أوروبا
03 أيار 2023, 07:50

ميناسيان ترأّس قدّاس اليوبيل المئويّ لتأسيس الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة في كاتدرائيّة القدّيسين يعقوب وخريستوفوروس في جزيرة كورفو

نورسات/ اليونان
إلى جزيرة كورفو المحطّة التّاريخيّة في حياة الأرمن حيث وفدوا إليها إبّان الإبادات والمجازر، واصل كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك رحلة الحجّ وزيارته التّاريخيّة، وترأّس قدّاس اليوبيل المئويّ لتأسيس الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة في اليونان في كاتدرائيّة القدّيسين يعقوب وخريستوفوروس التّابعة لطائفة اللّاتين في جزيرة كورفو.

شاركه في القدّاس رئيس أساقفة أبرشيّة حلب للأرمن الكاثوليك المطران بطرس مراياتي، المدبّر الرّسوليّ للأرمن الكاثوليك في اليونان الإكسرخوس جوزيف بيزازيان وآباء كهنة.

حضر القدّاس مطران الطّائفة اللّاتينيّة في جزيرة كورفو جورجيو ألتوفاس، ممثّل عن متروبوليت كورفو الأب ديمتريوس فاسيلياديس، نائب محافظ كورفو نيقولاس كالوغاروس، رئيس بلديّة كورفو ديمتريوس ماتالينوس، الأخوات الرّاهبات ومؤمنين.

في ختام القدّاس، ألقى الإكسرخوس جوزيف بيزازيان كلمة قال فيها: "منذ مائة عام خلت، قد شرّعتم الأبواب وعاملتم الأرمن كأخوة لكم وكنتم البيت الآمن لهم، واليوم بعد مائة عام نحن الأرمن الكاثوليك جئنا إليكم لنقول لكم شكرًا على كلّ ما قدّمتموه من أجل كنيستنا".

بدوره، ردّ مطران اللّاتين جورجيو ألتوفاس شاكرًا ومشدّدًا على الأخوّة والصّداقة الّتي تجمع بين الكنيستين مؤكّدًا أنّ المحبّة هي اللّغة الّتي تجمع بين كلّ أبناء جزيرة كورفو".

بعد القدّاس، أقيمت محاضرة خاصّة احتفالاً باليوبيل المئويّ، قدّمها السّيّد Spyros P. Gautsis بعنوان كيرلس يوانيس زوهرابيان أحد الكبّوشيّين من أرمينيا، بجانب لاجئي كورفو قال فيها:

"كيرلس يوانيس زوهرابيان

أحد الكبّوشيّين من أرمينيا، بجانب لاجئي كورفو

إنّ معنى حدث مثل اليوم ، وبعيدًا عن القيمة التّاريخيّة الواضحة، وأجرؤ على القول، القيمة الوطنيّة، له معان متعدّدة أكثر من أيّ وقت مضى.

حدث من بلد مثل أرمينيا، ذات التّعقيد الجيوسياسيّ الشّديد والتّاريخ الأوسع من أراضيها، وذلك بفضل الشّتات الأرمينيّ.

حدث من بلد مثل أرمينيا يحمل ماضيًا ملطّخًا بالألم والدّمّ والذّكريات الّتي تدوم حتّى يومنا هذا من أجل البقاء.

حدث من بلد مثل أرمينيا، حيث لا الهجرات البربريّة، ولا الإبادة المنهجيّة، الّتي عمرها قرن طويل لسكّان مسيحيّين هم الأوّل في تاريخ البشريّة الّذي يتبنّى المسيحيّة كدين رسميّ، ولا وسائل الإبادة لكلّ أثر للتّقاليد الثّقافيّة القديمة لعرقها، ولا لعقود كاملة من سلبيّة المجتمع الدّوليّ والقانون الدّوليّ، والّتي في بعض الأحيان تغلق آذانها عن ادّعاءات أولئك الّذين نجوا.

حدث من بلد مثل أرمينيا يأتي شخص غير معروف نسبيًّا في الأدب اليونانيّ، كيريلس يوانيس زوهرابيان، راهب من قبيلة الكبّوشيّين، يرجع إليه خلاص الآلاف من الأرمن واليونانيّين من بونتوس، خلال سنوات الاضطهاد والتّهجير والمجازر التّركيّة."

تابع: "ولد إيوانيس زوهرابيان، ابن إيوانيس فارتان وسارة هوهانسيان، في أرضروم، بونتوس، في ما يعرف الآن بتركيا، في 25 يونيو العام 1881.

في سنّ مبكرة، نجده يعمل في مخبز والده، بينما اتّبع معظم إخوته الحياة الانفراديّة. قضى سنوات دراسته الثّانويّة في دار أيتام إخوة القدّيس يوسف في طرابزون، وفي سبتمبر 1893 التحق بالمدرسة السّيرافيّة (مدرسة) القدّيس ستيفن في نفس المدينة.

في 14 يوليو 1898، دخل في رهبنة الآباء الكبّوشيّين (من مقاطعة باليرمو) في القسطنطنيّة، حيث حصل على الاسم الرّهبانيّ كيرلس. في 13 أغسطس من العام التّالي، واصل دراسته في الفلسفة واللّاهوت في سميرنا، وفي 12 مايو 1904، رُسم كاهنًا في الرّهبنة الكبّوشيّة في المدينة. خدم في مجتمعات مختلفة من الرّهبنة في مناطق طرابزون (1905-1914) والقسطنطينيّة (1914-1923)، مُظهِرًا حماسًا تعليميًّا وإرساليًّا خاصًّا."

أضاف: "خلال الحرب العالميّة الأولى واضطهاد الأرمن والبونتيس في منطقة البحر الأسود، فقد عائلته بأكملها في اضطهاد ومذابح الأتراك، ووجد نفسه لاحقًا في القسطنطينيّة يدرّس في مدرسة القدّيس يوسف. إخوان المدارس المسيحيّة في كانتيكوي، بينما قابلناه لاحقًا كمدير للكلّيّة الفرنسيّة في أجيوس. لودوفيكوس. من 24 أبريل 1915، عندما بدأت الاضطهادات وتمّ إبعاد الشّخصيّات والمثقّفين الأرمن من القسطنطينيّة، حتّى 29 مايو، عندما أمرت الدّولة العثمانيّة بنقل السّكّان الأرمن إلى سوريا الحاليّة، تمّ ارتكاب أوّل إبادة جماعيّة في القرن العشرين، ممّا تسبّب في وفاة 1500000 شخص في ظلّ أكثر الظّروف اللّاإنسانيّة. وحتّى اليوم، للأسف، هناك أصوات من الشّكّ، كما كانت في ذلك الوقت، عندما تناشد الدّول الأوروبيّة أن تنقذهم، قالت قوى مثل ألمانيا باستخفاف إنّ "سفننا لا يمكنها الصّعود إلى أرارات لمساعدتكم".

في 14 يناير 1923 ، في أعقاب مأساة آسيا الصّغرى، وبينما باع حوالي 3000 من اليونانيّين والأرمن ممتلكاتهم بالفعل وغادروا طرابزون، الحاكم الجديد، إحسان. واستدعى بك زعماء الطّائفتين، وغاضبًا من أنّ المدينة لم يتمّ إخلاؤها تمامًا من "غير المتديّنين" لكنّها طردت 23 مسيحيًّا بارزًا من الجالية اليونانيّة، حتّى دون إعطائهم الفرصة لتحيّة عائلاتهم.

الأب بعد أن حاز كيرلس على ثقة الكنيسة الأرثوذكسيّة اليونانيّة (بعد كلّ شيء، كان الوجود والتّعايش على مدى قرون مع نظام الكبّوشيّين مهمّين)، قام بدراسة معسكرات الاعتقال لمواطنيه، محاولًا المساعدة بأيّ وسيلة لديه، والتّواجد فيه. طرابزون، يواجه شهر من قبل السّلطات التّركية للمساعدة الّتي قدّمها لحوالي ثلاثين ألف لاجئ يونانيّ وأرمن ممّن مُنحوا خمسة عشر يومًا لمغادرة المدينة. مع كلّ الأموال الّتي جمعها، اشترى تذاكر وطعامًا واعتنى بنقل أمتعة الأضعف إلى الجمارك. يعالج المرضى الّذين لا يستطيعون السّفر.

ويقيم الأسرار المقدّسة للكاثوليك الّذين لم يتمكّنوا من المغادرة.

الأب كيرلّس إلى إشعياء بابادوبولوس رئيس الطّقوس اليونانيّة الكاثوليكيّة في اليونان: "في هذه الأثناء كانت هناك أعمال شغب وسطو وقتل .. في غضون يومين، جرّد الأتراك منازل المسيحيّين. تحوّلت الكنائس والأديرة. تمّ استبعاد سبع كنائس فقط من إرسال الأشياء الثّمينة إلينا. ونُهبت الكنائس الأخرى، الّتي يزيد عددها عن 500 في مقاطعة طرابزون الكنسيّة وحدها، واختفت الأيقونات والأثواب والأواني المقدّسة في غضون أيّام.

أديرة القدّيس جورج بيريستيرا وباناغيا تمّ تدمير سوميلا، المشهورة بآثارها القديمة وثروتها، والّتي يمكن مقارنتها بأفضل ما في إيطاليا. سُرقت أيقونة الطّقوس العجائبيّة للقدّيس جورج. سلكت مكتبة الدّير الكبيرة، الّتي تحتوي على مجلّدات كثيرة من المخطوطات، طريق اللّبّ (...) في 7 فبراير، اتّصل بي ضابط الشّرطة ومنعني من توزيع الطّعام على اليونانيّين. أجبته أنّني لا أسأل الفقراء عن الجنسيّة الّتي ينتمون إليها، وأضاف أنّنا إذا استمررنا على هذا المنوال فلن تنجح حكومته في التّخلّص من هذا العرق الملعون. صرخ في وجهي دعوهم يموتون جوعًا. أجبته أنّه بما أنّ هذه الأفعال بالنّسبة لي ليست غير قانونيّة، فأنا ملزم بالتّصرّف وفقًا للإنجيل، الّذي ينصّ على مساعدة المحتاجين. بعد حوالي عشرين يومًا جاء سليم من المخابرات وطلب منّي أن أسلّم بيانو تركناه في الدّير، وعندما رفضت قائلًا إنّه لا يخصّني، غادر غيظًا. وفي نفس اليوم، كتبوا إلى أنقرة يتّهمونني بأنّني رئيس اللّجنة اليونانيّة والمسؤول عن ممتلكات أعداء الدّولة التّركيّة. "بعد شهر ، في 7 مارس 1923، قام إحسان أمر باي باعتقال الأب كيرلّس وإحضاره إلى القسطنطينيّة.

في وصف صادم احتفظت به لنا السّيّدة فيرزين Karabetian ، نقرأ" Geureg كان أوهانيس، كما كان يُدعى باللّغة الأرمينيّة، ميتًا على الطّاولة، ويداه مقيّدتان إلى ظهره وممزّق ثيابه، في زنزانة مظلمة في قسنطينة بوليس ترى السّماء مفتوحة، وتظهر أمامه العذراء مريم محاطة بالملائكة والقدّيسين. كاد أن يغمى عليه، وهو يرى نفس الرّؤية خمس مرّات: ألقى الجنود الأتراك ستّين عصا على قدميه، يمارسون التّعذيب المعروف بالكتائب. يتّهمونه بأنّه الثّوريّ الأرمنيّ ميسروب سركيس، متنكّرًا في زيّ بابا ومحرّض وقائد لثورة بونتيان ضدّ الأتراك. وعلى الرّغم من عمليّات الاستجواب والضّرب المعذّبة، فقد أصرّ على إنكار التّهم الموجّهة إليه.

في 14 مارس 1923، حُكم عليه بالإعدام شنقًا، لكن الأب إيلاريون مونتي، من بطريركيّة القسطنطينيّة الكاثوليكيّة، تدخل وتأكّدت هويّته.".

إختتم :"أخيرًا، في 17 مارس  آذار، صدر أمر بترحيله إلى اليونان ونُفّذ.

وصل الأب كيرلس إلى بيرايوس، وهو مثقل بالعمل بشكل واضح. كان جواز سفره قد ضاع، وكانت الوثائق الوحيدة الّتي تثبت هويّته هي خطاب توصية من البطريرك المسكونيّ إلى رئيس أساقفة الرّوم الأرثوذكس في أثينا وآخر من القنصليّة اليونانيّة في القسطنطينيّة يؤكّد تصرّفه من جانب اللّاجئين. كان هدفه هو استخدامها كوسيلة للسّلطات اليونانيّة للعمل بشكل أسرع، وإرسال السّفن والطّعام إلى آلاف اليونانيّين والأرمن الّذين ينتظرون التّرحيل. كان رئيس الأساقفة الكاثوليكيّ في أثينا، في ذلك الوقت، العالم البيزنطيّ المميّز لويس بيتي، الّذي كان مهتمًّا على الفور بكرم ضيافته. كانت سمعته في إنقاذ مئات اليونانيّين من طرابزون ومرافقتهم إلى الأراضي اليونانيّة قد وصلت بالفعل إلى أثينا. بالتّعاون مع زملائه، من كلّ من الكنيسة اليونانيّة والكاثوليكيّة، يحاول الأب كيرلّس تنظيم كلّ من الضّيافة والقضايا المتعلّقة بتعليم مواطنيه، الّذين لجأوا بالفعل إلى مدن يونانيّة مختلفة، بينما يلتقي ويتعاون بانتظام مع وزير الخارجيّة اليونانيّ أبوستولو الكسندريس للتّعامل مع جوع مئات اللّاجئين من طرابزون الّذين كانوا ينتظرون كلّ يوم خارج الوزارة، على أمل اتّخاذ بعض الإجراءات الصّارمة للتّعامل مع فقرهم.

كتب الأب كيرلّس في رسالة مؤرّخة في 21 نيسان (أبريل) 1923 إلى رئيس السّينودس والكنائس الشّرقيّة في روما، الكاردينال تاكي: "في أثينا، وجدت العديد من طلّابي مع عائلاتهم... رجالًا ونساءً. عانقني وبكى بعاطفة. كثير ممّن ساعدتني على المغادرة لم يعرفوا كيف يعبّرون عن امتنانهم وسقطوا عند قدمي بالبكاء بينما أتوا أرسلوا إلى الأبرشيّة وشكروني على ما فعلته باسم الأمّة اليونانيّة... بعد فترة، تلقّيت رسالة من الأب، كنت قد قمت بتخزينها هناك، من الكنائس الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة، حيث كان هناك خطر جسيم من وقوعها في أيدي الأتراك. رسالة إلى الوزير، الّذي رتّب على الفور لنقل كلّ شيء إلى اليونان وتسليمه إلى أصحابها الشّرعيّين، مثل القسّ كريسانثوس، متروبوليت طرابزون الأرثوذكسيّة اليونانيّة، الّذي وجد مسكنًا في منزل صغير في شارع جانبي. باتيسون ستريت، لا أستطيع أن أصف كم كان لقاؤه يبعث على السّرور. تأثّرت كثيرًا ولم يستطع التّوقّف عن تكراره لي.

إمتنانه لإنقاذ حياة العديد من أبنائه الرّوحيّين، والأواني المقدّسة في كنائسه، وثيابه المقدّسة. كرّر لي ألف مرّة أنّه حتّى لو كان بإمكانه التّبرّع بكلّ دمه من أجلي، فلن يكون كلّ هذا شيئًا مقارنة بما فعلته وعانيت من أجل الإغريق.

إنّه يحارب كلّ يوم مع البيروقراطيّة من أجل تأمين مأوى للتّيّار المتزايد باستمرار من مواطنيه الّذين وصلوا إلى اليونان. جاء النّاس، ومن بينهم كثير من المتعلّمين تعليمًا عاليًا، من مجتمعات كانت حتّى ذلك الحين محاطة بالازدهار والقبول الاجتماعيّ وهي الآن تعاني من الألم والضّياع. لقد احتشدوا في المدارس والمسارح والمباني العامّة والكنائس. حاولت عائلات أخرى أقلّ حظًّا أن تتقاسم خيمة أو كوخًا أو كوخًا في ظلّ الظّروف الأكثر إشكاليّة للعيش مع الخوف المستمرّ من الأوبئة والعزلة المجتمعيّة والانطوائيّة.

في دولة ضاعف عدد سكّانها بعد مأساة سبتمبر 1922 مع وصول اللّاجئين، في حالة تعثّرت اقتصاديًّا، في واقع سياسيّ تحوّل إلى رماد، وجرّ معها المثاليّة الوطنيّة إلى أنقاضها في سميرنا، طرابزون. وينظّم الأب كيرلس، وإيونيا، المعسكرات والمدارس بشكل رئيسيّ في دورغوتي وكوكينيا وسيكس في ثيسالونيكي، بهدف نهائيّ يتمثّل في حشد اللّاجئين ومنع اندماجهم السّريع.

في 26 مارس 1923، اتّصل به رؤساؤه وغادر إلى إيطاليا، مع توقّفات وسيطة في باتراس وإيثاكا وليفكادا، وصل إلى كورفو بعد يومين. ستكون التّوقّف في ميناء كورفو حاسمة بالنّسبة له وللمئات من مواطنيه الّذين حوصروا في عاصمة الجزر الأيونيّة.

وفقًا للتّقاليد، يعود وجود الأرمن في كورفو إلى العصور القديمة. عندما اندلعت ثورات الجلالي في بداية القرن السّادس عشر، فرّ العديد من الأرمن إلى كورفو، حيث استقرّوا، على بعد 32 كيلومترًا شمال غرب المدينة، في قريتين جبليّتين، الأرميناديس، كما كان يُطلق عليهم آنذاك، وراحتاديس. كانت أوّل اضطهادات كبيرة للأرمن في التّاريخ، تبعها بعد ثلاثة قرون. عام 1895، على يد السّلطان الأحمر عبد الحميد، مجازر واسعة النّطاق، حيث فرّ أكثر من ألفي أرمني إلى اليونان، ولاحقًا مذابح أضنة عام 1909 والهجرة الدّمويّة عام 1915، ولكن قبل كلّ شيء، السّنوات المأساويّة الّتي ميّزت العامين. 1921- 1923 مع اقتلاع الهلّينيّة الآسيويّة الصّغيرة والبونتيان والأرمن من أوطانهم القديمة.

في ديسمبر 1922، أبحر ما يقرب من 3000 أرمنيّ، معظمهم من النّساء والأطفال، دون احتساب الأيتام، إلى كورفو واستقرّوا في القلعة القديمة والمدرسة في ماندوكي. جاؤوا بشكل رئيسيّ من قيساريّة ومدينتي أكسار وقونية، ومنحتهم الحكومة منازل في منطقة بلاتيرا، مطار اليوم، وعلى تلّ أفراميس. إختار العديد من اللّاجئين الاستقرار في ريا كورفو، في بيليكاس، في سيناراديس، وفي بوتاموس، يعملون في أعمال زراعيّة مختلفة، وآخرون في غاستوري، حيث تمّ منحهم بناء المستشفى الفرنسيّ القديم، بجوار قصر فخم "أخيليون". كانت الظّروف هناك صعبة، والكثير، الّذين يعيشون في ظروف من الفقر المدقع، ماتوا من التّيفوئيد والسّلّ، ولكن أيضًا من المصاعب. إهتمّت الكنيسة الأرثوذكسيّة والأبرشيّة الكاثوليكيّة، بالتّعاون مع الصّليب الأحمر الأميركيّ والمنظّمة الأميركيّة لإغاثة الشّرق الأدنى، بإطعام الأيتام بأيّ وسيلة كانت لديهم. عملت هذه المنظّمة على النّقل.

مئات الأيتام، في كثير من الأحيان في ظروف غامضة، في سيروس وكافالا وأماكن أخرى. تمّ إيواء العديد من الأيتام الكاثوليك في المدرسة الفرنسيّة لراهبات الرّحمة، على تلّ الآباء القدّيسين، وآخرين في المدرسة الإيطاليّة للأخوة ديلاسال .

حيث تعمل الصّالات الرّياضيّة الأولى والخامسة في كورفو اليوم. تمّ إيواء العديد من الفتيات الأخريات في دار أيتام الفتيات الإنجليزيّات، والّتي تمّ إسكانها، تحت إشراف معلم ديناميكيّ في لندن، في أحد المنازل في المدينة. في فبراير 1923، تمّ إنشاء لجنة الجالية الأرمنيّة من أجل تسهيل الإجراءات مع إجراءات اللّاجئين ومراقبة المساعدات القادمة من أثينا، وكذلك المنظّمات والمؤسّسات الأخرى، مثل Fabre Boys Home و London Lord  صندوق العمدة، الّذي كان يخضع مباشرة لرئيس بلديّة لندن.

كما لجأ العديد من المثقّفين من أرمينيا إلى كورفو، بما في ذلك الرّسّامين مثل فيركوتيان وسركيس والأطبّاء والموسيقيّين والمسرحيّين مثل كيفورك . Garvarents و Teotic و Nsan Bestiktaslian ، الّذي قدّم عروضًا لإسعاد مواطنيهم. ونشر آخرون جريدة، والبعض الآخر ما زال يؤسّس مجموعات استكشافيّة أو حتّى فرق كرة قدم، وأهمّها النّسر "أرزيف". بمبادرة من رؤساء أبرشيّة كورفو، تمّ تنظيم حدث لإحياء ذكرى الإبادة الجماعيّة لعام 1915 في 11 أبريل 1924، في كنيسة سيّارات الأجرة، بمشاركة عدد كبير من الأشخاص والمنظّمات المحلّيّة وممثّلي الأجانب. بلدان. المتحدّثون الرّئيسيّون هم القسّ الأرمنيّ دجيزيان والشّاعر فاهان تكيان. مع أكاليل الزّهور والشّموع الكبيرة، أقاموا مذبحًا مخصّصًا، حيث عزفت أوركسترا كورفو فيلهارمونيك تراتيل حزينة مصحوبة بجوقة دار الأيتام.

في الأشهر الأولى، حُرم أرمن كورفو من قس، وكثيرًا ما كانوا يؤدّون واجباتهم الدّينيّة في الكنائس اليونانيّة، بينما كانت هناك حالات دفن فيها اللّاجئون دون أيّ خدمة دينيّة ثم أتاح مطران كورفو وباكسوس، أثيناغوراس، البطريرك المسكونيّ اللّاحق، للأرمن الأرثوذكس كنيسة Ypapanti ، بجوار الكنيسة الحضريّة، حيث كان الأب كاريكين. خاشندوريان، أحد النّاجين من كارثة آسيا الصّغرى، كان مسؤولاً. وخلفه في وقت لاحق Yegise دريزيان، الّذي ساعد في تأسيس اللّجنة الأرمينيّة للعمل الجيّد (باريغورجاكان)، والّتي بدورها أنشأت مؤسّسة تعليميّة أرمنيّة استمرّت حتّى اندلاع الحرب عام 1940، فضلاً عن مصنع سجّاد جديد في منطقة ماندوكي .

نسمع اليوم أسماء العائلات الماركوسيّة والسّوماسيّة والتزاروجية المحبوبة الّذين شاركوا في تجارة البن والجوز، بينما بقيت العائلة الكارسيّة في ذاكرتنا كصنّاع صناعة الحرير والنّسيج. الرّوّاد في اليونان، بعد أن صنعوا أكثر من مائة نول في الجزيرة، أقاموا حرفة وظّفت أكثر من أربعين حرفيًّا. لكن أيضًا آخرين، مثل Avetikians و Agopiansو Ghazarianجيراكيان وجيراميان، كولسوزيان، مسيان، وبغداديان، أندرانيك- عائلة كابيكيان مع المقهى الشّهير في موراجيا، الأشخاص الّذين عملوا وتميّزوا في مجالات صناعة الأثاث وصناعة الأحذية والحلويات وتجهيز الجلود وتجارة المنسوجات والعطور والحليّ. في عام 1935، غادر معظمهم كورفو بحثًا عن حياة أفضل في مرسيليا ولبنان وسوريا وسويسرا وفرنسا والولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا، وغادر جزء كبير آخر مع نهاية الحرب الكبرى الثّانية، على أمل أفضل. ثروة في أرمينيا السّوفيتيّة.

بالعودة إلى الأب كيرلس، نعلم أنّه عند وصوله إلى كورفو ، زار رئيس الأساقفة الكاثوليكيّ ليوناردو برنتيزيس، الّذي أرسل ليأخذ أمتعته، مطالبًا بشكل أساسيّ بالبقاء في الجزيرة، قائلاً له: "العناية الإلهيّة هي الّتي ترسلك بيننا! هناك الآلاف من اللّاجئين الأرمن في هذه الجزيرة الّذين يحتاجون إلى عملك. لن أتركك تذهب. ستكون ضيفي المرحّب به". كان دون جريجوريو إنجيان، الطّالب في كلّيّة ليونتيوس، موجودًا بالفعل في كورفو.

أرمينيّ في روما، جاء إلى كورفو لتحضير مواطنيه لعيد الفصح. قام مع رئيس الأساقفة بزيارة المطران أثيناغوراس، الّذي، وفقًا للمذكّرات، احتضنه قائلاً: "قبّل يديه وقدميه". هذا الكاهن المقدّس، الّذي، من أجل إنقاذ حياة مؤمنينا، كاد يموت المشنقة نفسه.

في الجزيرة، يلتقي بآلاف اللّاجئين، العديد منهم من الأماكن الّتي كان يخدم فيها بنفسه؛ يتعامل مع التّعليم المسيحيّ للأطفال الكاثوليك وغالبًا ما يعمل في كنيسة أنونزياتا ولكن أيضًا في كنيسة يبابانتي. أسّس كلّيّة أرارات، حيث، مع الاحتياطيات الضّئيلة، كرّس المعلّمون الأرمن في ملجأ إغاثة الشّرق الأدنى للأيتام، الّذين لم يعودوا يخدمون هناك، بحماس كبير لتدريب الأطفال الأرمن لبضعة أشهر فقط.

يحاول تأمين عمل لأفراد المجتمع؛ يقدّم مبالغ صغيرة تؤمّنها Printezis لمختلف العائلات المحتاجة؛ يبيع السّجّاد الّذي يصنعه اللّاجئون. وفي 17 أبريل 1923، افتتح مدرسة صغيرة في منزل حارس المقبرة الكاثوليكيّة، والّتي أطلق عليها اسم  " Araradiàn" . Vargiaràn "وبعد يومين بدأ دروسًا مع 125 تلميذًا، كما قام بزيارة أطفال الأرمن الّذين تمّ استضافتهم فيAchilleio ، وكان همّهم الأساسيّ هو تعليمهم المسيحيّ والكنيسة.

في 21 أبريل 1923، قام رئيس الأساقفة برنتيزيس، برفقة سكرتيرته، كاهن كورفو ألكسندروس غيداتي، بزيارة المدرسة وحضر الاحتفال الّذي نظّمه الأطفال الأرمن الصّغار.

نظرًا لضيق المكان، استقبلوا بهتافات في ممرّ المقبرة. تعلّم الأطفال الصّغار وغنّوا نشيدها الوطنيّ لليونان ونشيد أرمينيا، "بامب" أليشان فوروتان". ألقى أليكسان تحيّة قصيرة، وتلاها أغاني وقصائد. ألقت الصّغيرة فارطو قصيدة واحدة باللّغة الكرديّة عن مذبحة أبناء وطنها على هضبة أسلافها.

إنفجرت الفتاة الصّغيرة في البكاء ومعها بقيّة الأرمن الّذين فهموا الكرديّة. وكان آخر من تحدّث هو رئيس الأساقفة برنتيزيس، الّذي أشاد بحماس بأرمينيا الخالدة، ووعد بإيجاد مكان أكثر ملاءمة لكرم ضيافتهم. طلّاب اللّاجئين .

كلمات أسقفهم: "تحيا اليونان المضيافة"، "تحيا برنتيزيس الموقّر"، "يعيش شعب كورفو"، "تحيا الكنيسة الكاثوليكيّة"، "يعيش البابا بيوس الحادي عشر" المحسن "من الأرمن ".

في 27 أغسطس 1923، أدى اغتيال اللّجنة الإيطاليّة لرسم خرائط الحدود اليونانيّة الألبانيّة خارج كاكافيا والمزاعم السّخيفة لحكومة موسوليني، الّتي ألقت باللّوم على اليونان في الجريمة، في صباح يوم 31 أغسطس إلى القصف المميت للجبهة. ميناء وقلاع كورفو من قبل الأسطول الإيطاليّ، الّذي احتلّ الجزيرة لمدّة شهر، تاركًا وراءه فتاة كورفو تبلغ من العمر اثني عشر عامًا وأربعة عشر لاجئًا آخرين، وعشرة يونانيّين وأربعة أرمن، بينما أصيب 22 أرمنيًّا بجروح خطيرة. "داخل الحصن، حاول اللّاجئون تجنّب الانهيار تحت الأنقاض، فركضوا نحو القيادة، لكن كلّ العسكريّين فرّوا منها. وفي تلك اللّحظة، قام أحد الأرمن، نرسيس، وهو رقيب سابق في الجيش التّركيّ، بإنزال العلم اليونانيّ يرفع مكانه صفيحة بيضاء ".

تقدّم مذكّرات الأب كيرلّس، بقدر ما تكون ذاتيّة، معلومات قيّمة حول الوضع الاجتماعيّ والتّعليميّ والكنسيّ في ذلك الوقت وقضيّة اللّاجئين؛ حول الحلقات المضحكة الّتي حدثت في كورفو في الفترة التّالية، بروح الانقسام الوطنيّ، بين البندقيّة والملكيّين؛ وكذلك حول نشاط رهبانيّة القدّيس يوحنّا في القدس ورودس ومالطا في كورفو. خاصّة لمساعدته للّاجئين ودار الأيتام بمساعدات كبيرة، والّتي تلقّوها من الحكومة الإيطاليّة، وهي أموال جاءت من التّعويض الباهظ الّذي طُلب من الحكومة اليونانيّة دفعه بعد حادثة كاكافيا .

بعد ذلك بوقت قصير، في أكتوبر 1923، دعاه الكاردينال الأرمنيّ نازليان للقيام بجولة في البلد حيث كان يوجد لاجئون أرمن للتّأكّد من جميع أنواع الصّعوبات والمشاكل الّتي واجهوها، سواء على المستوى المادّيّ (الطّعام، السّكن، الحياة اليوميّة) وكذلك في المجال الأخلاقيّ والدّينيّ، أيّ فيما يتعلق بالحفاظ على هويّتهم الدّينيّة والوطنيّة، وإعداد تقرير، حتّى يتمكّنوا من الدّراسة بأيّ طريقة يمكنهم مساعدتهم. في 30 أكتوبر، غادر الأب كيرلّس إلى أثينا واتّخذ، بشكل غير رسميّ، مبادرات لتنظيم المجتمعات الأرمينيّة الكاثوليكيّة في كلّ مدينة بالإضافة إلى تقديم المساعدة للّاجئين الأرمن. سافر إلى أثينا، بيرايوس، فولوس، ثيسالونيكي، كافالا، وألكساندروبولي، جزر شمال بحر إيجة، وكذلك جزر سيكلاديز، ساموس، رودس، وسيتيا في كريت، وفي 25 نوفمبر، عاد لتفقّد الأعمال في كورفو. واصل كيرلس جولاته في جميع أنحاء اليونان طوال الفترة التّالية، حيث عمل على تحسين ظروف توطين الأرمن بشكل رئيسيّ في أثينا، في منطقة كوكينيا، وفي دورغوتي .

في 12 كانون الأوّل (ديسمبر) 1925، انتخبت روما رئيسًا للكاثوليك الأرمن في اليونان، وفي 21 تشرين الثّاني (نوفمبر) 1938، انتُخب نائبًا بطريركيًّا للأرمن السّوريّين، وهو المنصب الّذي سيشغل هذا المنصب حتّى 23 تموز (يوليو) 1953 وفي 27 تشرين الأوّل (أكتوبر) 1940. رُسم أسقفًا في بيروت، واستمرّ في العمل بحماس من أجل الشّتات الأرمنيّ، وفي عام 1953، عيّنه المجمع المقدّس للبطريركيّة الأرمنيّة زائرًا للجاليات الأرمنيّة في أميركا اللّاتينيّة.

تقاعد الأب سيريل أخيرًا إلى روما عام 1954، حيث تخلّى عن واجباته في 3 ديسمبر 1968، متوجّهًا إلى باليرمو، صقلية. هناك، في 14 يوليو/ تمّوز 1967، في كنيسة معهد الكبّوشيّين العابر للمقاطعات، قام برسم الشّمامسة الشّابّ آنذاك، رئيس أساقفة كورفو إيوانيس سبيتريس السّابق. شارك الأب كيرلس في المجمع الفاتيكانيّ الثّاني، محتفظًا بمذكّرات يعبّر فيها بصرامة شديدة عن مواقفه من أجل تحديث الكنيسة والحركة المسكونيّة. هناك، في المدينة الأبديّة، توفّي في 20 سبتمبر 1972. قبره في كنيسة Capuchin في باليرمو، صقلية، وفتحت كنيسة روما، منذ عام 1983، ملفًّا لبدء الإجراءات العاديّة لتطويبه.

مساهمة الأب جريج، أيّ الأب سيريل، لإنقاذ وإعادة تأهيل الأرمن وليس فقط اللّاجئين، بعد كارثة آسيا الصّغرى كان عاملاً مساعدًا. ومع ذلك، لا يمكن أن يقتصر إحياء ذكرى اليوم على وجهه وحده، لأنّه يتعلّق بحدث مأساويّ للواقع التّاريخيّ الحديث الّذي لا يزال خالدًا وموضوعًا بشكل حتميّ، وهو حدث يجب تذكيره باستمرار بالشّباب الأصغر سنًّا وخاصّة الأطفال الصّغار من المجتمع الأرمنيّ، و ليس فقط اقتلاع وتضحية آبائهم من أرض آبائهم. في الوقت نفسه، لها قيمة تربويّة لأنّها تكريم صامت لتضحية أولئك الّذين قُتلوا وعذّبوا ونُفيوا وأذلّوا، وبعد مرور 100 عام، ما زال الكثيرون لا يظهرون الحساسيّة والالتزام بالاعتراف بهذه المأساة. دعونا لا ننسى أنّ التّضامن والذّاكرة الجماعيّة هما ركيزتان ثابتتان للحفاظ على الوعي القوميّ والدّينيّ، وأمثلة مثل الاضطهاد والإبادة الجماعيّة لليونانيّين والبونطيّين والآشوريّين، وبالطّبع الأرمن في القرن الماضي لا يمكن أن تكون كذلك. مكشوف في كلّ فرصة ويتمّ تدريسه، لكن خالٍ من السّذاجة الباهتة والعظمة الكامنة.

فليكن مثال الأب كيرلس دليلاً لكلّ أولئك الّذين يحافظون بضمير وحزم على ذكرياتهم وتقاليدهم وتراثهم الوطنيّ ويعزّزونها بإخلاص. مثل بذرة الحنطة، الّتي يخبرنا بها يوحنّا، "إذا سقطت البذرة في الأرض ولم تمت، فإنّ البذرة المنفردة تبقى؛ أمّا إذا ماتت، فإنّها تؤتي ثمارًا كثيرة".

دع مثال وكفاح الأب كيريلس زوهرابيان هو أيضًا دليل لكلذ أولئك الّذين يدّعون اليوم، مع الاحترام، ما كتبه فولتير: "نحن ندين بالاحترام للأحياء والأموات. مدينون بالحقّ فقط، واسمحوا لي أن أضيف اليوم أنّنا مدينون لهم أيضًا بتقديم الحقيقة والتّبرير والعدالة."

في الختام، ألقى البطريرك ميناسيان كلمة شكر فيها المطران جورجيو وكلّ المشاركين بهذا القدّاس الّذي أقيم بمناسبة المئويّة لتأسيس الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة في اليونان مؤكّدًا أنّ المطران زوهرابيان يستحقّ أن يكون مثالاً لكلّ واحد منّا في حياته وأنا شخصيًّا كبطريرك اعتبره المثل الأعلى في حياتي.  مقدّما للمطران جورجيو صليبًا مقدّسًا.