لبنان
13 أيار 2016, 15:56

نشاط البطريرك الراعي – بكركي الجمعة 13 أيار 2016

ترأس غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الجمعة 13 ايار 2016، في الصّرح البطريركي في بكركي، الاجتماع الدوري للهيئات الاقتصادية بحضور المطران سمير مظلوم. تركّز الإجتماع، كما اوضح الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي، حول البحث في توصيات القطاع الزّراعي. وقال: "بنتجية المناقشات تبيّن كم أنّ القطاع الزّراعي في لبنان يعاني فعلاً من مشاكل كبيرة جدّاً، إن على صعيد التّمويل أو على مستوى التّغطية ضدّ الكوارث الطّبيعيّة وحتّى على صعيد تنظيم مهنة الزّراعة. وحتّى أيضاً مسألة نقل وتصريف الإنتاج الزّراعي، ليس فقط بواسطة البرّ، بل أيضاً بواسطة البحر. كذلك الأمر بالنّسبة لمراقبة مواصفات المستوردات الزّراعية"، واشار يشوعي إلى "أنّه هنا أيضاً يتبيّن التقصير الكبير في موضوع مراقبة هذه المواصفات، حفاظاً أوّلاً على الصحّة العامة وثانياً إيلاء اهتمام أكبر للإنتاج المحلي."


وأضاف: "بحث المجتمعون أيضاً، في ضرورة أن تستمرّ مؤسّسة "إيدال"، بدعم الصّادرات الزّراعيّة. أمّا مع دول الإتّحاد الأوروبي كما نعلم، فهناك بعض المنتوجات الزراعية الأوروبية التي تصل إلينا، والتي لها مثيلها في لبنان، وهنا كان تمنٍّ على الأوروبيين بأن يسمحوا للبنان بإعادة بعض الرّسوم الجمركيّة على بعض المنتجات الزّراعية الأوروبية من أجل المحافظة على هذا القطاع واستمراريّته."
وخلال الاجتماع ثم البحث أيضاً في موضوع تنويع مصادر الدّخل في الأرياف، من أجل السّماح للمزارع أن يبقى ويتجذّر في أرضه وألاّ يُضطرّ من أجل العَوَز للنزوح إلى المدينة أوّلاً، ومن ثمّ للهجرة إلى الخارج. وفي هذا الاطار تابع الدكتور يشوعي: " لهذا هناك ضرورة ملحّة لإصدار المراسيم التّطبيقيّة من جهة قانون سلامة الغذاء وزيادة إحتماليّة القطاع الزّراعي في لبنان. ما يعني زيادة حصّته في النّاتج المحليّ القائم، لأنّ هناك ما لا يقل عن 200 ألف هكتار غير مستصلحين في لبنان، وهذه ربّما بواسطة إعادة إحياء المشروع الأخضر، وإذا تمّ استصلاح هذه المساحات الزّراعية، يمكن للبنان تأمين أمنه الغذائيّ بشكل أفضل وربّما استقلاليّـته الغذائيّة بشكل أحسن ويخفّض العجز في ميزانه الزّراعي وفي ميزانه التّجاري. أمّا في ما يخصّ موضوع الدّعم، من ناحية دعم بعض المزروعات في لبنان، كان هناك تمنٍّ أن يطال هذا الدّعم زراعات مستقبليّة من أجل المساهمة بتطوير نوعيّة الإنتاج الزّراعي. والبحث العلمي هو مهمّ جدّاً. ونحن لدينا المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، والتّعاون معه مهم جدّاً، وبالتّالي الإرشاد الزّراعي، وكل ذلك من أجل تنمية القدرات الزراعية لدى المزارعين."
وختم يشوعي: "تناول النقاش أخيراً موضوع التّعاونيّات. والتّعاونية هي مسألة أساسيّة في تنظيم القطاع الزّراعي، ويجب أن تلقى رعاية أفضل من قبل المديرية العامّة للتّعاونيّات في وزارة الزّراعة. وكان هناك أيضاً تمنٍّ على رئيس جمعيّة الزّراعيين في لبنان، أن يفعّل عمل الجمعيّة وأن تنخرط أكثر في الهيئات الإقتصادية وأن تهتم بتنظيم مهنة الزراعية في لبنان، لأنّ غرف التّجارة والصّناعة والزّراعة تهتم فقط بمسألة التّصدير، أي أنّها تصدّق على الفواتير المصدّرة، وبالتّالي، فإنّ الجمعيّات ضمن الهيئات الإقتصادية هي الأساس في تفعيل كافة المهن، أكان في الصناعة أو التّجارة أو السياحة أم في الزّراعة، ما يعني أنّ الجمعية هي الأساس في تنظيم كافة المهن الإقتصادية في لبنان.
بعد ذلك إستقبل غبطته وفداً من رعيّة Saint-Croix- Saint- Etienne، int-Croix- Saint- Etiennee، في مدينة ريكسونسار Rixonsart في بلجيكا، برئاسة الأب الأنطوني روفايل عون، الذي أوضح بعد الزيارة أنّه "بطلب من ابناء الرعية في بلجيكا، نظّمنا خلال 10 أيّام سفرَ حجّ إلى لبنان، وهي ليست رحلة روحيّة فقط، بل يتخلّلها أيضاً الكثير من الزيارات السياحيّة. الموضوع العام للزيارة هو "سنة الرّحمة المقدّسة، أرض لبنان المقدّسة."
وأشار الأب عون، إلى أنّ أهل الرّعية في Rixonsart، يقدّرون جهود الرّهبانية الأنطونيّة في مدينتهم، التي تُرسل رهباناً أنطونيين لخدمتهم، ويقدّمون لهم روحانيّة جديدة، وذلك مع احترام الطّقوس البلجيكيّة اللاّتينيّة. وبالتالي، لاهتمامهم الدّائم بالرّعية المارونية في بلجيكا ورعايا لاتينية من جملتها رعية Rixonsart. فضلاً عن أنّهم يُكنّون تقديراً وحباً كبيرَيْن للقديسين شربل ورفقا ونعمة الله."
وقد ألقى السيد فيليب فان دير ميرش Philippe Van Der Merch، كلمةً باسم الوفد، أبرز ما جاء فيها: "نشكركم يا صاحب الغبطة على الوقت الذي كرّستموه لاستقبالنا، ونحن نعلم جيّداً أنّ مسؤوليّتـكم البطريركية اليوم هي أصعب من ذي قبل، وأبعد من دوركم كقائد وراعٍ للكنيسة المارونية، انكم تلعبون دوراً وطنيًا، نظراً إلى الصفة التعدديّة لبلدكم. فضلاً عن أنّكم رئيس مجمع البطاركة والأساقفة الكاثوليك في الشرق الأوسط، ومن هنا تمارسون دوراً مهمّاً جدّاً على الصّعيد الديبلوماسي، وكما أكّدَتْهُ مداخلتُكم منذ أسبوعين تقريباً في البرلمان الأوروبي."
وأضاف ميرش: "سرّنا جدّاً أنّنا التقيناكم يا صاحب الغبطة، مع لفيف من الكهنة اللبنانيين والسوريين خلال الذّبيحة الإلهية في كنيسة سيدة لبنان في بروكسل في بلجيكا. وقد شرّفنا أيضاً أن نتشارك معكم ومع الجاليات اللبنانية الصلوات التي تُظهر عمق الإيمان الراسخ لدى اللبنانيين هناك. نحن اليوم عندكم في لبنان في حضن الكنيسة، ومن خلالكم نلتقي كل كنيسة الشرق الأوسط. وتبقون هنا في لبنان وفي الدّول المجاورة شهود الصمود والسّهر على الكنيسة الأصلية، التي وُلدت من هذا الشرق، من بلدان الأراضي المقدسة، ومن هنا انتشرت المسيحية وأصبحت عالمية."
وختم ميرش: "نحن مسيحيو الغرب نعرف جيّداً أنكم المعقل الأخير الصامد للمسيحية في الشرق الأوسط، وستبقون كذلك. ولبنان يستحوذ أيضاً على إعجابنا لأنّه الدّولة الوحيدة في محيطه يتمتّع بنظام ديموقراطي لا شّك في أنّ ذلك يعود إلى الإحترام المتبادل بين الطوائف والثقافات."
وكانت كلمة لغبطة البطريرك رحّب فيها بأعضاء الوفد، وهنّأهم لمعرفتهم الواسعة بالشّأن اللبناني والشرق أوسطي، ولزيارتهم إلى لبنان. وبالتالي على شجاعتهم لقدومهم إلى لبنان بالرّغم من الإشاعات الخاطئة التي تصدر عن الوضع في لبنان، بسبب الحروب الدّائرة في سوريا والمنطقة. وهذا أبرز ما جاء في كلمة غبطته:
"لقد تعرّفتم بعض الشيء على الوجه المسيحي والوجه الدّيني اللّبناني. مسيحيو الشرق الأوسط يعيشون منذ 2000 سنة وقبل الإسلام ب600 سنة، في هذه المنطقة. وفي كلّ بلدان الشرق الأوسط، أساس الثقافات الدينية، هي المسيحية. ونحن مع الإسلام في الشرق الأوسط نعيش منذ 1400 سنة. لقد عرّفناهم على ثقافاتنا وتعرّفنا على ثقافاتهم. وقد عشنا معاً أيّاماً هادئة وأخرى صعبة. وقد صنعنا مع مسلمي الشرق الأوسط، الإعتدال الإسلامي، ومن هنا فإنّ مسلمي الشرق الأوسط مختلفون عن مسلمي الدول العربية الأخرى، والفضل يعود للوجود المسيحي بينهم، والمؤسسات الكبرى كالمستشفيات والجامعات والمدارس والزواج المختلط والشراكة في الحكم، وسواها من الأسباب."
وأضاف غبطته: "هناك الكثير من الكذب في العالم؛ ندّعي أنّنا نحارب الإرهاب وفي الوقت نفسه نغذّيه. وقد عشنا معكم أحداث بلجيكا وأحداث باريس بكلّ أسىً، لنرى أن الإرهاب لا حدود له. قيمة لبنان تكمن بالرّغم من كلّ شيء، في هذه البيئة الشرق أوسطية المسلمة، أنّه وحده يفصل الدين عن الدولة. إذاً إنّه نظام ديموقراطي تعددي، ويحترم كل الحريات العامة وحقوق الإنسان، وهو نظام منفتح على كل الثقافات. وكما قال البابا يوحنا بولس الثاني: "لبنان أكثر من بلد، لبنان رسالة. فالميثاق الوطني يضمن هذه التعدديّة والعيش المشترك في لبنان. غير أنّنا مهدّدون من الخارج. كيف؟ الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ترك لنا في لبنان نصف مليون لاجئ فلسطيني، يعيشون في مخيّمات البؤس، ويحملون أسلحتهم الثقيلية والخفيفة، مع ما تشكّل من خطر على البلد. والحرب الأهلية في لبنان بدأت بين الفلسطنيين وبين الجيش اللبناني والشعب اللبناني. وما هو ذنب الشعب اللبناني لاستقبال هذا العدد الهائل من اللاجئين؟ والأسرة الدولية ترفض حلّ هذه المعضلة. وهناك مشكلة جديدة هي الصراع العربي-الإسرائيلي، إذ إنّ إسرائيل تحتل الأراضي السورية والفلسطينية، بالرّغم من وجود قرارات دولية تُلزمها بالإنسحاب من هذه الأراضي، في حين أنّها ترفض تطبيقها. لنصل إلى أحداث الربيع العربي، التي بدأت بمظاهرات شعبية في العامين 2011 و2012. وقد بدأ الشعب بصورة سلمية بالتّظاهر للمطالبة بالإصلاح السياسي، وبين ليلة وضحاها، خرقتها وحوّلت مسارها  مجموعات إسلامية متطرّفة وإرهابيّة. والحرب اليوم هي بين الأنظمة والتنظيمات الإرهابيّة والشعب. فضلاً عن الصّراعات بين السنّة والشيعة. ولكنّ التّهديد الأكبر لدينا هو وجود أكثر من مليوني نازح سوري، ومع أعداد اللاّجئين الفلسطنيين، الذين أصبحوا يعادلون نصف أعداد الشعب اللبناني. أيّ تركيبة ديموغرافية؟ أيّ ثقافة؟ أيّ ظروف عمل؟ أيّ حياة إقتصادية؟ مساحة لبنان هي 10452 كلم2، مقسمّة بين جبال ووديان وخط ساحلي ضيّق. إنّه تهديد كبير للهوية اللبنانية والثقافة اللبنانية وللحياة السياسية اللبنانية. علماً أنّنا إلى جانبهم على الصعيد الإنساني."
وختم غبطته: "هؤلاء الأشخاص الذين يعانون البؤس والحرمان، إنّهم عائلات. وإذا استمرّ هذا الوضع على ما هو عليه، وإذا ظلّ أسياد الحرب يرفضون إيجاد حلول لهذه الحروب الدّائرة في المنطقة، ستصبح الدّول حقولاً خصبة لإيواء الإرهابيين والمرتزقة. وهذا لا يشكّل خطراً فقط على لبنان بل ضدّ العالم بأسره."    
وظهر اليوم استقبل الكردينال الراعي سفير لبنان في الارجنتين انطونيو عنداري وراعي ابرشيتها المارونية المطران حبيب شاميّة اللذين سلّماه مبلغا ماليا بقيمة 110,624 دولارا اميركيا، جمع في خلال يوم خصصه مجلس اساقفة الارجنتين في الكنائس كما ومن الجالية اللبنانية، لمساعدة النازحين والعائلات اللبنانية المعوزة، وقد سُلمت الى رابطة كاريتاس لبنان التي سوف تقدم تقريرا الى المتبرعين عن كيفية صرف هذه المساعدة.