من هو الملاك جبرائيل؟
واليوم، وفي حين تحيي الكنيسة عيد الملاك جبرائيل، نعود إلى صفحات الكتاب المقدّس فنتذكّر معًا الدّور الّذي أوكله الرّبّ له؛ ففي العهد القديم، أرسله إلى دانيال ليفسّر له رؤياه الّتي تكلّما عنها في سفره (دا 8/ 1- 14)، أتى ليعلمه "ما سيكون في آخر السّخط" (دا 8/ 19)، وعاد إليه لينقذه من أفواه الأسود الّتي رماه بينها الملك الوثنيّ بعد رفضه السّجود له.
أمّا في العهد الجديد فبشّر الملاك زكريّا الكاهن بولادة يوحنّا المعمدان قائلاً: "أنا جبرائيل الواقف قدّام الله، وأرسلت لأكلّمك وأبشّرك بهذا" (لو 19:1، 20)؛ كما بثّ البشرى على مسامع مريم العذراء في سلامه المريميّ الشّهير، هو من دخل إليها وقال: "إفرحي أيّتها الممتلئة نعمة، الرّبّ معك... لا تخافي يا مريم، فقد نلت حظوة عند الله، فستحملين وتلدين ابنًا فسمّيه يسوع. سيكون عظيمًا وابن العليّ يُدعى، ويوليه الرّبّ الإله عرش أبيه داود، ويملك على بيت يعقوب أبد الدّهور، ولن يكون لملكه نهاية... إنّ الرّوح القدس سينزل عليك وقدرة العليّ تظلّلك، ولذلك يكون المولود قدّوسًا وابن الله يُدعى". وتابع زافًّا إليها بشرى حمل أليصابات "وها إنّ نسيبتك أليصابات قد حبلت هي أيضًا بابن في شيخوختها، وهذا هو الشّهر السّادس لتلك الّتي كات تُدعى عاقرًا. فما من شيء يُعجز الله". فقالت مريم: "أنا أمة الرّبّ، فليكن لي بحسب قولك". وانصرف الملاك من عندها" (لو 1/ 28- 38)؛ لكنّه بقي، بحسب الآباء القدّيسين، ملاكها الحارس.
لم ينته دور جبرائيل هنا، بل هو نفسه الملاك الّذي أرسله الله إلى الرّعاة، ليلة عيد الميلاد، ليبشّرهم "بفرح عظيم يكون فرح الشّعب كلّه: ولد لكم اليوم مخلّص في مدينة داود، وهو المسيح الرّبّ. وإليكم هذه العلامة: ستجدون طفلاً مقمّطًا مضجعًا في مذود." (لو 2/ 10- 12).
واليوم، فيما نحيي عيد الملاك جبرائيل، نطلب من الله أن يرسل ملائكته ليبثّوا في عالمنا بشرى خلاص في مسيرة الصّوم هذه، وبشرى سلام في كلّ الرّبوع المضطربة، فتكون قيامته القريبة قيامة لكلّ النّفوس في كلّ أرجاء المسكونة.