هذا ما أوصى به البابا المكرّسين والعاملين الرّعويّين!
"الإخوة الأعزاء في الأسقفية
الكهنة والرهبان والراهبات
الإخوة والأخوات، صباح الخير !
بفرح كبير ألتقي بكم في هذه الزيارة التي شعارها: "طوبى لفاعلي السلام" (راجع متى (5، 9). الكنيسة في لبنان، الموحدة في وجوهها المتعددة، هي أيقونة لهذه الكلمات، كما قال القديس البابا يوحنا بولس الثاني، الَّذِي أَحَبَّ شعبَكُم محبة كبيرة في لبنان اليوم، أنتم مسؤولون عن الرجاء (رسالة إلى مواطني لبنان 1 أيار/ مايو (1984)، وأضاف: "هنا حيث تعيشون وتعملون، أوجدوا جوًّا أخويًّا. وبدون سذاجة، اعرفوا كيف تمنحون الثقة لغيركم، وكونوا مبدعين لكي تنتصر قوة المغفرة والرحمة التي تجدد الإنسان" (المرجع نفسه).
شكرًا للشهادات التي أصغينا إليها، شكرا لكل واحد منكم شهاداتكم قالت لنا إن هذه الكلمات لم تذهب سدى، بل وجدت آذانا مصغية واستجابة لأن الشركة تبنى هنا باستمرار في المحبة.
عظة في اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين، 29 أيلول / سبتمبر (2019). من جهة، شجاعتهما تكلمنا على نور الله الذي يسطع، كما قالت لورين، حتى في أحلك اللحظات، ومن جهة أخرى، ما عاشوه يفرض علينا الالتزام، حتى لا يضطر أحد بعد اليوم إلى الهروب من بلده بسبب صراعات عبثية وقاسية، وحتى لا يشعر من يدق باب جماعاتنا أنه مرفوض، بل مرحب به من خلال كلمات شبيهة بالتي قالتها لورين نفسها: "أهلا وسهلا بك في بيتك!".
وعن ذلك تُكلمنا أيضًا شهادة الراهبة ديما التي اختارت أمام اندلاع العنف، ألا تترك المخيم، بل أن تبقي المدرسة مفتوحة، وتجعل منها مكانا لاستقبال النازحين ومركزا تربويا ذا فاعلية استثنائية. في الواقع، في هذه الغرف بالإضافة إلى تقديم الدعم والمساعدة المادية، يتعلمون ويعلمون كيف يتقاسمون الخبز والخوف والرجاء"، ويحبون وسط الكراهية، ويخدمون رغم التعب، ويؤمنون بمستقبل مختلف يتجاوز كل توقع. اهتمت الكنيسة في لبنان اهتماما كبيرا بالتعليم. أشجعكم جميعًا على مواصلة هذا العمل النبيل، وأن تتوجهوا خصوصًا إلى المحتاجين، والذين لا مال لهم، والذين هم في أوضاع شديدة، عبر خيارات مهمة تقوم على المحبة السخية، لكي ترتبط دائما تنشئة الفكر بتربية القلب. لنَتَذكَّر أن مدرستنا الأولى هي الصليب، وأنّ معلمنا الوحيد هو المسيح (راجع متى 23 (10).
في هذا السياق، كلمنا الأب شربل على خبرته في الرسالة داخل السجون، وقال إنه هناك بالتحديد، حيث لا يرى العالم سوى الجدران والجرائم، نحن نرى في عيون السجناء، التائهة تارة، والمتألقة برجاء جديد تارة أخرى، وداعة الله الآب الذي لا يتعب أبدًا من أن يغفر. وهذا صحيح نحن نرى وجه يسوع منعكسا في وجه المتألم وفي وجه من يعتني بالجراح التي سببتها الحياة. بعد قليل سنقوم بعمل رمزي وهو تسليم الوردة الذهبية لهذا المزار. إنه عمل قديم، يحمل بين معانيه الدعوة إلى أن ننشر، بحياتنا، رائحة المسيح الطيبة (راجع 2 قورنتس (2 (14) أمام هذه الصورة، أفكر في الرائحة التي تتصاعد من الموائد اللبنانية المميزة بتنوع الأطباق التي تقدمها وبالبعد الجماعي القوي في مشاركتها. إنها رائحة مكونة من ألف رائحة، تؤثر بتنوعها وأحيانًا بمجموعها معا. هكذا هي رائحة المسيح الطيبة. ليست منتجا باهظ الثمن ومحصورًا في قلة قليلة قادرة على أن تقتنيه، بل هو النكهة التي تنبعث من مائدة سخية تتسع لأطباق كثيرة مختلفة، ويستطيع الجميع أن يشارك فيها معا. ليكن هذا روح الرتبة التي نريد أن نقوم بها، وقبل كل شيء الروح التي نجتهد أن نعيشها كل يوم متحدين في المحبة."
وبعد الكلمة، قدّم البابا وردة ذهبيّة للسّيّدة العذراء، وصلّى أمام للحظات بصمت.
