لبنان
13 كانون الثاني 2025, 07:30

ميناسيان افتتح السّنة اليوبيليّة ودعا الجميع إلى التّكاتف والعمل معًا

تيلي لوميار/ نورسات
إفتتح كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان السّنة اليوبيليّة "حجّاج الرّجاء"، خلال قدّاس ترأّسه أمس الأحد في كاتدرائيّة القدّيسين غريغوريوس المنوّر وإيليا النّبيّ في ساحة الدّبّاس- وسط بيروت، عاونه فيه لفيف من الكهنة والشّمامسة، بحضور حشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل، ألقى ميناسيان عظة قال فيها: "لقد فتحنا للتّوّ سويّةً باب الرّجاء للسّنة اليوبيليّة ولكنّنا لا نزال في أمسّ الحاجة لمعرفة معنى الرّجاء ومعنى السّنة اليوبيليّة الّتي تأتي كلذ خمسة وعشرين عامًا مرّةً. فلا نزال ننظر بشوق لمعنى الرّجاء فلمن نرجو ولماذا نرجو؟ هذه التّساؤلات تأتينا أوّلًا من باب الإيمان. إنّنا نؤمن بالّذي وهبنا هذه النّعمة وهو الإله الآب من وهبنا إيّاها مجّانًا، والابن الّذي علّمنا إيّاها في حياته على الأرض، والرّوح القدس الّذي رسّخها فينا في سرّ العماد ويقودنا بها في هذه الحياة.

الرّجاء والإيمان جزء واحد لا يتجزّأ. فلا رجاء بدون إيمان ولا إيمان بدون رجاء وكلاهما يحقّقان فينا الخلاص. الرّجاء لا يخيب. فلذا علينا جميعًا أن نشعر بالمسؤوليّة فردًا أو جماعةً، أن نشعر بالمسؤوليّة بطريقة ما، وان نعمل سويّةً ونتّحد ضدّ الدّمار الّذي يتعرّض له بيتنا المشترك، أن نرفض أيّ حوار يشجّع وينمّي الشّرّ، وكما قال قداسة البابا فرنسيس في خطابه اليوم: السّلام أن نرفض أيّ حوار وتمويل للصّناعة العسكريّة الّتي تطوّل الحروب والدّمار في جميع أطراف العالم. كما ونرفض كلّ العوامل الّتي تشكّل تهديدًا حقيقيًّا لكلّ البشريّة. علينا ومن واجبنا أن نصغي إلى الصّراخ اليائس، إلى صراخ الإنسانيّة المتألّمة. لنشعر بأنّنا نحن أيضًا مدعوّون أفرادًا وجماعات لتحطيم سلاسل الظّلم وإعلان عدل الله. علينا ومن واجبنا المقدّس أن نرى ونشعر بعذاب ومرارة عيش البشريّة أينما كانوا، ومن أيّ لون كانوا من جميع أطراف الأرض.

إنّ هذا اليوبيل، يوبيل الرّجاء الّذي رسمته الكنيسة لخير النّفوس أيّ لخيرنا، يدعونا أن نأخذ على عاتقنا أن نكون رسل الرّجاء، فإنّ يسوع المسيح الّذي وقف في مجمع النّاصرة وأعلن بكلّ وضوح عن رسالته لنا، رسالة الأمل والخلاص. ولمّا فتح كتاب اشعيا وقرأ فيه تلك النّبوة، كان يعلن للعالم كلّه أنّه هو المخلّص المنتظر الّذي جاء ليفدي البشريّة أيّ يفدينا من الخطيئة والموت. يسوع لم يأت لخدمة الأغنياء والأقوياء، بل للمساكين والمهمّشين، يسوع لم يأت لإطلاق الأسرى في الجسد لا بل الأسرى في الخطيئة. يسوع يعطي البصر، النّور الرّوحيّ الّذي بواسطته نرى الله في كلّ شيء. فيوبيل الرّجاء يحثّنا على مواجهة الظّلم واللّامساواة اّلتي تحيط بنا منذ أعوام وسنوات لا تحصى ويذكّرنا بأنّ خيرات الأرض ليست مخصّصة لبعض المميّزين على غيرهم بل هي بالتّساوي للجميع. نعم إنّنا مسؤولون أمام الله وضمائرنا لنعمل في هذا المجال. فيصبح الرّجاء خلاصًا لنا.  

لأنّ الله يغفر لنا خطايانا ويعفو عنّا كلّ ذنوبنا لكي تمتلئ قلوبنا بالرّجاء والسّلام. فنعود ونقول مع بولس الرّسول: "إنّنا نفتخر أيضًا في الضّيقات، عالمين أنّ الضّيق ينشئ الصّبر، والصّبر تزكية، والتّزكية رجاء، والرّجاء لا يخزي، لأنّ محبّة الله قد انسكبت في قلوبنا بالرّوح القدس المعطى لنا". فلنشكر الرّبّ على النّعم الّتي نلناها منه ولا نزال ننالها ونغرف منها، فالوطن نال رئيسه بعد طول انتظار، فما لنا إلّا أن شكر الله على هذه النّعمة ونبدأ بالعمل وبالمشاركة في المسؤوليّات معًا وبإخلاص لخير الوطن والمواطنين. علينا جميعًا أن نكون متكاتفين معه ومؤمنين بأنّ النّجاح في بناء الدّولة يتطلّب التّفاني والتّضحية والعمل معًا من أجل لبنان الّذي نحلم به، لبنان الرّسالة، لبنان الرّجاء. نعم في هذا السّياق السّعيد ندعو جميع المسؤولين بأن يفكّروا بوطن واحد وبقلب واحد حيث تتضافر الجهود لخدمة المصلحة العامّة. ندعو جميع المسؤولين بأن يتمسّكوا بإرادة واحدة على جميع النّقاط الّتي وردت في خطاب القسم للرّئيس المنتخب، ففي هذه الإرادة وهذا المجال سنحقّق جميع أمال المواطنين والوطن الحبيب لبنان.

علينا أن نشكر الله على نعمة الرّجاء في هذه السّنة اليوبيليّة لما يعطينا من مواهبه لنحيا مع بعضنا البعض بقلب طاهر مليء بالحبّ والسّلام والرّجاء".