا ثقافة لقاء، نصغي فيها إلى إخوتنا وأخواتنا ونقبلهم، واثقين من احتياطيّات الخير الّتي في قلوب النّاس. على المستوى الثّاني- مستوى المؤسّسات- من الملح تعزيز الحوار وتعاون متعدّد الأطراف، لأنّ الاتّفاقات المتعدّدة الأطراف تضمن أفضل من الاتّفاقات الثّنائيّة العناية بالخير العامّ العالميّ الحقيقيّ وحماية الدّول الأكثر ضعفًا. على أيّ حال، لا نتوقفنَّ عند النّقاشات النّظريّة، وإنّما لنتواصل مع الجراح، ولنلمس أجساد الّذين يعانون من الضّرر.

سيّداتي وسادتي أشكركم على زيارتكم وأشجّعكم على التزامكم من أجل السّلام ومن أجل مجتمع أكثر عدالة وأخوّة. ليمنحكم الله أن تختبروا في حياتكم ذلك الفرح الّذي وعد به بناة السّلام."