لبنان
02 نيسان 2017, 12:52

ندوة عن البطريرك جبرائيل حجولا في سنة الشهادة والشهداء 2017 للكنيسة المارونية

أقامت لجنة الثقافة والتراث والحوار بين الأديان في الرابطة المارونية، في إطار سنة الشهادة والشهداء 2017 للكنيسة المارونية، وإحياء للذكرى الستماية والخمسين لاستشهاد البطريرك جبرائيل حجولا، ندوة بعنوان "البطريرك جبرائيل حجولا 1357-1367، شهادة وعبر"، في قاعة ريمون روفايل للمحاضرات بمقر الرابطة الكرنتينا، تحدث خلالها رئيس اللجنة مدعي عام بيروت القاضي سامر يونس، راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خير الله بوصفه رئيسا للجنة البطريركية لسنة الشهادة، المؤرخ الدكتور الياس قطار، المؤرخ الدكتور سليم بدوي، عضو المجلس التنفيذي للرابطة ومقرر لجنة الثقافة والتراث الدكتور جوزف كريكر، وأدارتها عضو اللجنة الكاتبة رحاب الحلو.

حضر الندوة حشد من أعضاء الرابطة المارونية والمهتمين، تقدمهم ممثل رئيس حزب القوات اللبنانية المهندس إدي أبي اللمع، رئيس الرابطة المارونية النقيب انطوان قليموس وأعضاء المجلس التنفيذي للرابطة.

بعد النشيد الوطني ونشيد الرابطة المارونية، ألقى قليموس كلمة رحب فيها بالمحاضرين والحضور، معرباً عن سعادته بأن تكون "بواكير إحياء سنة الشهادة والشهداء للكنيسة هذا العام، على يد الرابطة المارونية"، محيياً"ذكرى الاحبار المجاهدين الذين ثاروا على الطغيان والاذلال وقادوا شعبهم الى مقاومة الغزاة حتى آخر نقطة من خزين أوردتهم، وفي مقدم هؤلاء البطريرك جبرائيل حجولا الذي ما بخل بحياته أمام الامتحان الصعب، وهو ضحية الافتراء والظلم والاستبداد".

أضاف:"إن شعبا من دون جذور، وأمة من دون تاريخ مآلهما الى الزوال المحتم. وما كان الموارنة يوما من هذه الفئة".


بعد ذلك، تحدّث يونس، وقال:"رحل الصليبيون وبقي الموارنة، أهل هذه الارض. بقوا ولم يرتحلوا، خافوا ولم يجبنوا، إنكفأوا ولم يستسلموا، أحبطوا لكنهم لم ييأسوا، طائفة المقاومة هم، جماعة الشهادة هم. السيد خادم، كبيرهم أشقاهم، بطريركهم شهيدهم يحرق هو حتى لا تنطفىء شعلة الايمان، يصلب حتى يبقى صليبهم مرفوعا. هذا هو جبرائيل حجولا القائد الفادي، نستحضره اليوم، نستلهمه لا لنبكيه أو نحرض، فنحن أهل غفران، نرسل العبرات لنستخلص العبر".

أضاف:"اغترب الغرب عن جذوره المسيحية ليجد في العلمنة حضارة له وهوية. فعلاقتنا بالشرق مقيمة على خوف وحذر والتباس ما دام البعض ينظر الى الموارنة على أنّهم أهل ذمة يؤدون الجزية، وبعد رحيل سنن المغامرين بأوطان الآخرين، نبقى نحن ويبقى أحفاد المماليك، وتبقى الكنيسة والجوامع، ويبقى طيف الحجولاوي على جامع طينال يهدر بالشركة والشراكة، ومخاطبة الموارنة:بالمحبة تربحون. وحدها المحبة تنجيكم وتنجيهم".


وكانت المحاضرة الاولى في هذه الندوة للمطران خير الله الذي شرح الهدف من إحياء سنة الشهادة، وهو "الاحتفال بشهدائنا المعروفين من رهبان مار مارون الـ 350، والبطريركين الحدشيتي وحجولا، والأخوة المسابكيين، ووضع لائحة بأسماء "أبناء وبنات كنيستنا الذين أراقوا دماءهم في سبيل إيمانهم بالمسيح، ويعود إستشهادهم الى حقبات مختلفة من التاريخ عرفت فيها هذه الكنيسة أشد الاضطهادات".

ولخص الثوابت المارونية الأربعة الغالية:
حريتهم في عيش إيمانهم بالله والتعبير عن آرائهم.
تعلقهم بأرضهم المقدسة التي سقوها من عرق جبينهم.
 ارتباطهم بشخص البطريرك رأسهم الوحيد وأبيهم وراعيهم ورمز وحدتهم وضامنها.
 ثقافتهم وانفتاح على الشرق والغرب".

بعدها نوّه خيرالله بشهادة البطريرك جبرائيل حجولا أيام المماليك، وهي حقبة قاسية من الاضطهادات في الاول من نيسان عم 1367، وقال:"أنّ الكنيسة المارونية هي كنيسة الشهداء، مضيئاً على تجدّد حملة الاضطهادات على المسيحيين في إنحاء عديدة من العالم وبخاصة بلدان الشرق الأوسط، قتلاً ودماراً وتشريداً وتهجيراً".

ورأى ختاماً:"إنّ سنة الشهادة والشهداء مناسبة فريدة ومميزة لتجديد التزامنا المسيحي والماروني والتزامنا بمناشدة الحرية لنا ولغيرنا من الشعوب ضمن إحترام التعددية الدينية والثقافية والحضارية التي تميزنا، ولتجديد إنتمائنا الى كنيستنا الانطاكية والى محيطنا الطبيعي في العالمين العربي والاسلامي وانفتاحنا على الغرب وثقافته واتحادنا مع الكنيسة الرومانية الممثلة بالكرسي البطرسي والجالس عليه اليوم قداسة البابا فرنسيس".


وتناول قطار الوثائق ومصادر المعلومات والروايات عن البطريرك جبرائيل حجولا، إنطلاقاً من زجلية ابن القلاعي، والبطريرك اسطفان الدويهي في "تاريخ الازمنة"، وتراكم معلوماتي مجهول المصدر، وأقدمه رسالة الخوري يوسف مارون الدويهي الطرابلسي المتوفي في العام 1780 مذكورة في كتاب "مختصر تاريخ جبل لبنان" للعينطوريني، وصولاً الى كتاب المطران يوسف الدبس عن "تاريخ سوريا"، وطرح عدة تساؤلات تتصل بالتراكم المعلوماتي، رابطاً ما "تعرّض له الموارنة وسائر المسيحيين لمدة سنتين من 1365 الى 1367، بارتدادات الصراع بين الفرنجة والمماليك، ومدينة طرابلس 1367، فكان الانتقام القاسي والظالم من المسيحيين أدّت الى الاقتصاص منهم بأبشع الاساليب، والقبض على البطريرك الماروني جبرائيل حجولا وإعدامه خارج جامع طيلان، ضاحية طرابلس".

وختم قطار مستغرباً ورافضاً"ما أوردته إحدى الدراسات المعاصرة التي تتّهم نصارى جبل لبنان بالتآمر مع المهاجمين، وتسلّط تهمة الخيانة على البطريرك حجولا بذريعة أنّ أهل الذمة الذين بالسواحل كانوا يكاتبون الملك القبرصي، وقد غرب عن هذه الدراسة أنّ الموارنة لم يكونوا من نصارى الساحل".


وقدّم الكاتب سليم بدوي عرضاً عن البطريرك جبرائيل حجولا، مسلّطاً الضؤ على أصوله وجذوره، واعتبر أنّ"شهادة هذا البطريرك لم تكن سوى إمتداداً لجرائم المماليك بحق كل الطوائف اللبنانية، وهي بمنظور هذه الايام جرائم إبادة وضد الانسانية"، ذاكراً"اعتراض الفقيه والمؤرخ ابن كثير المعاصر عليها، والذي لم يلق آذاناً صاغية".

ورأى أنّ العبرة الأهم في هذه المأساة، هو"تذكّر التّضحيات التي قدمها أجدادنا التي تفرض علينا واجب تصحيح التاريخ والتعلم من دروسه، فنحيي التضامن في ما بيننا، ونعزز وحدتنا ونقدس كنيستنا، وننفتح على أهلنا من حولنا في الوطن، لكي لا تتكرّر مآسي الماضي البعيد والقريب".


بدوره، شكر كريكر المنتدين والحضور، مؤكداً أنّ هذه الندوة هي "حلقة من سلسلة ندوات تعد لها اللجنة".

واعتبر أنّ البطريرك حجولا هو "رمز الفداء من أجل الثوابت المارونية وهي: الثبات على الإيمان والوحدة والتجذر في الوطن. وهو رمز الشهادة لبقاء الموارنة. وبعد الثناء على قرار الكنيسة المارونية بجعل سنة 2017 سنة الشهادة، وإقامة مزار له في بلدته حجولا، دعا الى بناء قواعد العيش المشترك في لبنان على أسس متينة وثابتة".