لبنان
25 شباط 2021, 06:00

نشاط البطريرك الرّاعي لأمس الأربعاء- بكركي

تيلي لوميار/ نورسات
إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر الأربعاء، في الصّرح البطريركيّ في بكركي الوزير السّابق غازي العريضي في زيارة تمّ فيها البحث في عدد من القضايا المحلّيّة ولاسيّما موضوع تشكيل الحكومة اللّبنانيّة.

تحدّث العريضي بعد اللّقاء وقال: "لقد التقيت البطريرك الرّاعي ونقلت إليه تحيّات الزّعيم الوطنيّ وليد جنبلاط ورسالة تقديريّة منه لمواقفه الوطنيّة والمسؤولة والحكيمة والحريصة على الشّراكة في البلد، لأنّ غبطته لم ينقطع يومًا عن الحديث عن هذه الشّراكة. هذا هو لبنان وميزته بهذا التّنوّع الّذي لا نزال نأمل أن يتحوّل دائمًا أو يترسّخ نموذجًا لهذا التّنوّع في إطار وحدة وطنيّة حقيقيّة. ولا نعتقد أنّ غبطة البطريرك قد خرج يومًا عن هذا الأمر، بالعكس هذا كان هدفه الأساسيّ في كلّ ما يطرح".

وأضاف: "تحدّثت في الزّيارة الأخيرة لبكركي عن المئويّة الأولى وما آل إاليه وضع لبنان في بداية المئويّة الثّانية. وقلت إذا كنّا قد وصلنا إلى هنا في المئويّة الأولى فهل يبقى لبنان الكبير في المئويّة الثّانية مع استمرار الحال على ما نحن عليه؟ للأسف، الأجوبة بالوقائع اليوميّة لا تبشّر بالخير، لكنّنا نحن الّذين يعني لنا لبنان الكثير، هذا البلد ذو النّكهة المميّزة الفريدة في هذه المنطقة، سنسعى ونعمل ونجاهد دائمًا مع كلّ الّذين يعبّرون عن اقتناعاتهم بهذا اللّبنان وحرصهم عليه لأنّه يواجه تحدّيات كثيرة وخطيرة تنذر بتغيّرات لا تجعلنا وأولادنا والأجيال المقبلة أمام لبنان الّذي عرفناه".

وتابع: "تحدّثنا أيضًا عن الواقع الاقتصاديّ، الاجتماعيّ، والماليّ الكارثيّ الخطير على كلّ المستويات. واليوم، كلّ نشرات الأخبار تناولت أسعار المحروقات، والحديث يدور منذ أشهر عن رفع الدّعم. وكنّا أوّل فريق سياسيّ تقدّم بمشروع إلى مجلس النّوّاب لترشيد الدّعم ضمن خطّة متكاملة بخطوات عمليّة تحمي البلد من التّهريب وهدر المال العامّ وخصوصًا أنّ هناك مبالغ بالمليارات تهدر سنويًّا تحت عنوان الدّعم، مع الأخذ في الاعتبار الخطّة الكاملة لحماية الأسر الأكثر فقرًا على كلّ المستويات سواء أكان في الدّواء أم المحروقات أم الخبز والمواد الغذائيّة. وعلى رغم النّقاش السّياسيّ والأخطار الكبرى، هذا أمر يهدّد كلّ اللّبنانيّين، وبالتّالي يجب أن يكون محطّ اهتمام وطنيّ شامل. للأسف لا نرى هذا الاهتمام وهناك خطر على خطر، وهذا ما يهدّدنا".

وحول المؤتمر الدّوليّ الّذي طرحه البطريرك الرّاعي، أشار العريضي: "المشكلة أنّنا في لبنان نذهب في مواقفنا وتصريحاتنا أحيانًا في محاكمة نيّات أو قراءة غلط أو عدم قراءة. وكلّ هذه الحالات موجودة في الحياة السّياسيّة اللّبنانيّة. هل سمع أحد في لبنان البطريرك الرّاعي يتحدّث عن فصل سابع أو عن جيوش أجنبيّة تأتي إلى لبنان؟ هل سمع أحد كلمة أو إشارة من البطريرك إلى هذا الأمر؟ لقد تحدّث عن مؤتمر دوليّ وتلاقي دول مع دول أخرى معنيّة بلبنان تعمل لأهداف وأسباب وخلفيّات مختلفة، تلاقي كلّ العالم في ذاته تدويل من دون أن يكون هناك تلاق على فكرة مؤتمر دوليّ كانت في الطّائف وفي "سان كلو" في الدّوحة، وفي باريس 1-2-3 و"سيدر"، وهي قائمة على مستوى الاتّصالات الدّوليّة، وفق ما أشرت إليه من اهتمام دوليّ بالوضع اللّبنانيّ".

وتابع: "لقد قام البطريرك الرّاعي بمحاولات حثيثة لجمع الرّئيسين. وهذا الأمر لم يكن في حاجة إلى تدخّل أحد. لذلك طرح الأمر. إذا التزمنا الدّستور وذهبنا إلى صيغة الوفاق الوطنيّ والحسّ بالمسؤوليّة الوطنيّة، فما بالنا أن يتدخّل رمز الكنيسة الأوّل ويناشد عقد لقاء بين الرّئيسين من أجل الوصول إلى حكومة لإدارة شؤون البلد ومحاولة إنقاذه. كلّ العالم اليوم يقول لا مساعدة للبنان إلّا إذا ألّفتم حكومة، في وقت نقول للنّاس لا نريد تأليف حكومة. إذًا، أين هي الأمانة الوطنيّة؟ أين هي أمانة المسؤوليّة الوطنيّة؟ لذلك، فإنّ طرح البطريرك فكرة المؤتمر الدّوليّ هو محاولة لإعادة جمع اللّبنانيّين عبر تأثير هذه الدّول، سواء بالعلاقات المباشرة أو على مستوى القرارات الكبيرة الّتي يمكن أن تساعد لبنان عند تأليف حكومة. وإذا سارت الأمور وفق ما اتّفقنا عليه وخصوصًا في المبادرة الفرنسيّة، فلا أحد يتحدّث عن الخروج عن وثيقة الوفاق الوطنيّ وعلى رأسهم غبطة البطريرك الرّاعي. وبالتّالي لسنا في حاجة إلى السّجال أمام هذا الموقف الثّابت المخلص للبطريرك. أمّا ألّا نذهب كلبنانيّين إلى تفاهم ونعطل كلّ محاولات التّفاهم والوصول إلى حكومة بسبب تعنّت وثمّة من لا يريد سعد الحريري رئيسًا للحكومة، والبقيّة كلّها تفاصيل. رئيس الجمهوريّة لا يريد سعد الحريري رئيسًا للحكومة وأنا واثق من ذلك، وعشيّة التّكليف قيل الكلام الواضح عندما كانت الأمور سائرة في اتّجاه تكليف الحريري، رسالة تحذير أو تنبيه أو تحميل مسؤوليّة لمن سيختار سعد الحريري في اليوم التّالي".

وعن رأيه بتكليف الرّئيس الحريري، إذا كان رئيس الجمهوريّة لا يريده، أجاب العريضي: "الكتل النّيابيّة لا تعمل لدى رئيس الجمهوريّة. ومن اختار سعد الحريري ليس موظّفًا أو هناك إنّما مارس حقّه الدّستوريّ، والكتل الّتي سمّت الحريري مارست حقّها الدّستوريّ، وعلى الجميع أن يخضع للدّستور. وهذا حقّ دستوريّ كلّف بنتيجته الحريري، وبالتّالي نذهب إلى التّأليف. أكثريّة نيابية منبثقة من انتخابات نيابيّة سمّت الرّئيس الحريري، إنّما نحترم هذا الأمر أو لا. كمال جنبلاط كان يقول إنّ "حبّ الحقيقة علّمني جمال التّسوية"، ألا نستحقّ الآن الوصول إلى تسوية في لبنان على قاعدة الدّستور وانطلاقًا من وثيقة الوفاق في محاولة لإنقاذ البلد؟".

وعن كلام رئيس "التّيّار الوطنيّ الحرّ" النّائب جبران باسيل عن شعوره بحلف إسلاميّ- مسيحيّ في وجه فريق العهد ورئيس الجمهوريّة وطرح توسيع الحكومة إلى عشرين وزيرًا، أوضح العريضي: "المحاولة ولدت ميتة وأين المشكلة المسيحيّة- الإسلاميّة في البلد؟ هل هي في موقف "القوّات اللّبنانيّة" من الحكم أو الكتائب أو رئيس "تيّار المرده" سليمان فرنجيه أو في عدد من النّوّاب الّذين استقالوا أو لم يستقيلوا، ولكن لديهم ملاحظات عالية النّبرة وهم من المسيحيّين؟ هل المشكلة الإسلاميّة- المسيحيّة تتجسّد في موقف المطران الياس عوده، أو في عظة المطران بولس عبد السّاتر، أو في دعوة بكركي إلى الوفاق والتّلاقي من أجل إنتاج حكومة. إنتهينا من اللّعب على هذا الوتر في محاولة لشدّ عصب. المشكلة بمعناها الاقتصاديّ، الاجتماعيّ، الماليّ، السّياسيّ، لبنان الكبير يواجه مشكلة وطنيّة يجب أن نتصدّى لها انطلاقًا من هذه النّقطة".

في الشّهر الأوّل للتّكليف، كانت الاندفاعة قويّة لتأليف حكومة وكان الإصرار حاسمًا جازمًا على 18 وزيرًا ولو وصلنا إلى إصدار مرسوم التّأليف، والإصرار كان على الـ18، هل كانوا يثيرون هذه القطبة المخفيّة وهذا الهمّ في آخر لحظة، أو أنّ الحكومة كانت ستمرّ؟ أين التزام المعيار الواحد؟".

لن يكون هناك ثلث معطّل لأحد. هذا كلام واضح، وأوّل شخص أعلن رفضه للثّلث المعطّل، وبرسالة واضحة وبيان واضح، الرّئيس نبيه برّي الّذي قال: "حتّى لو جئتم بثلث معطّل لي فلن أقبل، وعندما نصل إليها نتحدّث عنها. وآمل تأليف حكومة بهدوء ومسؤوليّة وطنيّة لمعالجة المشاكل."

بعدها التقى البطريرك الرّاعي وفدًا من القّوات اللّبنانيّة ضمّ النّوّاب: أنطوان حبشي، جورج عقيص، فادي سعد، عماد واكيم، إيدي أبي اللّمع، شوقي الدّكّاش، زياد حوّاط وجوزيف إسحق، والوزراء السّابقين: ريشار قيومجيان، ملحم رياشي، مي شدياق وكميل أبو سليمان، إضافة إلى السّيّد أنطوان مراد، وكان "تأكيد على ضرورة العمل لإخراج لبنان من أزماته الّتي أنهكت شعبه."

وألقى النّائب حبشي بعد اللّقاء كلمة بإسم الوفد قال فيها: "مجد لبنان أعطي له"، هذا ما نراه محفورًا على مدخل كنيسة الصّرح البطريركيّ، فمجد لبنان لم يُعطَ له عن عبث، بل كنتيجة لعمل وجهد تراكميّ طوال مئات السّنين لبناء لبنان وطن ودولة. وفي رؤية بكركي والمسيحيّين أنّ لبنان ليس وطنًا ودولة لفئة إنّما للجميع.

"مجد لبنان أعطي له" منذ تأسيس البطريرك الدّويهيّ لمدرسة حلب المارونيّة في القرن السّابع عشر، والّتي كانت في أساس النّهضة الثّقافيّة العربيّة والّتي لم تعد بالإفادة على المسيحيّين فقط بل على كلّ العالم العربيّ.

"مجد لبنان أعطي له" عندما قام البطريرك الحويّك بالسّعي لإنشاء دولة لبنان الكبير وطنًا للحرّيّة والحداثة، وطنًا شهدناه مزدهرًا لعقود بسبب حياده وعلاقته الطّيّبة مع محيطه والعالم.

"مجد لبنان أعطي له "عندما ناضل البطريرك عريضة من أجل حقوق مزارعي التّبغ من أقصى الجنوب إلى الشّمال والبقاع واضعًا نصب عينيه قيمة الإنسان- المزارع دون أيّ تفرقة.

"مجد لبنان أعطي له" عندما قال البطريرك صفير "ونحن الّذين لجأنا إلى المغاور والكهوف في عهد الظّلم والظّلام طِوال مئات السّنين لِيسلم لنا الإيمان بالله وعبادته على طريقتنا في هذه الجبال وعلى هذه الشّواطئ ولتَبقى لَنا الحُرّيّة الّتي إذا عُدمناها عدِمنا الحياة".

"مجد لبنان أعطي له" عندما شكّل بيان المطارنة في أيلول من العام 2000 رافعة تاريخيّة لمقاومة الاحتلال السّوريّ وخروجه لاحقًا من لبنان.

"مجد لبنان أعطي له" عندما علا الصّوت يوم كانت السّلطة خارج القانون، والفساد مستشرٍ، والإتجار بحقوق اللّبنانيّين والمسيحيّين يتمّ بإسم الدّين والطّائفة، فصرخ قائلا: "بئس هذا الزّمن الرّديء"...  

مجد لبنان يُعطى له اليوم، كما أُعطي لأسلافه لأنّ "صوت الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه"، لأنّه يؤكّد على الثّوابت الّتي أرست وجود لبنان الكيان وطنًا ودولة. والثّابت الأساس في وجود لبنان، لحماية حرّيّته وتأمين ازدهاره الاقتصاديّ وتمكين أمنه الاجتماعيّ، كان ولا يزال الحياد. وحياد لبنان تاريخيّ، رافق نشأة هذا الكيان عندما أعلنت حكومة الاستقلال أنّ لبنان "يلتزم الحياد بين الشّرق والغرب". وعندما أقرّ العالم العربيّ أنّ "لبنان دولة مساندة وليس مواجهة".

وتابع حبشي: "إنّ تخلّي لبنان عن هذا الحياد جرّ عليه كلّ الويلات والصّراعات الّتي يدفع ثمنها اليوم لأنّه يهدّد وحدته أرضًا وشعبَا ولأنّه يعرّضه اليوم لحصار اقتصاديّ- ماليّ، يهدّد كلّ اللّبنانيّين في حياتهم اليوميّة وفي أمنهم الاقتصاديّ والاجتماعيّ كما السّياسيّ. إنّ الّذين يتهجّمون اليوم على موقف البطريرك المارونيّ لطرحه الحياد، إنّما هم أنفسهم الّذين وافقوا في إعلان بعبدا في البندين 12 و14 منه على "تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصّراعات الإقليميّة والدّوليّة. وبواجب التزام قرارات الشّرعيّة الدّوليّة . نريد أن نصدّق ونثق بتواقيع بعضهم ولكنّه ينطبق عليها "كلام اللّيل يمحوه النهار". ولأنّ غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي حاول مرارًا وتكرارًا وبشتّى الوسائل وعبر عدّة مبادرات أن يكون صوت الشّعب اللّبنانيّ وضميره للخروج من الأزمة الّتي يرزح تحتها، ولكي يكون أمينًا على إرث أسلافه وضنينًا على حقّ اللّبنانيّين، وعندما لم يجد لصوته صدًى لدى المسؤولين في السّلطة، توجه إلى المجموعة الدّوليّة لكي يخلّص لبنان من جهنّم الّتي يعيشها. وإن كنّا في جهنّم فتلك نتيجة ارتهان الدّولة اللّبنانيّة مع السّلطة الحاليّة للصّراعات الإقليميّة، ونتيجة زجّ لبنان في أتون الصّراع الأميركيّ- الإيرانيّ والّذي تحوّلت معه السّلطة لأداة ترتكب الجرائم بحقّ الشّعب اللّبنانيّ ممّا يحتّم اللّجوء إلى المجتمع الدّوليّ للمطالبة بحقّه في الحياة، خاصّةً أنّ عناصر الأزمة الّتي نعيشها هي خارجيّة، تستعمل لبنان مسرحًا لهذا الصّراع عبر أدوات داخليّة وتحوّل الشّعب اللّبنانيّ رهينة وضحيّة لمشاريع النّفوذ الإقليميّ."

وتابع: "لقد تحوّلت السّلطة في لبنان إلى أداة لإغتيال شعبها سياسيًّا وإقتصاديًّ وماليًّا، وقد فقدت شرعيّتها الشّعبيّة بعد حراك 17 تشرين كما فقدت وتخلّت عن واجبها في حماية اللّبنانيّين بعد 4 آب إثر زلزال انفجار مرفأ بيروت. لذلك إنّ الطّريق الأوحد إلى الحلّ لا يكون إلّا بتمكين الشّعب اللّبنانيّ عبر الخضوع لإرادته، وهذه الإرادة لا يمكن بلورتها وحمايتها إلّا من خلال إنتاجٍ جديد للسّلطة عبر انتخابات نيابيّة مبكرة تحقّق إرادة اللّبنانيّين وتجعلهم بحقّ مصدر السّلطات. كما يحتفظ الشّعب اللّبنانيّ بحقّه في استعمال كافّة الوسائل الدّيمقراطيّة المتاحة لتحقيق سيادة لبنان واستعادة شرعيّته. كلّ ما عدا ذلك هو إمعان في اغتيال لبنان واللّبنانيّين. وهنا تكمن مسؤوليّة الشّعب اللّبنانيّ في مواكبة طرح غبطة البطريرك ليثبت بعد مئة عام على نشأة لبنان الكبير، أنّه سيّد مصيره وقراره في حسم الصّراع بين الحقّ والباطل خاصّة وأنّ الخطر الحقيقيّ اليوم ليس في الصّراع بين الحقّ والباطل وإنّما في فقدان القدرة على التّمييز بينهما، في فقدان القدرة على التّمييز بين طرح البطريرك الجدّيّ والطّرح المازح للآخرين. إنّ خيار الشّعب الّلبنانيّ هو بين ثقافة الموت وثقافة الحياة. ونحن أبناء الرّجاء والحياة. سيكون لنا الحياة، حياة بوطن وبدولة نريدها سيّدة حرّة مستقلّة من أجل مستقبل أولادنا."

وعن مشاركة القوّات اللّبنانيّة في التّحرّك الشّعبيّ يوم السّبت المقبل باتّجاه الصّرح البطريركيّ في بكركي دعمًا لمواقف البطريرك الرّاعي وعن موقف صاحب الغبطة من كلام السّيّد نصرالله عن المؤتمر الدّوليّ، قال حبشي: "جميع مناصري وأبناء القوّات اللّبنانيّة مستعدّون للتّواجد في أيّ مكان يستطيع أن يوصل طروحات غبطته، أمّا عن موقف البطريرك من كلام السّيّد حسن نصرالله، فهو جواب كلّ الكبار أيّ لكلّ واحد الحقّ في أن يقول ما يريد وبالتّالي فإنّ غبطة البطريرك إيجابيّ لأنّه لا يقدّم طروحاته ضدّ أيّ طرف معيّن. وأنا اليوم أريد القول إنّ طرح الحياد أو طرح فكرة المؤتمر الدّوليّ برعاية الأمم المتّحدة، هو في مصلحة من يتهجّمون على طرح البطريرك لأنّ ما يطرحه غبطته هو خلاص للجميع من أزمة تطال وتخنق الجميع، فإنّ طبيعة لبنان هي حياديّة ولكنّهم أرادوها خارج ذلك ودوّلوا لبنان من خلال محاربة الدّول الخارجيّة وافتعال مشاكل مع الدّول العربية وإدخال اللبنانيين في محور صراع ندفع ثمنه كلبنانيين، حتى ان بيئة من يتهجم على هذه الطروحات تدفع الثمن ايضا، وبالتّالي فإنّ طرح غبطته هو جدّ إيجابيّ، فهو لم يطرح هذه المفاهيم في وجه أحد، بل أرادها أداة لاستعادة هويّة لبنان الأساسيّة حيث الحياد في جوهر إنشاء الكيان اللّبنانيّ. وبوجود صراعات من هذا الحجم لا بدّ من حضور مجتمع دوليّ. لقد وقع انفجار المرفأ ولم تستطع الدّولة أن تجد حلّاً له، وبالتّالي فمن حقّ الشّعب أن يقول للعالم اليوم إنّه بحاجة لانتباه المجتمع الدّوليّ للبنان كي لا يتمّ اغتيال الإنسان يوميًّا في لبنان واغتيال لقمة عيشه وكرامته في وطنه".

وعمّا إذا كان يحمل أيّة رسالة من الدّكتور جعجع إلى غبطته، أوضح حبشي: "غبطة البطريرك واضح جدًّا في طروحاته وفي الخطوات العمليّة الّتي يتوخّاها في متابعة هذه المسألة، وكان لافتًا أن نُقارن ما يحصل اليوم بما حصل منذ مئة عام، فاليوم البطريرك يشجع على القيام بخطوات عملية وعلى بلورة أوراق برؤية واضحة للتوجه الى كل العالم بغية حل مشاكل اللبنانيين، من اقتصادية إلى أمنيّة إلى سياسيّة واجتماعيّة وبالتّالي هذا ما حمّلنا إيّاه غبطة البطريرك والّذي يتمّ التّداول به مع كلّ الأفرقاء وكلّ من يحبّ أن يساهم بإخراج لبنان من الأزمة الّتي يعاني منها".

وفي ردّه عمّا إذا كانت القوّات اللّبنانيّة تستطيع وسط الانهيار الّذي يشهده لبنان إضافة الرّئيس برّي إلى الطّبقة الحاكمة، قال حبشي: "دعني أقول وبشكل واضح وصريح أنّ هناك تراكمًا عمره سنين، تفاقَم أكثر فأكثر مع هيمنة عدم سيادة الدّولة والقرار الاستراتيجيّ الّذي هو خارج الدّولة اللّبنانيّة على سيادة لبنان، والكلّ وأقول الكلّ، هو جزء من هذه المسألة، لذلك طرحنا قبل تحرّك 17 تشرين، كان فلتكن كلّ الطّبقة السّياسيّة خارج السّلطة التّنفيذيّة حاليًّا، حتّى لو اعتبرنا أنّنا لسنا من الطّبقة الفاسدة، ولنعطي لاختصاصيّين مستقلّين حرّيّة القرار لإمكانيّة حلّ المسائل، ولكن للأسف لم نر إلّا إعادة تمسّك أكثر وأكثر من كلّ الفريق الّذي يتشارك السّلطة، وبالتّالي أقول إنّ الأكثريّة النّيابية والسّلطة التّنفيذيّة هي اليوم بيد ثلاثة أفرقاء بشكل أساسيّ، أعني بهم حركة أمل، حزب الله، والتّيّار الوطنيّ الحرّ".

وحول عدم ملاقاة القوّات اللّبنانيّة لسعي البطريرك الرّاعي لاستعادة ثقة المجتمع الدّوليّ والرّئيس الحريري لناحية تأليف حكومة اختصاصيّين غير حزبيّين لا ثلث معطّل فيها، وترك السّاحة لفريق رئيس الجمهوريّة للمطالبة بستّ أو سبع وزارات، قال حبشي: "لم نترك السّاحة أبدًا، ولم نعمل إلّا ممارسة القناعات، فنحن مررنا بتجارب مشابهة أكثر من مرّة وعرفنا أنّه لا يمكن محاربة الفساد وأن نستعيد سيادة الدّولة طالما أنّ هذه الأكثريّة النّيابيّة مع هذه السّلطة التّنفيذيّة لا تزال متمسّكة بالحكم. اليوم يحاولون، ونحن نتمنّى لهم التّوفيق، فقد حاولوا منذ فترة حصل انفجار المرفأ والانهيار، وهم لا يزالون يتلهّون، وتعاطيهم غير جدّيّ، بنقل ملفّات قضائيّة كتلك المتعلّقة بتفجير المرفأ، وبعد ستّة أشهر على التّفجير. إنّ القوّات اللّبنانيّة واضحة، فإذا كان هناك حكومة اختصاصيّين مستقلّين حقيقيّة، وليس كالّتي سبق وشُكّلت، فنحن ندعمها شاركنا أم لم نشارك بها، ولكن كلّ المسار يدلّ على أنّه ليس بإمكان أحد القيام بهذا، فمن يمنعهم من تشكيل الحكومة، فهم فريق واحد".

وعندما سُئل: "هل يؤيّد صاحب الغبطة طرحكم لانتخابات نيابيّة مبكّرة؟" قال حبشي: قد تكلّمنا مع غبطته في هذا الموضوع ونحن نرى أنّ إنتاج السّلطة ممرّ أساسيّ، وطبعًا غبطة البطريرك يتساءل كيف يمكن أن يتمّ هذا الأمر في ظلّ التّصلّب الحاصل في المواقف اليوم، وأنا أريد أن أقول خاصّة بعد أن سمعنا بعد أحداث طرابلس أنّ الانتخابات قد لا تتمّ في موعدها، أقول إنّ الموقف الثّابت هو موقف ثابت ومبدأيّ ولا يمكن أن يتمّ تخطّي المشاكل الّتي نعيشها إلّا من خلال إعادة إنتاج السّلطة وكلّ ما حدث هذا الأمر باكرًا، نكون قد حمّلنا الشّعب اللّبنانيّ مسؤوليّة التّجديد لجلاّده أو التّغيير".

وردًّا على سؤال أخير عن مشاركة القوّات اللّبنانيّة في حال حصول انتخابات فرعيّة، قال حبشي: "بحسب القانون على الانتخابات الفرعيّة أن تتمّ في مواعيدها ونحن نطالب بانتخابات نيابيّة مبكرة لإعادة إنتاج السّلطة في كلّ لبنان، لأنّ هذه السّلطة فاقدة لشرعيّتها الشّعبيّة، وحتّى شرعيتها الأخلاقيّة بحماية اللّبنانيّين بعد تفجير المرفأ لا نراها، وهنا نتمنّى لمؤسّسة الجيش اللّبنانيّ وللقوى الأمنيّة في هذه المرحلة الصّعبة الّتي لا يتحمّل فيها أيّ مسؤول سياسيّ مسؤوليّته، أن يكون لديهم القدرة لتشكيل صمّام الأمان كي لا يذهب لبنان إلى مزيد من التّدهور والانهيار. بالنّسبة لنا ليس هناك من حلّ إلّا بإعادة إنتاج السّلطة وليتحمّل الشّعب اللّبنانيّ مسؤوليّته".