دينيّة
04 أيار 2020, 07:00

مونيكا... الأمّ الّتي بكت!

ريتا كرم
هي مثال الأمّ المسيحيّة البارّة والتّقيّة قادت ابنها إلى القداسة بعد أن روت الأرض بدموعها. هي القدّيسة مونيكا أم القدّيس أغسطينوس.. قدّيسة اليوم الرّابع من شهر أيّار/ مايو.

 

أطلقت مونيكا صرختها الأولى في عائلة شريفة عام 331 في مدينة قرطنجة، فنشأت على مخافة الله وحبّ الفضيلة الّتي ثبّتتها في الإيمان، بخاصّة بعد أن زوّجها والدها من شابّ وثنيّ حادّ الطّباع أساء معاملتها واستاء من فيض كرمها على الفقراء وزياراتها المتكرّرة للمرضى. لم تضعف مونيكا أمام سلوك زوجها بل صبرت وتسلّحت بأخلاقها ووداعتها حتّى أهدته إلى الإيمان المسيحيّ.

رزقت مونيكا وترسيسيوس بصبيّين وفتاة ربّتهم على التّقوى وحفظ وصايا الله. ومن بين أولادها برز أغسطينوس الّذي أطلق العنان لأهواء الجسد وانحرف وراء بدعة المانويّة صامًّا أذنيه عن نصائح والدته الّتي لم تفلح في إصلاحه، فلجأت إلى الله متوكّلة عليه في ارتداد ولدها غارقة في دموعها ضارعة إلى الله من أجل خلاص ابنها.

هذا الخلاص لم يتحقّق إلّا في ميلانو حيث شكت مونيكا همّها لأسقف المدينة القدّيس أمبروسيوس، فعزّاها وطمأنها على مصير ابنها الّذي راح يتردّد إلى الكنيسة ويستمع لمواعظ القدّيس حتّى اهتدى إلى الإيمان والحقّ والمعموديّة. وما أن اطمأنّت مونيكا على ابنها حتّى تفرّغت للتّأمّل والصّلاة والتّقشّف ورقدت بين يدي أغسطينوس سنة 387، في مدينة أوستيا أثناء عودتهما إلى بلدتهما في أفريقيا.

القدّيسة مونيكا الّتي سافرت روحها إلى ديار الآب في ذاك الزّمان مزوّدة بالأسرار الإلهيّة، تبقى في زمننا أمثولة حيّة في الأمومة والصّبر والتّقوى والحبّ وبذل الذّات، وصورة تعكس محبّة الآب لأبنائه ورعاية والدة الإله لبنيها. وإليها نرفع أنظارنا اليوم سائلين شفاعتها باسم الآب والابن والرّوح القدس، آمين!