الفاتيكان
08 شباط 2022, 06:55

هذا ما أوصى به البابا فرنسيس الطّلّاب الإكليريكيّين!

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة مرور مئة عام على انتخاب البابا بيوس الحادي عشر، أحد الطّلّاب الأوائل في إكليريكيّة القدّيسين أمبروسيوس وشارل الحبريّة في مقاطعة لومبارديا- شمال إيطاليا، استقبل البابا فرنسيس جماعة الإكليريكيّة، وتوجّه إليهم بكلمة منطلقًا من جذور الإكليريكيّة المرتبطة بالبابا بيوس، "لا بدافع من الحنين إلى الماضي، بل لتحديد العلامات النّبويّة لعمل الطّلّاب الإكليريكيّين ورسالتهم وبشكل خاصّ في خدمة الكنيسة والشّعب الإيطاليّ".

وبحسب "فاتيكان نيوز"، "بدأ البابا فرنسيس تأمّله هذا مذكّرًا بأنّ البابا بيوس الحادي عشر أراد فور انتخابه أن يطلّ لا على داخل بازيليك القدّيس بطرس بل من الشّرفة الخارجيّة، أراد هكذا أن تكون مباركته الأولى لمدينة روما والعالم بكامله، فعلٌ يذكِّرنا بضرورة الانفتاح وتوسيع آفاق الخدمة على أبعاد العالم وذلك للوصول إلى كلّ الأبناء الّذين يريد الله معانقتهم بمحبّته. ودعا البابا فرنسيس الطّلّاب بالتّالي إلى عدم البقاء في السّكريستيا وعدم تشكيل مجموعات صغيرة للعيش في هدوء، فهناك عالم ينتظر الإنجيل، ويريد الرّبّ أن يقتدي به رعاته حاملين في قلوبهم وعلى أكتافهم تطلّعات القطيع وأثقاله. تحدّث الأب الأقدس بالتّالي عن الحاجة إلى قلوب منفتحة، عطوفة ورحومة، وإلى أيادٍ عاملة وسخيّة تتّسخ وتُجرح من أجل المحبّة، كيدَي يسوع على الصّليب. وهكذا تصبح الخدمة بركة من الله للعالم."

ثمّ أشار إلى أنّ "دراستهم وتعمّقهم خلال سنوات الدّراسة هي نعمة من الله"، وشدّد على ضرورة ألّا تصبح معارفهم مجرّدة، منفصلة عن الحياة وعن التّاريخ. وتابع: "إنّ كنيسة تقول الكثير إلّا أنّ كلماتها تفتقر إلى المسحة ولا تلمس جسد الأشخاص لا تخدم الإنجيل. فمن أجل بلوغ كلمات حياة يجب إخضاع المعرفة للرّوح القدس عبر الصّلاة، وسكن الأوضاع الملموسة للكنيسة وللعالم، هناك حاجة إلى شهادة حياة. كونوا كهنة تلهب قلوبهم الرّغبة في حمل الإنجيل إلى طرقات العالم، إلى الأحياء والبيوت، وخاصّة في الأماكن الأكثر فقرًا والمنسيّة". وشدّد بالتّالي على أهمّيّة الشّهادة والأفعال، مثل ذلك الفعل الأوّل للبابا بيوس الحادي عشر فور انتخابه.

عاد الأب الأقدس بعد ذلك إلى العظة الأولى للبابا بيوس الحادي عشر والّتي تحدّث فيها عن الرّسالة، وقال البابا فرنسيس إنّه وبدلاً من أن يقدّم إجابات فقد دعا إلى التّساؤل: ماذا يمكنني أن أقدّم للرّبّ؟ وصف الأب الأقدس هذا بسؤال جيّد يمكن أن يطبّقه الطّلّاب الإكليريكيّين على كلّ ما يقومون به الآن استعدادًا للرّسالة. وتابع: "إنّ هذا سؤال لا يتعلّق بهم وبتطلّعاتهم بل يتطلّب فتح القلوب على الاستعداد والخدمة. فلنسأل أنفسنا في بداية كلّ يوم ماذا يمكنني أن أقدّم؟ إنّ الخطابات الكنسيّة في إيطاليا أيضًا غالبًا ما تقتصر على جدل داخليّ ما بين مجدّدين ومحافظين، من يفضِّل رجل السّياسة هذا أو ذاك، بينما يُنسى الأمر الجوهريّ، أن نكون كنيسة من أجل عيش الإنجيل ونشره". ودعا الطّلّاب إلى عدم الاهتمام بفناء البيت الصّغير، فهناك عالم بكامله متعطّش إلى المسيح، وواصل داعيًا إلى أن يُنَموا بحماسة قلبًا منفتحًا، مستعدًّا وإرساليًّا.

هذا وانطلقت النّقطة الأخيرة في كلمة البابا فرنسيس من الرّسائل العامّة الاجتماعيّة الكثيرة للبابا بيوس الحادي عشر، وقرأ للطّلّاب مقاطع من هذه الوثائق الهامّة مشيرًا إلى كونها تبدو معاصرة وإن كانت قد كُتبت منذ قرن من الزّمن تقريبًا. "ويتحدّث البابا بيوس الحادي عشر عمّا يجرح الأعين في زمننا، والّذي هو وأكثر من مجرّد تكديس الثّروات حسب ما كتب، إنّه تراكم السّلطة القويّة. وتحدّث في هذا السّياق عن طغيان هيمنة أقلّيّة على الاقتصاد، أقلّيّة بيدها روح الاقتصاد حسب ما ذكر. إنّ هذا أمر حقيقيّ ومأساويّ اليوم أيضًا حيث تتّسع الفجوة بين الأغنياء القليلين والفقراء الكثر. إنّكم، وفي إطار اللّامساواة هذا والّذي فاقمت الجائحة من حدّته، ستجدون أنفسكم تعيشون وتعملون ككهنة المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، كـ"علامة وأداة في الاتّحاد الصّميم بالله ووحدة الجنس البشريّ برمّته" حسب ما جاء في الوثيقة المجمعيّة الدّستور العقائديّ في الكنيسة "نور الأمم"... كونوا ناسجي شركة ومزيلين للّامساواة ورعاة متنبّهين إلى علامات معاناة الشّعب."

وفي الختام، أكّد البابا للطّلّاب الإكليريكيّين أنّ بانتظارهم واجبات كبيرة، وللقيام بها دعاهم إلى أن يطلبوا من الله أن يحلموا بجمال الكنيسة، أن يحلموا بكنيسة في إيطاليا الغد أكثر أمانة لروح الإنجيل، أكثر حرّيّة وأخوّة وفرحًا في الشّهادة بيسوع، يحرّكها شغف الوصول إلى من لم يتعرّف بعد على إله كلّ عزاء. كنيسة تُنَمّي شركة أكثر قوّة، وأكثر اهتمامًا بالفقراء.