الأردنّ
15 كانون الأول 2023, 10:30

من هو يوحنّا المعمدان وما هي مهمّته؟

تيلي لوميار/ نورسات
في الأحد الثّالث من زمن المجيء، يتأمّل بطريرك القدس للّاتين بييرباتيستا بيتسابالا بشخصيّة يوحنّا المعمدان الّذي يبدأ يوحنّا الإنجيليّ إنجيله بالحديث عنه.

وفي هذا السّياق، يقول بيتسابالا بحسب موقع البطريركيّة الرّسميّ:

"نتأمّل في الأحد الثّالث من زمن المجيء بشخصيّة يوحنّا المعمدان.

يقدّمه لنا الإنجيليّ يوحنّا، الّذي يبتدأ إنجيله بالحديث عنه، (يوحنّا 1: 6-8)، ويواصل عرضه في الآيات التّالية (1: 19-28).

من هو يوحنّا المعمدان وما هي مهمّته؟

لدينا إجابة أولى في الآيات 6-8، وإجابة أخرى في الآيات 19-28.

الجواب الأوّل يخبرنا به الإنجيليّ يوحنّا بثلاث نقاط أساسيّة: يوحنّا رجل مرسل من الله؛ أُرسل ليكون شاهدًا للنّور. وأخيرًا، يخبرنا الإنجيليّ أنّ هدف شهادته هو أن يؤمن الجميع.

ويحدّد الإنجيليّ: لم يكن المعمدان هو النّور، لأنّه واضح في إنجيل يوحنّا أنّ النّور هو يسوع وحده. سنسمع يسوع يشير إلى ذاته بأنّه "نور العالم" (يو 8: 12)، أمّا المعمدان فقد جاء ليشهد للنّور.

ومع ذلك، فإنّ الآيات الّتي تلي المقدّمة توضح لنا كيف تحدث هذه الشّهادة، وما يعنيه أنّ يوحنّا يشهد للنّور.

في القدس، يحتار القادة الدّينيّين بأمر المعمدان: في الواقع، لا يستطيع البدء في تعميد النّاس، لذا فإنّ حيرة القادة مشروعة. لذلك أرسل الرّؤساء بعض الكهنة واللّاويّين إلى نهر الأردنّ ليسألوه عن هويّته، وهكذا يشهد المعمدان.

الأسئلة المطروحة عليه هي في الأساس سؤالان: السّؤال الأوّل يتعلّق بهويّة يوحنّا، والثّاني بمهمّته.

في الحقيقة، يوحنّا لا يجيب، أو الأفضل من ذلك، أنّه لا يقول شيئًا عن نفسه، لأنّ يوحنّا ليس شاهدًا لنفسه، ولم يأت ليتحدّث عن نفسه أو حتّى ليجعل النّاس يتحدّثون عن نفسه. إنّ ردّ المعمدان هو إشارة مستمرّة وشاملة وجذريّة نحو المسيح.

يتحدّث يوحنّا عن نفسه من خلال الإنكار الّذي يكرّره عدّة مرّات: "لست إيّاه" (يوحنّا1، 20، 21). لستُ المسيح، لستُ إيليّا، لستُ النّبيّ.

ليس لحياته معنى إلّا بالمسيح: يوحنّا ليس العريس، بل صديق العريس (يوحنّا 3: 29). ليس النّور بل شاهدٌ للنّور. ليس الكلمة، بل الصّوت الّذي يمكن للكلمة أن تتكلّم من خلاله؛ ومن خلال كونه وحيدًا بالنّسبة إلى المسيح، يعيش يوحنّا حياته بملئها، محقّقًا رسالته على أكمل وجه.

بإختصار، يوحنّا المعمدان لا يجيب بشيء. وكأنّه يقول: لا يهمّ من أنا. فالسّؤال الحقيقيّ هو حول من هو بينكم ولا تعرفونه (يوحنّا 1: 26).

إنّ شهادة المعمدان تساعدنا على وضع أنفسنا في المكان الصّحيح. إنّ الّذين لا يعرفون، لا يدركون.

إنّ إنجيل يوحنّا برمّته تتخلّله هذه الخبرة: تجربة عدم المعرفة، عدم الإدراك، عدم الاعتراف. إنّها خبرة نيقوديموس (يو 3، 10)، والمرأة السّامريّة (يو 4، 29)، والرّجل الأعمى منذ مولده (يو 9، 36)... ولكنّها أيضًا تجربة جميع التّلاميذ بعد موت وقيامة السّيّد المسيح، بدءًا من مريم المجدليّة الّتي لم تعرف الرّبّ (يو 20: 14)، حتّى التّلاميذ على بحيرة طبريّة (يو 21: 4).

يخبرنا يوحنّا أنّ الطّريق القويم للوقوف أمام الرّبّ الآتي هو الاعتراف بأنّنا لا نعرفه؛ من هذا الموقف المتواضع يأتي السّؤال والرّغبة والبحث والإيمان، تمامًا كما هو الحال في جميع الشّخصيّات الكتابيّة المذكورة أعلاه، الّذين انطلقوا من ظلمة قلوبهم وانفتحوا على النّور، أيّ على علاقة الثّقة والمحبّة مع الرّبّ يسوع، فهي طريق الإيمان.

يخبرنا الإنجيليّ يوحنّا أنّ المعمدان جاء من أجل هذا: لكي يؤمن الجميع (يوحنّا 1، 7)."