متفرّقات
25 أيار 2022, 07:20

ندوة عن "التسرّب المدرسي في لبنان" في جامعة القديس يوسف

الوكالة الوطنيّة للإعلام
شارك المركز التربوي للبحوث والإنماء مع الجمعية اللبنانية للتجديد التربوي والثقافي الخيرية، في ندوة علمية تربوية بعنوان: "التسرّب المدرسي في لبنان: تحديات وآفاق" وذلك في حرم العلوم الإنسانية التابع لجامعة القديس يوسف في بيروت، في حضور النائبة السابقة بهية الحريري، وبرعاية وحضور رئيس الجامعة الأب البروفسور سليم دكاش، وبالتعاون مع المعهد اللبناني لإعداد المربين ومركز التدريب المستمر في جامعة القديس يوسف والجامعة اللبنانية والجامعة الإسلامية والسفارة الفرنسية في لبنان - المعهد الفرنسي.

وكانت لرئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء البروفسورة هيام اسحق، كلمة في الإفتتاح تناولت فيها دور التربية كوسيلة فضلى لتنمية الموارد البشرية.
وقالت: "إن التربية هي الطريق الأنجع لمجابهة الفقر والتخلف. والتسرب المدرسي يشكل عبئا مجتمعيا وتربويا، لهذا وضعت له التشريعات والأنظمة المحلية والعالمية. ففي لبنان، أشارت الفقرة "ب" من مقدمة الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني 1990 حيث ذكر مبدأ مجانية التعليم في المرحلة الابتدائية. ومع إعادة هيكلة المناهج في عام 1997، أدرجت المناهج في الفقرة الأولى "التعليم الأساسي" على أنه تعليم يمتد على تسع سنوات ويغطي مرحلتي الإبتدائي والمتوسط، ولا تقتصر على المرحلة الابتدائية فقط. أما اليوم، فيبرز قطاع التعليم كواحد من أكبر ضحايا الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بالبلد منذ نحو عامين ونصف العام. فثمة فئات واسعة من اللبنانيين باتت غير قادرة على الحصول على التعليم، وأصبحت بالتالي محرومة من أحد الحقوق الأساسية التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

اضافت: "كل ذلك أدى إلى حدوث فجوة تعليمية تعلمية أدت إلى فقدان المتعلمين جزءا من تعلمهم، وبالتالي لم يحققوا النتائج التعلمية المخطط لها. إن فقدان التعلم اتخذ منحى تصاعديا وتفاقم في المجتمع اللبناني وخصوصا في المناطق النامية. كما اختلف من متعلم لأخر ومن مرحلة دراسية إلى أخرى. وهذا الفقدان لم ينتج عما لم يتم تعلمه فقط بل نتج عن نسيان ما تم تعلمه. وفقدان التعلم هو سبب أساسي من أسباب الرسوب أو ما يسمى بالتسرب الداخلي، أي الرسوب في صف وعدم الإنتقال إلى الصف الذي يليه، وما يحمله ذلك من انعكاسات سلبية على صحة المتعلم النفسية، تصل به إلى التسرب المدرسي الذي بدوره يؤسس لجيل ضائع معرض لكل انواع الآفات، مما يجعله مهددا في الوقت عينه ويهدد مجتمعه".

وتابعت: "إزاء هذا الواقع الخطير على مستقبل أطفالنا أكثر من أي وقت مضى، أصدرت جمعية "إنقاذ الطفل"، Save the Children، بيانا في 24/1/2022، تحذر فيه  من "الآثار الخطيرة على تنمية رأس المال البشري والنمو الاقتصادي" وكذلك على النمو الاجتماعي والعاطفي والجسدي للأطفال وسعتهم النفسية" نتيجة أزمة التعليم في لبنان. ويمكن القول إن جيلا كاملا في لبنان مهدد بالضياع، وإن مصيره بات في مهب الريح، وإن عواقب ما سيولده ذلك على مستقبل المجتمع اللبناني ستكون وخيمة إن لم يتم تداركها. ونظرا للخطر الذي يشكله هذا الواقع على المدرسة وعلى التعليم الرسمي في شكل خاص، وخوفا من فقدان التعلم وزيادة نسبة التسرب المدرسي، وضعت وزارة التربية بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء خطة تعاف تربوية وتعليمية للعام الدراسي 2021-2022، وشملت مرحلة التعليم الأساسي بحلقاتها الثلاث وكذلك المرحلة الثانوية".

واردفت: "تضمن برنامج التعافي أنشطة كفايات التعلم الاجتماعي الانفعالي، وبرنامج التعافي للمواد الإجرائية، كذلك تم تكييف المناهج من خلال تعديل المواضيع والأهداف التعليمية التعلمية بناء على التعميم رقم 13/م/2021 تاريخ 23/8/2021 المتعلق بتحديد الأهداف التعليمية للمواد التعليمية. كما تم إعداد برنامج للتعافي في مواد اللغات والرياضيات بالتنسيق مع مشروع كتابي 2. لقد شملت خطة التعافي برنامج تدريب المعلمين، بهدف إعادة الاستقرار إلى البيئة المدرسية وإعادة النظر في وضع المعلم أولا وآخرا لأنه عماد العملية التعليمية التعلمية وسبب نهوضها واستقرارها. لقد تكثفت جهود وزارة التربية والمركز التربوي لتنظيم عودة آمنة إلى البيئة الصفية، فالحاجة للعودة ملحة ليس فقط للمتعلمين الذين يعانون من مشكلات وصعوبات واضطرابات، بل لجميع المتعلمين من أجل مساعدتهم على فهم الذات وتحمل المسؤولية واتخاذ القرارات وفهم العالم والتعلم والتكيف الصحي في الحياة الاجتماعية والمهنية، وخصوصا بعدما انعكست التغيرات والتحولات التي حصلت في لبنان نتيجة الأزمات والصدمات المستمرة في كل المجالات على المناهج واستراتيجيات التعليم والتعلم حيث صارت العملية التعليمية-التعلمية أكثر تركيبا".

وقالت: "انطلاقا من مسؤولياتنا فإننا نشدد على وجوب وضع التعليم في رأس الأولويات على الرغم من الأزمات والحروب، وهذا ما قام به الوزير الحلبي حيث عقد اللقاء التشاوري التربوي الوطني برعاية رئيس مجلس الوزراء بالشراكة مع لجنة التربية النيابية، وفي حضور جميع المعنيين في الوزارة والمركز التربوي والتعليم الخاص والتعليم المهني والتقني والجامعي ومع المنظمات الدولية. إذ انه كما يعتبر تأمين الغذاء والاستشفاء أمرا أساسيا في الظروف الصعبة، كذلك يجب أن يكون تأمين التعليم والذهاب إلى المدرسة بوصفه يسهم في تعزيز الصحة النفسية لدى الطفل. التحدي كبير لكن هدفنا وتوجهنا هو مضاعفة الجهود المبذولة من وزارة التربية بالتعاون مع المركز التربوي ومع المؤسسات التربوية كافة، لإعادة النهوض بالتربية وتفادي كل نوع من أنواع التسرب، وبالتالي السعي إلى تعويض الفاقد التعليمي عبر خطة مبرمجة تستفيد بداية من العطلة الصيفية لتعويض الكفايات التي فاتت التلامذة".

أبي عساف 
وفي نهاية الندوة كانت كلمة لرئيسة قسم مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية   الدكتورة بلانش أبي عساف، التي أشارت إلى "الأدوار المتنوعة التي يقوم بها المركز التربوي للبحوث والإنماء حيث أضاءت على أن  لكل طفل الحق بأن يحصل على التعليم الأساسي الذي يعزز نموه وتطوير مهاراته وقدراته الفكرية والعاطفية والاجتماعية، ويؤهله بالتالي إلى حياة العمل وممارسة مسؤولياته كمواطن في المجتمع. فالتعليم هو الركيزة الأولى في بناء المجتمعات، وتطور التعلم هو معيار أساس من معايير التقدم. فإن ظاهرة التسرب من المدارس في لبنان، موجودة في  المناطق اللبنانية كافة من دون إستثناء. وهذا ما أشارت إليه "المديرة الإقليمية للاعلام في منظمة "اليونيسف"، جولييت توما، إلى أن "ظاهرة التسرب المدرسي ظاهرة إقليمية تعانيها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". وأن في لبنان، "احتمال أن تكون هذه الظاهرة قد بدأت بين الأطفال اللبنانيين مع تفاقم الأزمة المالية - الاقتصادية. لكن لا إحصاءات تدعم هذه الترجيحات، لذا لا يمكن الحديث عن تسرب هائل"، إنما منظمة اليونسكو تحدثت عن فقدان التعلم. ما هو فقدان التعلم؟".

اضافت: "عندما يفقد المتعلمون وقتا تعليميا كبيرا؛ فهذا يؤدي بدوره إلى خسائر فادحة في التعلم، يمكن التعبير عنه بمصطلح "فقدان التعلم" (Learning loss)، وعند عودتهم إلى المدرسة، لا يفترض أن نظن بأنهم سينخرطون بسهولة في العملية التعليمية، وعلى المعلمين العمل على استلحاق التعليم لما تبقى من مفاهيم ومهارات، على اعتبار أن المتعلمين ما زالوا غير متمكنين من التعلم الذي تم قبل الانقطاع عن المدرسة. فقدان التعلم هو الفجوة التي حدثت في التعلم؛ وبالتالي أي الفجوة بين واقع ما تعلمه وتملكه المتعلم، قد تسبب في عدم حدوث التعليم، أو التسرب، أو التأخر الدراسي، أو عدم الذهاب إلى المدرسة، مما يعني أنه حدث هدر في الموارد المالية والبشرية".

وتابعت: "أما أهم المؤشرات على فقدان التعلم لدى المتعلم فيمكن أن يكون واحدة أو أكثر من التالية:
تدني التحصيل، وبخاصة إتقان المعارف والمهارات الأساسية.
تدني الدافعية للتعلم والاستمرار فيه.
التعثر في التعليم، والتأخير الدراسي.
الرسوب في الصف وعدم الانتقال إلى الصف الذي يليه.
التسرب من المدرسة وعدم العودة إليها".

واردفت: " نظرا لأهمية الحد من فقدان التعلم، بسبب جائحة كورونا، وضرورة تعويضه، فقد أطلقت اليونسكو واليونيسف والبنك الدولي مهمة مشتركة، أسمتها مهمة: استعادة فقدان التعلم، 2021، وركزت في ثلاث أولويات، ألا وهي:
الأولوية الأولى: عودة المتعلمين جميعهم إلى مدرسة آمنة وداعمة.
الأولوية الثانية: استعادة فقدان التعلم: وذلك من خلال برامج التعليم العلاجي Remediation والتعليم التكيفي. 
الأولوية الثالثة: إعداد المعلمين وتمكينهم: فالمعلمون في الصفوف الأمامية لإخماد الحريق، ويحتاجون للدعم لكي يتمكنوا من مساعدة المتعلمين في الصفوف الابتدائية والروضات، من خلال تعليمهم ما كان ينبغي عليهم تعلمه في العام الدراسي الماضي. هذا بالإضافة إلى تدريس منهج العام الحالي". 

وقالت:  "ماذا قدم المركز التربوي بالتعاون مع وزارة التربية وسائر المنظمات الدولية لتدارك هذه الظاهرة؟
1 - تم إطلاق برنامج التعافي الذي أعدته الهيئة الأكاديمية المشتركة في المركز التربوي للبحوث والإنماء لرصد مكتسبات المتعلمين لأهداف وكفايات المواد الأساسية وخصوصا الرياضيات واللغات في الحلقتين الأولى والثانية من التعليم الأساسي.
2 - أطلق مكتب الإعداد والتدريب في المركز التربوي، بالتعاون مع مشروع كتابي 2 ومنظمة اليونيسف، تدريبات وجاهية في كل محافظات لبنان، على أنشطة وأدوات طُورت واستُخدمت لبناء قدرات المعلمين لاستثمارها داخل الصف في بداية العام الدراسي، والتمكن من رصد مكتسبات المتعلمين بهدف بناء خطط دعم ملائمة بما يسمح باستعادة المسار السليم والطبيعي للتعلم أي التعافي.
3 - طور مكتب الإعداد والتدريب، بالتنسيق مع الأقسام الأكاديمية في المركز التربوي ومشروع كتابي 2 ، مقررات تدريبية مفصلة حول أدوات وأنشطة برنامج التعافي بطريقة بنائية تشاركية، تتضمن مناقشات تفاعلية ودراسة حالات وأنشطة متعددة.
4- وضع مكتب الإعداد والتدريب، بالتنسيق مع الأقسام الأكاديمية في المركز التربوي ومشروع كتابي 2 ، برنامج دعم نفسي اجتماعي ارتكز على تطوير كفايات التعلم الاجتماعي الانفعالي وتعزيز التكييف الصحي لدى المتعلمين، إضافة إلى تعزيز التواصل والتكييف ضمن البيئة الاجتماعية بشكل عام والبيئة المدرسية في شكل خاص بعد الانقطاع القسري عن التعلم بسبب جائحة كورونا. وتتوزع الأنشطة في هذا البرنامج على الأبعاد الأساسية النفسية الاجتماعية ضمن الإطار المرجعي الوطني للتعلم الاجتماعي الانفعالي.
5- أطلق المركز التربوي للبحوث والإنماء يوم السبت في  المبادرة الوطنية لتعافي التعلم في المحافظات كافة  بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي ومنظمة اليونيسف ومشروع كتابي2 ، ورشة تدريبية لمعلمي اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والرياضيات من الصف الأساسي الأول لغاية الصف الأساسي السادس، والتدريب على الدعم النفس الاجتماعي والتعلم الاجتماعي الانفعالي لجميع أفراد الهيئة التعليمية من صفوف الروضات حتى الصف الأساسي التاسع والذي سيستمر لغاية شهر حزيران".

وختمت: "إنه التحدي الكبير أمام متعليمينا، معلمينا، مدارسنا وتربويينا وأسرنا. باختصار أمام كل من له يد في بناء الإنسان، فلنقم بدورنا ولنكن على قدر التحدي".