لبنان
25 كانون الثاني 2023, 06:55

نشاط الرّاعي لأمس الثّلاثاء في الصّرح البطريركيّ- بكركي

تيلي لوميار/ نورسات
إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، قبل ظهر الثّلاثاء، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، وفدًا من لقاء سيّدة الجبل والمجلس الوطنيّ لرفع الاحتلال الإيرانيّ عن لبنان، وكانت مناسبة لعرض الأوضاع الرّاهنة.

النّائب السّابق مصطفى علّوش تحدّث باسم المجلس وقال: "جئناكم سيّدنا بداية للمعايدة بهذه الأعياد الكريمة، ولنتمنّى لكم دوام الصّحّة والقوّة لمتابعة ما تقومون به، عسى أن تحمل هذه السّنة الجديدة الخلاص لبلدنا لبنان ممّا أوصله إليه حكّامه. نضع بين أيديكم بيانات وأعمال مجموعتينا، لقاء سيّدة الجبل والمجلس الوطنيّ لرفع الاحتلال الإيرانيّ عن لبنان، لفترة العام المنصرم، واللّتين تعرفونهما جيّدًا وتعرفون التّوجّه الّذي تسيران عليه من أجل معالجة الأزمة الّتي يعاني منها لبنان".

وتابع: "هذا الصّرح معروف للقريب وللبعيد منذ تأسيسه، أنّه حامي هذا الكيان وعيشه المشترك، وحامل لهموم مواطنيه إلى أيّة طائفة انتموا، وليس فقط للمسيحيّين الموارنة. ولذلك، أتينا اليوم لنؤكّد الثّوابت الّتي نعتبرها خارطة طريق يمكن للّبنانيّين اتّباعها للخروج من هذا النّفق المظلم وبرعايتكم".

أضاف: "ثوابتنا ،غبطة أبينا، تتوافق مع ما تنادون به، وهي، وثيقة الوفاق الوطنيّ الّتي أقرّت في مدينة الطّائف، وتلازما دستورنا المعدل وفقها في العام 1989. قرارات الشّرعيّة العربيّة، وأهمّها قرارات قمّة بيروت 2002 وبالتّحديد قرار الأرض مقابل السّلام. قرارات الشّرعيّة الدّوليّة، وتحديدًا الـ1559، 1680، 1701 و2650".

وقال: "نعتبر أنّ لبنان قادر على استعادة دوره التّاريخيّ، والّذي على أساسه طالبت الكنيسة في العام 1920 بتأسيسه، ألا وهو وطن يقوم على مبدأ الانتماء الوطنيّ وليس الانتماء الدّينيّ، وطن الحرّيّة والعدالة وليس وطن مأوى لأقلّيّات خائفة، وطن الرّسالة لمحيطه والعالم وليس وطن يخرّب ويعادي محيطه والعالم".

وتابع: "نحن نعتبر أنّ طرحنا هذا لا يتعارض مع ما يطرحه هذا الصّرح، لا بل نحن واثقون أنّ لهذا الصّرح اليوم أن يستعيد دوره الجامع ويدعو اللّبنانيّين إلى الالتفاف حول هذه الثّوابت والتّأكيد على تطبيقها، لأنّ بذلك يمكن تأسيس مقاومة للمشروع الّذي يلغي لبنان.  

إنّه الدّور الّذي لطالما هذا الصّرح لعبه عبر التّاريخ، وبما أنّكم تطالبون اليوم بعقد مؤتمر دوليّ لمساعدة لبنان على تخطّي صعابه، فإنّ هذه الثّوابت يمكن أن تكون، بتقديرنا، ورقة عمل للمؤتمرين لمناقشة تطبيقها من أجل استعادة القرار الوطنيّ من مغتصبيه وحماية سيادة وحرّيّة لبنان".

ثمّ تحدّث النّائب السّابق فارس سعيد الّذي قال: "سيّدنا الرّاعي الصّالح، المؤتمن على رعيّته وعلى هذا الوطن بجميع أبنائه ومكوّناته، سلام الرّبّ عليكم".

وتابع: "لا نأتي إليكم اليوم لنذكّركم، وإنّما لنذكّر أنفسنا وإخوتنا بأنّ هذا الصّرح كان وسيبقى ملاذنا عند المحن، وخيمتنا الجامعة عند الافتراق. كذلك جئنا إليكم لنُذكّر أنفسنا والجميع بأنّ سلسلة بطاركتنا العظام، وأنتم حلقة في هذه السّلسلة الّتي لا تنقطع بإذن الله ومشيئته، قد علّمونا أربعة:

1. إنّ لبنان هذا الذي اخترناه إنّما هو وطن العيش المشترك، على أساس الوطنيّة السّياسيّة لا الدّينيّة، كما جاء على لسان البطريرك المؤسّس الياس الحويّك المثلّث الرّحمات.

2. إنّ الشّهادة لإيماننا المسيحيّ تكون أحسن ما تكون في بيئة العيش المشترك، لا في بيئة صافية، فلا فضل أو امتياز لشهادة المسيحيّ في روما، ولا فضل أو امتياز لشهادة المسلم في مكّة، كما جاء في أدبيّات وتوصيات المجمع البطريركيّ المارونيّ عام 2006، وكنتم من أركانه.

3. إنّ كلّ الطّوائف والجماعات اللّبنانيّة هي للبنان هذا، وليس لبنان لواحدة منها، كما سمعنا منكم ومن سلفكم الكبير مار نصر الله بطرس صفير.

4. لبنان يكون بجميع طوائفه أو لا يكون، ولجميع طوائفه أو لا يكون".

وأضاف: "إلى ذلك، علّمتنا التّجربة اللّبنانيّة، لاسيّما في العقود الثّلاثة الأخيرة، إثنتين:

أنّنا، عند الأزمات العصيّات، ننهض معًا وجميعًا، أو نسقط فرادى متفرّقين. أنّه لا حلّ طائفيّ لأزمة طائفيّة، وإنّما هناك حلّ وطنيّ للجميع".

وقال: "هذه المبادئ والتّعاليم الّتي استقيناها منكم ومن أسلافكم ومن التّجربة اللّبنانيّة، هي الّتي جمعتنا في لقاء سيّدة الجبل منذ أكثر من عشرين عامًا، بوصفه لقاء وطنيًّا ومسيحيًّا في آن معًا: ونحن على قناعة بأنّ هذا الوطن جسم واحد، إذا تداعى عضو فيه تداعت له سائر الأعضاء.

سيّدنا، نعيش في منطقة تنام على شيء وتصحو على شيء آخر، هذا فيما السّياسيّون على وجه الإجمال عاجزون عن الارتقاء إلى مستوى المسؤوليّة الوطنيّة، وذلك لسببٍ شديد الوضوح، هو أنّ كلّ واحد من أقطاب السّياسة ومرجعيّاتها مشغول بحساباته الخاصّة، الأمر الّذي يلهيه عن الاهتمام بالشّأن العامّ والمصير المشترك".

وتابع: "نحن، نرى معكم أنّ للبنان حقًّا على أصدقائه في المجتمعين العربيّ والدّوليّ بأن يتحرّكوا لإنقاذه، نظرًا لما أغدقوا عليه سابقًا من قرارات دوليّة وعربيّة خاصّة بسيادته واستقلاله، ومن مساعدات ماليّة لإنعاش اقتصاده، فضلاً عن عنايتهم بصيغته الفريدة، ولكن بين المبادرة الدّوليّة والواقع اللّبنانيّ الرّاهن حلقة مفقودة هي مبادرتنا الدّاخليّة (ساعدوا أنفسكم لنساعدكم). وأمام انسداد الأفق السّياسيّ العامّ في لبنان والّذي يتعقّد يومًا بعد يوم، نرى أنّ هذه المبادرة المطلوبة من شأنها أن تأتي من مستوى المرجعيّات السّامية. بمعنى آخر، نتمنّى عليكم أن تحملوا قضيّة لبنان إلى دوائر القرار العربيّة والدّوليّة وتطالبون دعم الأصدقاء في كلّ أنحاء العالم من أجل مساعدتنا لتنفيذ الدّستور والطّائف وقرارات الشّرعيّة العربيّة والدّوليّة لاسيّما 1559-1680-1701-2650. خارج ذلك ليس أمامنا سوى الجلوس على مقاعد الانتظار، فيما الوطن يهرب من بين الأصابع، والدّولة تلفظُ آخرَ أنفاسها".

وإختتم: "نقول أخيرًا إنّه ليست هناك أزمة مسيحيّة بذاتها ولا أزمة إسلاميّة بذاتها وأزمات القضاء والمصارف والمدارس والمستشفيات، وغيرها لأزمة وطنيّة كبرى متمثّلة بالاحتلال الإيرانيّ للبنان بواسطة سلاح حزب الله، ولا حلّ لهذه الأزمة الوطنيّة إلّا برفع هذا الاحتلال عن لبنان ولا رفع لهذا الاحتلال إلّا من خلال الوحدة الدّاخليّة وأنتم في مقدّمة من صانها ويصونها. رعاكم الله ودمتم للبنان".

ثمّ استقبل البطريرك الرّاعي عميد المجلس العامّ المارونيّ الوزير السّابق وديع الخازن الّذي قال بعد اللّقاء: "إنّ الزّيارة لشكر غبطة أبينا البطريرك على مواساته لنا بفقدان شقيقتنا المرحومة شادية الخازن تويني وإيفاده المطرانين يوسف سويف وأنطوان عوكر للتّعزية من قبله."  

أضاف: "هنّأت غبطته بسلامة العودة من بريطانيا وحاضرة الفاتيكان بعدما حمل إلى قداسة الحبر الأعظم نكبة اللّبنانيّين وهمّهم من تداعيات الانهيار الاقتصاديّ والانحدار السّياسيّ والهاجس الصّحّيّ، فضلاً عن قلق مسيحيّي لبنان والشّرق على مستقبلهم وحضورهم ورسالتهم".

وتابع: "كانت مناسبة تداولنا فيها بموضوع الاستحقاق الرّئاسيّ فاعتبر غبطته أنّه بذل وما زال، أقصى المحاولات لدفع الأفرقاء إلى إنجاز هذا الاستحقاق باعتبار إنجاز انتخاب رئيس للجمهوريّة هو الرّكن الأوّل للحفاظ على مسيرة مؤسّسات الدّولة وعودة الثّقة بالبلد، بعدما حذّر صاحب الغبطة مرارًا وتكرارًا من أنّ المماطلة والتّأخير سوف يؤدّيان إلى شلّ الدّولة وتعطيل مؤسّساتها، وهو ما وصلنا إليه اليوم بشكل مأساويّ ومعيب ومهين. كان الرّأي متّفقًا على أنّ لا سبيل إلى تفعيل مرافق الدّولة وتنشيط الحركة الاقتصاديّة إلّا بإعادة هيكلة مرافقها العامّة، لا بل أنّ البلاد بأجمعها في خطر إذا ما استمرّ هذا الاستهتار بالاستحقاق الرّئاسيّ الّذي يؤمّن إعادة تحريك العجلة في الدّولة، ويبعث الحياة في المؤسّسات الدّستوريّة الّتي تُمثّل الحكومة عنوانًا لحرمتها وهيبتها وحضورها الفاعل في المجتمع الدّوليّ، بعدما أصبحنا في نظر هذا المجتمع عاطلين عن العمل، وخارجين عن الالتزامات والاستحقاقات."  

كما استقبل الرّاعي وفدًا من "جمعيّة أصدقاء القربان المقدّس" برئاسة منى نعمة.

وبعد الظّهر استقبل البطريرك الرّاعي مدير عام قوى الأمن الدّاخليّ اللّواء عماد عثمان الّذي عرض له الأوضاع الأمنيّة في البلاد وعمل قوى الأمن الدّاخليّ في ضبطتها ومكافحة الجريمة وتعقّب المجرمين والمخالفين. من جهتة أثنى الرّاعي على جهود القوى الأمنيّة الّتي تقوم بواجبها على الرّغم من الظّروف الصّعبة والتّحدّيات الّتي تواجهها. كما استقبل وزيرة المهجّرين السّابقة أليس شبطيني.