هذا ما سيحصل عند انطلاقة الكونكلاف حتّى تصاعد الدّخان الأبيض!
بعد هذه العبارة، يخرج كلّ من ليس له صلة بجلسة انتخاب الحبر الأعظم الجديد للكنيسة الجامعة، ويُعزل في تلك اللّحظة الكرادلة النّاخبون، الّذين هم دون الثّمانين من العمر، عن العالم بأسره داخل كنيسة السّيستينا، حتّى لحظة صدور الدّخان الأبيض وإعلان الـ "Habemus Papam" الصّيغة اللّاتينيّة الشّهيرة الّتي ينطق بها الكاردينال الأوّل بين الشّمامسة من شرفة البازيليك الفاتيكانيّة لكي يُعلن للعالم انتخاب البابا الجديد.
وبحسب "فاتيكان نيوز"، "لا يمكن التّنبّوء بمدّة الكونكلاف بطبيعة الحال، وبين صفوف الكرادلة من يأمل في قصره نظرًا لانعقاد اليوبيل القائم، ومن يتوقّع أن تطول مدّته لتمكين النّاخبين من تعميق معرفتهم ببعضهم البعض، لاسيّما أنّ البابا فرنسيس قد ضمّ إلى مجمع الكرادلة، خلال كونسيستواراته العاشر، شخصيّات من أطراف المعمورة كافّة.
تُحدّد قوانين الوثيقة الرّسوليّة "Universi Dominici Gregis" للبابا يوحنّا بولس الثّاني، والّتي عدّلها البابا بندكتس السّادس عشر عبر الرّسائل البابويّة الصّادرة في ١١ حزيران يونيو ٢٠٠٧ و٢٢ شباط فبراير ٢٠١٣، الجدول الزّمنيّ لانعقاد الكونكلاف. وتنصّ القوانين على أن يبدأ الكونكلاف، وتعني الكلمة باللّاتينيّة "cum clave" أي مغلق بالمفتاح - بين اليوم الخامس عشر واليوم العشرين عقب وفاة البابا، بعد انتهاء أيّام "النوفيندالي"، أيّ تسعة أيّام من الصّلوات على نيّة راحة نفس البابا الراحل. وتفصيلًا، منذ لحظة خلوّ الكرسيّ الرّسوليّ شرعيًّا، يتعيّن على الكرادلة النّاخبين الحاضرين انتظار الغائبين مدّة خمسة عشر يومًا كاملة، ويجوز تمديد الانتظار حتّى عشرين يومًا لأسباب قاهرة. ومع ذلك، يمنح المرسوم "Normas nonnullas" لمجمع الكرادلة صلاحيّة تقديم موعد بدء الكونكلاف إذا حضر جميع النّاخبين. وحتّى اليوم لا يزال يُنتظر وصول عدد من الكرادلة القادمين من أصقاع الأرض إلى روما، حيث سيقيمون في بيت القدّيسة مرتا، الّذي اختاره البابا فرنسيس مقرًّا لإقامته بدلًا من الشّقة الرّسوليّة.
في صباح الأربعاء السّابع من أيّار مايو، سيحتفل الكرادلة جميعهم معًا بالقدّاس الاحتفاليّ "من أجل انتخاب الحبر الأعظم"، الّذي سيرأسه عميد مجمع الكرادلة، موجّهًا إلى إخوته نداءً للانطلاق بعد الظّهر نحو كنيسة السّيستينا بقوله: "إنّ الكنيسة جمعاء، المتّحدة معنا في الصّلاة، تلتمس بلا انقطاع نعمة الرّوح القدس، لكي يتمّ انتخاب راعٍ جدير لقطيع المسيح بأسره". ومن هناك، ينطلق الموكب الرّهيب نحو الكنيسة الّتي تزيّنها روائع ميكيلانجيلو، حيث سيرتّل الكرادلة نشيد "Veni, Creator Spiritus"، ويعلنون القسم المقدّس. على أن تكون الكنيسة قد أعدّت لاستقبال الكونكلاف بنصب مقاعد الاقتراع والمدخنة الّتي ستحرق فيها أوراق التّصويت. لانتخاب البابا، يشترط الحصول على أغلبيّة موصوفة تبلغ الثّلثين. ويجري أربع جولات اقتراع يوميًّا، اثنتان في الصّباح واثنتان في المساء، وبعد الجولة الثّالثة والثّلاثين أو الرّابعة والثّلاثين، يتمّ الانتقال وجوبًا إلى الاقتراع بين المرشّحين الحاصلين على أعلى عدد من الأصوات. ومع ذلك، حتّى في هذه المرحلة، تبقى الأغلبيّة المؤهّلة ضروريّة. ولا يجوز للمرشّحين النّهائيّين التّصويت لصالح أنفسهم. وإذا بلغ أحدهما ثلثي الأصوات، يكون انتخابه قانونيًّا صحيحًا.
وعندما يتمُّ الانتخاب، يستدعي آخر الكرادلة الشّمامسة المولج بشؤون الاحتفالات اللّيتورجية وأمين سرّ مجمع الكرادلة. ويوجّه إلى البابا المنتخب السّؤال التّقليديّ باللّاتينيّة: " Acceptasne electionem de tecanonicefactam in Summum Pontificem? " أي "هل تقبل انتخابك القانونيّ حَبرًا أعظم؟" وعند جوابه بالإيجاب، يُسأل: " Quo nomine vis vocari?"، أيّ "بأيّ اسم ترغب أن تُدعى؟" فيعلن البابا الجديد الاسم الّذي اختاره. عقب ذلك، تُحرق أوراق الاقتراع بطريقة يظهر معها الدّخان الأبيض من ساحة القدّيس بطرس. ثمّ يتوجّه البابا المنتخب إلى "غرفة الدّموع"، أيّ إلى سكرستيا كنيسة السّيستينا حيث يرتدي للمرّة الأولى الحلّة البابويّة المعدّة بثلاث مقاسات مختلفة، ليتوجّه بعدها إلى شرفة البازيليك الفاتيكانيّة. وبعد الصّلاة من أجل البابا الجديد وأداء تحيّة الإكرام من قبل الكرادلة، ينشد الجميع نشيد الـ "Te Deum" إعلانًا لانتهاء الكونكلاف. ثمّ يلي ذلك إعلان انتخاب البابا "Habemus Papam"، وظهور الحبر الأعظم الجديد، يتقدّمه الصّليب، لكي يمنح البركة الرّسوليّة لمدينة روما والعالم."