متفرّقات
15 نيسان 2021, 09:50

ندوة في العلوم الاجتماعية في اللبنانية عن المنهج التجريبي واستخداماته وتطبيقاته في علم اجتماع التربية

الوكالة الوطنيّة للإعلام
نظّم مركز الأبحاث في العلوم الاجتماعية مختبر علم اجتماع التربية، ندوة علميّة من بعد عبر منصّة CRSS-UL - MS Teams مع عميد المعهد الأسبق البروفسور يوسف كفروني بعنوان "المنهج التجريبي، استخداماته وتطبيقاته في علم اجتماع التربية"، في حضور عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية البروفسورة مارلين حيدر، وبمشاركة رئيس مركز الأبحاث في المعهد البروفسور حسين أبو رضا، وجمع من الأساتذة والطلاب. قدّمت للندوة وأدارتها عضوة المختبر الدكتورة هويدا الصليبي.

وتطرّق رئيس مركز الأبحاث إلى "رؤية مركز الأبحاث المعرفية وأهدافها الواسعة، وبيّن حاجته إلى "دراسات معمّقة للمناهج العلميّة والحقول المعرفيّة في ميادين علم الاجتماع كافة"، وقال: "أعتقد هنا أنّ المقولة حول أنّ علم الاجتماع هو العلم الذي يستعمل الكثير من المناهج العلميّة، لكن يصل إلى القليل من الحقائق غير دقيقة، فالمطلوب كيفيّة استعمال المناهج العلميّة للوصول إلى حقائق واضحة، ذات قيمة علميّة واضحة".

ورأى أنّ "المطلوب معرفة كيفيّة استعمال المناهج العلميّة للوصول إلى حقائق واضحة وقيّمة"، واعتبر أنّ "المنهج التجريبي من المناهج الرائدة في هذا الخصوص، وإن كان هناك بعض الإشكاليات التي طرحها بعض العلماء حول أغراض هذا المنهج بالتعميمات وعمله داخل المختبرات البحثيّة، بهدف عزل المتحولات والتأثيرات الفردية".

أضاف: "نحن هنا يجب ألا نتفاجأ إذا ما أثارت نظرية اجتماعية، أو مقاربة منهجية ردات فعل حامية، وغالبا متناقضة، ويجب الا نندهش من النزاعات السوسيولوجية إذا ما اتخذت طابعا متعارضا وفظا أحيانا، بخاصة إذا ما احتطنا للرهانات الفلسفية الثقافية والسياسية والاجتماعية المتنوعة والمتعددة التي هي في الواقع مسار هذه النزاعات".

وأشار إلى أنّ "المدرسة التجريبية تركز على المنهجية العلمية المتفلتة من المسألة التاريخية وآخذة بعين الاعتبار الواقع الحديث. وكذلك الأمر بالنسبة للعلوم الاجتماعية، فالوقائع الخاضعة للتجربة من الفكرة التي تمتلكها عن الواقع ونجعلها تخضع لحقلها التجريبي بإدخال متغيرات جديدة في عملية التحليل والفهم، وهو ما ينسب وبنفس الآلية لعلم الاجتماع التجريبي".

 

سلام

وبيّنت منسّقة مختبر علم اجتماع التربية الدكتورة هيفاء سلام السعي في هذا المختبر إلى "تحفيز وتطوير الأبحاث التي تدور في فلك الاجتماع التربوي لإدراكنا أنها الوسيلة الأنجح والأمثل للعبور إلى مجتمع المعرفة والارتقاء بمجتمعنا، وهذا يمرّ حتمًا من بوابة ميدان علم اجتماع التربية". وتطرّقت إلى التنمية البشرية المستدامة التي تقوم "أساسًا على تحسين عملية التعلّم والتعليم وتطوير البحث العلميّ الذي يضمن الوصول إلى الهدف المنشود وهو تحقيق سعادة ورفاهية الإنسان والمجتمعات".

وأوضحت أنّ "اختيارنا لموضوع هذه الندوة حول المنهج التجريبي هو خير دليل على اهتمامنا بتفعيل الدراسات الاجتماعية التربوية بغية الارتقاء إلى مستوى المجتمعات المتقدمة علميا ومعرفيا". وأشارت إلى أن "اختيار العميد الأستاذ يوسف كفروني "يعكس بوضوح حرصنا على تحسين جودة ونوعية البحوث، وهو الذي لطالما كان من المهتمين، والمشجعين والمساهمين في تطوير البحث الاجتماعي العلمي في الجامعة اللبنانية عموما والمعهد خصوصا، وله أياد بيضاء وبصمات مميزة على هذا الصعيد، من خلال الدورات التدريبية العديدة في هذا المجال التي قدمها للطلاب والأساتذة على السواء".

 

كفروني

وأشار البروفسور كفروني إلى أن "الثورة العلمية التي انطلقت في القرن السابع عشر تعود الى المنهج التجريبي الذي يعطينا الدليل الملموس من خلال إعادة التجربة، ويعطينا الدليل على العلاقة السببية بين المتغير المستقل والمتغير التابع"، معلنا أن "المنهج التجريبي هو منهج البحث الوحيد الذي يمكن أن يستخدم لاستثمار خاص بالفرضيات من نوع سبب ونتيجة".

أضاف: "في الدراسات التجريبية يتحكم الباحث عادة في واحد أو أكثر من المتغيرات المستقلة ويعمل على ضبط تأثير المتغيرات الأخرى ذات الصلة، ليرى تأثير ذلك على المتغير التابع"، وبين "إمكانية التحكم في المتغير المستقل، وأن هذه الصفة الرئيسية التي تميز المنهج التجريبي عن غيره من مناهج البحث الأخرى".

وعن دخول المنهج التجريبي الى المجال الاجتماعي، لفت إلى الولايات المتحدة الأميركية في العام 1960، عندما دخل هذا المنهج "كجزء من النقاش حول فوائد نظام الحماية الاجتماعية، ودفعت أموالا طائلة لذلك. ثم انتشر في كندا، وبريطانيا، واستراليا ففرنسا". واعتبر أنه "يجب النظر الى المنهج التجريبي في أوروبا على خلفية السياسة الاجتماعية الأوروبية. هناك مشكلات اجتماعية كبيرة تدفع الدولة للتأكد من السبب والنتيجة لاختيار سياساتها الاجتماعية (الاندماج الاجتماعي، الهجرة، سوق العمل، لدى الفئات المحرومة المستهدفة ..)".

وعن تميز المنهج التجريبي ذكر أنه يسمح للباحث أن "يتدخل في الظاهرة وله علاقة في الابتكار، ووضع المعالجة، وابتكار المتغير السببي، كما يمكن للباحث أن يبدأ بتحديد مشكلة البحث أو يرى مشكلة، وهذه المشكلة هي التي توجهه الى الملاحظة. فبدون المشكلة لا ملاحظة، إذ أن المشكلة تسبق الملاحظة، وعلى ضوء الملاحظة يضع الباحث الفرضية، وعلى ضوء الفرضية يقوم بالتجربة أو الاختبار".

أضاف: "من خلال عملي، تابعت أبحاثا في المنهج التجريبي بمجالي الهندسة والطب، وأتت نتائجهما مميزة. أما في علم اجتماع التربية، فهناك نموذج مهم عن تطبيق المنهج التجريبي للدكتور عباس حمادي، تناول فيه تجربة على التفكير الناقد والتفكير الابتكاري، وطبقها على مجموعة من الطلاب الذكور والاناث. كما رأى مستوى التحصيل قبل وبعد على المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة".

وختم مداخلته بالقول: "المنهج التجريبي هو الوحيد الذي يعطينا علاقة سببية، من هنا أهمية تطبيقه عند الإمكانية، شرط ضبط المتغيرات".

 

حيدر

وشكرت عميدة معهد العلوم الاجتماعية البروفسور كفروني "على الفيض من غيض مما لديه"، وتمنت "أن تكون المعلومات والأسئلة قد لبت طلبات الموجودين والطلاب"، وقالت: "من الواضح أن الحاجة لهذا المنفذ كانت ملحة". وشكرت الجميع على عطاءاتهم في هذا النشاط وفي كل نشاطات مركز الأبحاث مثمنة جهود رئيسه البروفسور أبو رضا الذي يواكب النشاطات كافة.

وتضمّنت الندوة مروحة كبيرة من مداخلات وأسئلة الحضور التي أجاب عليها العميد كفروني، واختتم اللقاء بكلمة قصيرة لرئيس مركز الأبحاث البروفسور أبو رضا شكر فيها العميد والحضور، وأعرب عن شكره للبصمة التي تركها كفروني في اختصاص المناهج، لافتًا إلى أنّ "هناك شغفًا من جهة، وضبابية من جهة أخرى حول كيفية تطبيق المناهج للوصول الى نتائج علمية في إطار ميادين السوسيولوجيا المختلفة"، وأعلن عن خطة المركز الساعية إلى رفد الطلاب بالمزيد من الدورات التدريبية حول المناهج والتقنيات البحثية بهدف مساعدتهم على تملك خبرات التفاعل مع متطلبات محيطهم في ميادين العلوم الاجتماعية كافة.