من هو يسوع؟ وما معنى آلامه وصلبه وموته وقيامته؟
بهذا المعنى يقول: المطران كيرللس بسترس في كتاب اللّاهوت المسيحيّ والإنسان المعاصر صفحة 131.
فنعلن إيماننا بأنّ الله يسوع المسيح. وفي هذا القسم يظهر بأجلى بيان ما يميّز الدّيانة المسيحيّة عن سائر الدّيانات. فالإيمان بالإله الواحد خالق السّماء والأرض هو، في جوهره، إيمان مشترك بين معظم الدّيانات ولاسيّما المسيحيّة واليهوديّة والإسلام. وقد يقبل العقل بدون ارتياب هذا الإيمان بالإله الواحد، ولكن الإيمان بأنّ يسوع المسيح الإنسان الّذي ولد من مريم العذراء بالجسد هو نفسه «ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كلّ الدّهور»، وإنّه بالتّالي «إله حقّ من إله حقّ ومساو للآب في الجوهر»، قد يبدو لأوّل وهلة مناقضًا للعقل البشريّ، جهالة لليونانيّين وعثرة لسائر المؤمنين من يهود ومسلمين، يعتبره العقلانيّون جنونًا وبهتانًا، ويرى فيه اليهود والمسلمون تجديفًا على اسم الله وتحقيرًا لعظمته. فكيف يعقل أن يقال عن إنسان وجد في الزّمن إنّه هو بدء الزّمن؟ وعن كائن فرد ولد من كائن آخر إنّه خالق كلّ الكائنات وأساسها منذ الأزل؟ وكيف ينحصر معنى التّاريخ كلّه في إنسان واحد عاش في حقبة محدّدة من التّاريخ؟
إنّ هذا الإيمان بألوهيّة يسوع المسيح، الّذي أنكره اليهود ورفضه المسلمون، بقي على مدى التّاريخ حجر عثرة لكثيرين من المسيحيّين أنفسهم. ويمكننا اختصار تاريخ اللّاهوت المسيحيّ بقولنا إنّه تاريخ مدّ وجزر حول تحديد هويّة شخص يسوع المسيح. فالإنجيل هو، بحسب القدّيس مرقس، «إنجيل يسوع المسيح ابن الله» (1:1). ومعظم المجامع المسكونيّة، ولا سيّما في القرنين الرّابع والخامس، كان موضوعها المسيح في شخصه وفي طبيعته الإلهيّة.
يسوع هو ابن الله الوحيد
فمن هو يسوع المسيح في شخصه وفي طبيعته الإلهيّة والإنسانيّة وكيف ظهر الله في الزّمن في شخص يسوع المسيح الّذي هو ابن الله الوحيد إنجيل مرقس: (1:1).
وهو ابن الله الحيّ. هذا ما أعلنه بطرس «أنت المسيح» ابن الله الحيّ (مرقس 16: 15/17).
ويضيف متّى 14/33: أنت حقًّا ابن الله: «وهذا الّذي صلبتموني جعله ربًّا ومسيحًا» (أعمال 1: 3/6).
إنّه المسيح ابن الله الحيّ كما ورد في إنجيل متّى وهو حقًّا ابن الله (متّى 14/33).
وبه: «العمي يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يطهرون، والصّمّ يسمعون، والموتى ينهضون، والمساكين يبشّرون وطوبى لمن لا يشكّ فيّ» (متّى 11: 2/6).
وهو يؤسّس ملكوت المصالحة والمسامحة والسّلام والحرّيّة والمساواة والخلاص ومحبّته لكلّ إنسان ولاسيّما للفقراء، والضّعفاء والمرذولين والزّناة والعشّارين والخطأة وهو سيبني ملكوت السّلام والعدالة والأخوّة والمحبّة والمسامحة والغفران.
يسوع هو المسيح
يسوع هو المسيح: أنت المسيح (مرقس 8/29) والمسيح لفظة تعني نعتًا للنّبيّ والكاهن والملك.
روح الرّبّ عليّ لأنّه مسحني لأبشّر المساكين وأرسلني لأنادي للمأسورين بالتّخلية، وللعميان بالبصر وأطلق المرهقين أحرارًا، وأعلن سنة نعمة للرّبّ (لوقا 4/16/21) «ومملكته ليست من هذا العالم» (يو8:36).
اليهود كانوا ينتظرون مسيحًا قائدًا محرّرًا مدنيًّا سياسيًّا يبهر النّاس بقوّته وبصنعه العجائب والخوارق. فيحوّل الحجارة إلى خبز، ويرمي نفسه من فوق قمّة جناح الهيكل وتحمله الملائكة ولا يصاب بأذى، لكن يسوع أتى مسيحًا ممتلئًا بالنّعمة والحقّ والرّوح القدس مقدّمًا ذاته كحمل للذّبح ليفتدي البشريّة. ممّا شكّل صدمة في عقول وقلوب الكهنة والشّعب والتّلاميذ وسوء الفهم هذا أوصله إلى الصّلب والموت والقيامة. وقيامته بالمجد في اليوم الثّالث هو ابن الله الّذي أرسله الله ليفتدي العالم. هو الابن الحبيب وجوهره من جوهر الله.
وهو الكلمة الّذي كان في البدء والكلمة كان لدى الله وكان الكلمة الله. والكلمة جسدًا وسلك في ما بيننا (يو 1: 2/14).
يسوع هو إله وإنسان في آن واحد
يسوع هو إله وإنسان في آن واحد وهو الكلمة المتجسّد حقيقة «فظهر جسدًا» أو «شبه جسد»، وهذا ما يسمّى بالمظهريّة Docetisme أو الشِّبهيّين (يشبه فلانًا) .Docetes وهناك تيّار آخر قال إنّ الثالوث الأقدس ليس هو في الواقع إلّا أقنومًا واحدًا ظهر لنا في ثلاثة أشكال أو أحوال: حال الآب، وحال الابن وحال الرّوح القدس، إنّها بدعة Modelisme أو Monarchianisme وهذه البدعة محرومة.
التّبنويّة Adoptianismeوهي إنكار لألوهيّة المسيح إذ هي تقول: إنّ يسوع مجرّد إنسان تبنّاه الله، أو آريوسيّة Arionismeنسبة آريوس الّذي حرمه مجمع نيقيا سنة 325 .
الكنيسة تعلّم:
يسوع المسيح هو شخص واحد في طبيعتين: طبيعة إلهيّة وطبيعة إنسانيّة.
هنا ظهرت بدعة نسطور فكان مجمع أفسس سنة 431.
ثمّ عادت وظهرت بدعة الطّبيعة الواحدة في المسيح Monophysisme مع أوطيخا
وكان مجمع خلقدونيّة سنة 450 الّذي أعلن أنّ يسوع شخص واحد في طبيعتين.
وعادت وظهرت بدعة المشيئة الواحدة في المسيح Monothelisme فعاد المجمع المسكونيّ السّادس سنة 681 وأعلن عقيدة المشيئتين طبيعتين في المسيح.
كلّ هذا لا يجب أن يبعدنا عن الهدف الأساسيّ من التّجسّد والفداء ألا وهو خلاص الإنسان وتجاوبه بحرّيّة ومحبّة مع نعمة الله الّتي تدعوه للخلاص والحرّيّة فيسوع في شخصه وفي عمله هو ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كلّ الدّهور، نور من نور، إله حقّ من إله حقّ مولود غير مخلوق ومساو للآب في الجوهر وهو قد تجسّد وتألّم وصلب ومات وقبر ودفن وقام لأجل خلاصنا...
فيسوع خلّصنا بتجسّده وصلبه وموته ودفنه وقيامته، وهو الّذي افتدانا بموته الّذي به كشف لنا سرّ حبّ الله لنا.
القبر فارغ، إنّه ليس هنا إنّه قام حقًّا قام وأقامنا معه.