أوروبا
02 أيار 2023, 07:50

من هم الأشخاص الّذين التقاهم البابا فرنسيس يومي الجمعة والسّبت في المجر؟

تيلي لوميار/ نورسات
محطّات عديدة شهدتها زيارة البابا فرنسيس إلى المجر، فالجمعة وبعد لقاء السّلطات والسّلك الدّبلوماسيّ، التقى عصر الجمعة الأساقفة والكهنة والشّمامسة والمكرّسين والإكليريكيّين والعاملين الرّاعويّين في كاتدرائيّة القدّيس إسطفانوس في بودابست، استمع خلاله إلى عدد من الشّهادات، وألقى كلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"يسعدني أن أكون هنا مرّة أخرى بعد مشاركتي معكم في المؤتمر الإفخارستيّ الدّوليّ الثّاني والخمسين. لقد كانت لحظة نعمة عظيمة وأنا متأكّد من أنّ ثمارها الرّوحيّة ترافقكم. في هذا العالم المتغيّر نريد أن نشهد أنّ المسيح هو مستقبلنا. إنّها إحدى أهمّ الاحتياجات بالنّسبة لنا، ولكن هذا الأمر ممكن فقط من خلال النّظر إلى المسيح كمستقبلنا. إنّ حياتنا، على الرّغم من هشاشتها، قد وضِعَت بشكل ثابت بين يديه. وإذا نسينا هذا الأمر، فنحن أيضًا، رعاة وعلمانيّون، سنبحث عن الوسائل والأدوات البشريّة لكي ندافع عن أنفسنا من العالم، وننغلق في واحاتنا الدّينيّة المريحة والهادئة؛ أو، على العكس، سوف نتأقلم مع رياح الحياة المتغيّرة في العالم، وعندها، ستفقد مسيحيّتنا قوّتها ولن نكون بعدها ملح الأرض. هذان، إذن، هما التّفسيرين- أودّ أن أقول التّجربتين- اللّتين علينا أن نتنبّه منهما دائمًا ككنيسة: القراءة الكارثيّة للتّاريخ الحاليّ، الّتي تتغذّى من انهزاميّة الّذين يكرّرون أنّ كلّ شيء قد ضاع، وأنّ القيم الّتي كانت في الماضي لم تعد موجودة، وأنّنا لا نعرف أين سينتهي بنا الأمر. ثمّ الخطر الآخر، وهو قراءة زمننا بسذاجة، وهي قراءة تقوم على راحة التّطابق وتجعلنا نعتقد أنّه في النّهاية كلّ شيء سيسير على ما يرام، وأنّ العالم قد تغيّر الآن وأنّنا بحاجة إلى أن نتكيّف مع ذلك.

في هذا الصّدد، أودّ أن أتحدّث بإيجاز عن الصّورة الجميلة الّتي استخدمها يسوع: صورة شجرة التّين. يقدّمها لنا في سياق هيكل أورشليم. وإلى الّذين كانوا يُعجبون بأحجاره الجميلة ويعيشون هكذا نوعًا من التّطابق الدّنيويّ، واضعين ضماناتهم في فُسحة المقدَّس وعظمته الجليلة، يقول يسوع أنّه لا يجب أن نعتبر على هذه الأرض أبدًا شيئًا مطلقًا وغير قابل للتّغيير، لأنّ كلّ شيء زائل ولَن يُترَكَ حَجَرٌ على حَجَرٍ مِن غَيرِ أَن يُنقَض؛ ولكن في الوقت عينه، لا يريد الرّبّ أن يقودنا إلى الإحباط أو الخوف. ولذلك يضيف: عندما يزول كلّ شيء، وعندما تنهار الهياكل البشريّة، وتحدث أشياء مروِّعة ويكون هناك اضطهادات عنيفة، "حينَئذٍ يَرى النَّاسُ ابنَ الإِنسانِ آتِيًا في الغَمام في تَمامِ العِزَّةِ والجَلال". وهنا يدعونا لكي ننظر إلى شجرة التّين: "مِنَ التِّينَةِ خُذوا العِبرَة: فإِذا لانَت أَغْصانُها ونَبَتَت أَوراقُها، عَلِمتُم أَنَّ الصَّيفَ قَريب. وكذلكَ أَنتُم إِذا رأَيتُم هذهِ الأُمورَ تَحدُث، فَاعلَموا أَنَّ ابنَ الإِنسانِ قَريبٌ على الأَبواب". لذلك نحن مدعوّون لكي نقبل كنَبَتَة خصبة الزّمن الّذي نعيش فيه، مع تغيّراته وتحدّياته، لأنّه من خلال هذا كلّ بالتّحديد- يقول الإنجيل- يقترب الرّبّ. لذلك نحن مدعوّون لكي نعزّز زمننا هذا، ونقرؤه ونزرع فيه الإنجيل، ونُقلِّم أغصان الشّرّ الجافّة، ونُثمر. وبالتّالي نحن مدعوّون لقبول نبويّ.

القبول النّبويّ: يتعلّق الأمر بأن نتعلّم كيف نتعرّف على علامات حضور الله في الواقع، حتّى عندما لا يظهر بشكل واضح مطبوعًا بالرّوح المسيحيّة ويأتي للقائنا بطابع التّحدّي أو التّساؤل. وفي الوقت عينه، يتعلّق الأمر بتفسير كلّ شيء في ضوء الإنجيل بدون أن نسمح للأمور بأن تجعلنا دُنيويّين، وإنّما كمبشّرين وشهود للنّبوءة المسيحيّة. نرى أنّه حتّى في هذا البلد، حيث لا يزال تقليد الإيمان متجذّرًا بعمق، نحن نشهد على انتشار العلمانيّة وما يصاحبها، والّذي غالبًا ما يهدّد سلامة العائلة وجمالها، ويُعرِّض الشّباب لنماذج حياة مطبوعة بالمادّيّة والمتعة، ويستقطب النّقاش حول القضايا والتّحدّيات الجديدة. عندها قد تكون التّجربة، تجربة التّشدّد والانغلاق على ذواتنا واعتماد موقف "المقاتل". لكن يمكن لهذه الحقائق أن تمثّل فرصًا لنا نحن المسيحيّين، لأنّها تحفز الإيمان وتعمِّق بعض المواضيع، وتدعونا لكي نسأل أنفسنا كيف يمكن لهذه التّحدّيات أن تدخل في حوار مع الإنجيل، ولكي نبحث عن طرق وأدوات ولغات جديدة.

إنّ الالتزام بالدّخول في حوار مع مواقف اليوم يتطلّب من الجماعة المسيحيّة أن تكون حاضرة وشاهدة، وأن تعرف كيف تصغي إلى الأسئلة والتّحدّيات بدون خوف أو تشدّد. هذا ليس بالأمر السّهل في الوضع الحاليّ، لأنّ التّعب والجهود لا تغيب حتّى في الدّاخل. وأريد بشكل خاصّ أن أسلّط الضّوء على عبء العمل الزّائد على الكهنة. من ناحية، في الواقع، تتعدّد متطلِّبات الرّعيّة والحياة الرّاعويّة، لكن الدّعوات، من ناحية أخرى، تنخفض والكهنة قليلون، وغالبًا ما يكونون متقدّمين في السّنِّ ومع بعض علامات التّعب. إنّها حالة مشتركة في العديد من الوقائع الأوروبيّة، والّتي من المهمّ أن يشعر الجميع إزاءها- رعاة وعلمانيّون- بالمسؤوليّة المشتركة: ولاسيّما في الصّلاة، لأنّ الإجابات تأتي من الرّبّ وليس من العالم، من بيت القربان وليس من الكمبيوتر. ومن ثَمَّ في الشّغف لراعويّة الدّعوات، من خلال البحث عن أساليب لكي نقدّم بحماس للشّباب سحر اتّباع يسوع حتّى في التّكرُّس الخاصّ.

إسمحوا لي بعدها أن أقول لكم إنّ العمل الرّاعويّ الجيّد ممكن إذا كنّا قادرين على عيش الحبّ الّذي أوصانا به الرّبّ والّذي هو عطيّة من روحه. إذا كنّا بعيدين أو منقسمين، وإذا تصلَّبنا في المواقف والجماعات، فلن نُثمر أبدًا. إنّه لأمر محزن أن نكون منقسمين لأنّنا بدلاً من أن نلعب كفريق، سنلعب كأعداء: أساقفة منفصلون عن بعضهم البعض، وكهنة في حالة توتّر مع الأسقف، الكهنة المسنّون في صراع مع الكهنة الشّباب، والكهنة الأبرشيّون في صراع مع الرّهبان، والكهنة في صراع مع العلمانيّين، اللّاتين في صراع مع الرّوم الملكيّين؛ فيُصار إلى استقطاب حول مسائل تتعلّق بحياة الكنيسة، وكذلك حول جوانب سياسيّة واجتماعيّة، وإلى التفاف حول المواقف الأيديولوجيّة. لا، رجاءً: إنّ العمل الرّعويّ الأوّل هو شهادة الشّركة، لأنّ الله شركة ويكون حاضرًا حيث تكون هناك المحبّة الأخويّة. لنتخطّى الانقسامات البشريّة لكي نعمل معًا في كرم الرّبّ!

وأودّ أن أقول شيئًا آخر للكهنة، لكي نقدّم لشعب الله المقدّس وجه الآب ونخلق روحًا عائليّة: لنحاول ألّا نكون صارمين، ولنتحلّى بنظرات وأساليب شفقة ورحمة. ما أكثر الشّهود والمعترفين بالإيمان الّذين حصل عليهم هذا الشّعب خلال الأنظمة الشّموليّة للقرن الماضي! لقد عانى الطّوباويّ يانوس الكثير من الآلام وكان من السّهل عليه أن يُضمِرَ الضّغينة وينغلق على نفسه ويصبح مُتشدِّدًا ولكنّه كان راعيًا صالحًا. وهذا الأمر يُطلب منّا جميعًا، ولاسيّما من الكهنة: نظرة رحيمة، وقلب شفوق، يغفر على الدّوام، ويساعد على البدء من جديد، يقبل ولا يدين، يشجِّع ولا ينتقد، يخدم ولا يثرثر.

هذا الأمر يدرّبنا على القبول النّبويّ، ولكي ننقل تعزية الرّبّ في حالات الألم والفقر في العالم، ونبقى قريبين من المسيحيّين المُضطَهَدين، والمهاجرين الّذين يبحثون عن الضّيافة، والأشخاص من الجماعات العرقيّة الأخرى، وأيّ شخص محتاج. بهذا المعنى، لديكم أمثلة قداسة عظيمة، مثل القدّيس مارتينوس. إنّ لفتته في تقاسم ردائه مع الفقير هي أكثر بكثير من مجرّد عمل خيريّ: إنّها صورة الكنيسة الّتي يجب أن نتوق إليها، وهذا ما يمكن لكنيسة المجر أن تحمله كنبوءة إلى قلب أوروبا: الرّحمة والقرب. لكنّني أريد أيضًا أن أذكر القدّيس اسطفانوس، الّذي أقف بالقرب من ذخائره: هو الّذي كان أوّل من أوكل الأُمَّة إلى العذراء مريم أُمِّ الله، وكان مبشّرًا شُجاعًا وأسّس أديرة عديدة، وعرف أيضًا كيف يصغي إلى الجميع ويحاورهم وكيف يعتني بالفقراء: فخفَّض لهم الضّرائب وكان يذهب ليتصدّق عليهم مُتنكِّرًا لكي لا يتعرَّف عليه أحد. هذه هي الكنيسة الّتي يجب أن نحلم بها: كنيسة قادرة على الإصغاء المتبادل، وعلى الحوار، وعلى الاهتمام بالضّعفاء؛ كنيسة تستقبل الجميع وشُجاعة في حمل نبوءة الإنجيل إلى كلّ إنسان.

أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، المسيح هو مستقبلنا، لأنّه هو الّذي يقود التّاريخ. وقد كان معترفو الإيمان في بلدكم مقتنعين بشدّة بهذا: فاستشهد العديد من الأساقفة والكهنة والرّهبان والرّاهبات أثناء اضطهاد الإلحاد؛ وهم يشهدون على إيمان المجريّين الصّلب. أرغب أيضًا في أن أذكر الكاردينال ميندزنتي، الّذي كان يؤمن بقوّة الصّلاة، لدرجة أنّكم حتّى اليوم، تكرِّرون هنا تقريبًا مِثلَ قول شعبي: "إذا كان هناك مليون مجري يصلّون، فلن أخاف من المستقبل". كونوا مضيافين، كونوا شهودًا لنبوءة الإنجيل، ولكن وبشكل خاصّ كونوا نساء ورجال صلاة، لأنّ التّاريخ والمستقبل يعتمدان على ذلك. أشكركم على إيمانكم وأمانتكم وعلى كلّ خير الّذي تمثّلونه والّذي تقومون به."

أمّا صباح السّبت فزار البابا مركز الطّوباويّ László Batthyány-Strattmann الّذي يعنى بأطفال مكفوفين وضعاف البصر ومراهقين وشباب ذوي احتياجات خاصّة. وبعد تلاوة صلاة القدّيس فرنسيس والأناشيد الّتي أنشدها الأطفال، توجّه البابا إلى الجميع بالشّكر، فقال: "أشكركم على أناشيدكم، على تصرّفاتكم وعلى عيونكم. شكرًا سيّدي المدير، لأنّك أردت أن تبدأ هذا اللّقاء بصلاة القدّيس فرنسيس، الّتي هي برنامج حياة. لأنّ القدّيس فرنسيس يطلب من خلالها على الدّوام نعمة أن يقوم بشيء حيث يكون هناك شيء غائب أو غير متوفّر. في مسيرة من الواقع كما هو، فيمضي قدمًا، لكي يجعل الواقع يسير. وهذا هو إنجيل صرف. لقد جاء يسوع ليأخذ الواقع كما هو ويسير به إلى الأمام. كان سيكون من الأسهل بالنّسبة له أن يأخذ الأفكار والأيديولوجيّات ويمضي بها قدمًا دون مراعاة الواقع. ولكن هذه هي مسيرة الإنجيل، هذه هي مسيرة يسوع. وهذا ما أردت، أيّها السّيّد المدير، أن تعبّر عنه بصلاة القدّيس فرنسيس. شكرًا لك. وشكرًا لكم جميعا!".

كما التقى البابا حوالي 600 من الفقراء واللّاجئين في كنيسة القدّيسة أليصابات في بودابيست، فيما تجمّع نحو ألف آخرين في باحتها.

في كلمته، شدّد البابا "على ضرورة ألّا ننسى أبدًا كون الفقراء والمعوزين في قلب الإنجيل، وأنّ يسوع قد جاء ليبشّر الفقراء". فهم "يدلّوننا على تحدٍّ شغوف، وهو ألّا يكون إيماننا حبيس طقس بعيد عن الحياة وألّا يصبح ما يمكن اعتباره أنانيّة روحيّة، أيّ روحانيّة ترضي ارتياحنا الشّخصيّ. الإيمان الحقيقيّ هو على العكس ذلك غير المريح الّذي يجازف ويدفعنا إلى الخروج للقاء الفقراء ويجعلنا قادرين على التّكلّم إلى الحياة بلغة المحبّة"، مؤكّدًا أنّ "من يربط نفسه بالله ينفتح على المحبّة إزاء الفقراء"

وعلى ضوء الشّهادات الّتي قُدّمت، أشار البابا إلى أنّ "الرّبّ يستمع إلى صرخات الفقراء، فـ"الله لا يحلّ مشاكلنا من الأعلى بل يقترب بعناق حنانه محفّزًا شفقة الأخوة والاخوات الّذين ينتبهون إلى هذه المشاكل ولا يظلّون غير مبالين". وشدّد البابا على "الحاجة إلى كنيسة تتحدّث بطلاقة لغة المحبّة، تلك اللّغة الّتي يستمع إليها الجميع ويفهمونها، حتّى أولئك البعيدون وغير المؤمنين".

كما شكر البابا الكنيسة على نشاطها الكبير في أعمال المحبّة، وعلى استقبال أعداد كبيرة من اللّاجئين الأوكرانيّين، مؤكّدًا أنّ "لا يكفي توفير الخبز للجياع، بل يجب أيضًا تغذية قلوب الأشخاص"، إذ أنّ "المحبّة ليست مجرّد خدمة مادّيّة أو اجتماعيّة، بل هي تعني شجاعة النّظر إلى عيون الأشخاص ولمسهم والسّير معهم، فهذا يجعلنا ندرك كم هم في عوز كما نحن في عوز إلى نظرة الرّب ويديه."

وعلى صعيد آخر، استقبل البابا فرنسيس في السّفارة البابويّة في بودابيست متروبوليت المجر هيلاريون، في لقاء "تمّ بأجواء ودّيّة، ودام حوالي عشرين دقيقة، بحضور السّفير البابويّ في بودابيست المطران مايكل والاس باناش"، "وقد استقبل فرنسيس ضيفه بالعناق وقبّل أيقونة العذراء الكلّيّة القداسة الّتي يضعها على صدره"، وفق ما نقل مدير دار الصّحافة التّابعة للكرسيّ الرّسوليّ ماتيو بروني.  

وذكر بيان نُشر على الموقع الرّسميّ لمتروبوليت بودابيست أنّ "هيلاريون أطلع الحبر الأعظم على حياة رئاسة الأبرشيّة المجريّة التّابعة لبطريركيّة موسكو، وعلى نشاطاتها الاجتماعيّة والتّربويّة، متطرّقًا أيضًا إلى العلاقات مع الكنيسة الكاثوليكيّة وباقي الطّوائف المسيحيّة. وقدم هيلاريون للبابا هديّة هي عبارة عن دراسة مؤلّفة من أربعة مجلّدات حول موضوع "يسوع المسيح: الحياة والتّعاليم"، مُترجمة إلى اللّغة الإيطاليّة".

وعصر السّبت، التقى البابا فرنسيس الشّباب في" Papp László Budapest Sportaréna" ، وقد تخلّلت اللّقاء أربع شهادات وكلمة للمطران فيرينك بالانكي المسؤول عن رعويّة الشّباب شكر فيها الأب الأقدس على زيارته واللّقاء المخصّص للشّباب، إضافة إلى كلمة البابا فرنسيس شدّد فيها على أهمّيّة الإصغاء إلى أسئلة الشّباب وعدم إعطاء إجابات سهلة وجاهزة مسبقًا، إنّما مساعدتهم على تحدّي مغامرة الحياة بلا خوف، بحثًا عن إجابات كبيرة.  

ونقلًا عن "فاتيكان نيوز"، "أشار البابا فرنسيس خلال لقائه الشّباب إلى أنّ المسيح هو الصّديق، أفضل الأصدقاء؛ هو الأخ، أفضل الإخوة، وهو يعرف جيّدًا كيف يطرح الأسئلة"، فهو "يغفر دائمًا، وهو مستعدّ لأن ينهضنا بعد كلّ سقطة لنا. فمعه لا ينبغي أن نخاف أبدًا من السّير والمضيّ قدمًا في الحياة".  

وإلى الشّباب، توجّه البابا بسؤال أجاب عنه كلّ واحد "في صمت": "ماذا تريدون؟ عمّا تبحثون في الحياة؟"،  وأشار إلى أنّ "يسوع يسير بالقرب من كلّ واحد منّا. لا يريد أن يكون تلاميذه طلّاب مدرسة يكرّرون الدّرس، بل شبابًا أحرارًا وفي مسيرة، رفقاء درب مع الله الّذي يصغي إلى احتياجاتهم ويتنبّه لأحلامهم.

قد تسألون ما العمل كي نكون فائزين في الحياة؟ إنّ هناك خطوتين أساسيّتين كما في الرّياضة: أوّلاً النّظر إلى العلى، وثانيًا التّدريب".

وبالتّالي حثّ البابا الشّباب على تنمية المواهب والاستثمار في الصّفات الجيّدة "بلا خوف" وفي أهداف الحياة الكبيرة. كما دعاهم إلى التّدريب الّذي "يكون في الحوار مع يسوع الّذي هو أفضل مدرّب. هو يصغي إليك ويحفّزك ويثق بك. ويدعو دائمًا إلى العمل كفريق: ليس وحدنا بل مع الآخرين، في الجماعة، من خلال عيش خبرات مشتركة". وتابع قائلاً: "لا تخافوا أن تسيروا عكس التّيّار، وأن تجدوا وقتًا للصّمت كلّ يوم لتتوقّفوا وتصلّوا. إنّ الصّمت هو التّربة الّتي عليها ننمّي علاقات مفيدة لأنّه يسمح لنا بأن نوكل ليسوع ما نعيشه ونحمل إليه الوجوه والأسماء ونُلقي عليه همومنا ونتذكّر الأصدقاء ونصلّي من أجلهم. كما أنّ الصّمت يعطينا الفرصة لأن نقرأ صفحة من الإنجيل تخاطب حياتنا، وأن نسجد لله، ونجد هكذا السّلام في قلوبنا". وشدد البابا فرنسيس أيضًا على أنّ "الصّمت ليس من أجل أن نلتصق بالهواتف المحمولة ووسائل التّواصل الاجتماعيّ"، فـ"الحياة ليست افتراضيّة، ولا تحدث على الشّاشة، بل في العالم! إنّ الصّمت هو باب الصّلاة، والصّلاة هي باب المحبّة".

وأنهى الأب الأقدس خطابه إلى الشّباب قائلاً: "لنساعد بعضنا بعضًا كي نثق بأنّنا محبوبون وثمينون. لنصلّ من أجل ذلك ولنشجع بعضنا بعضًا في ذلك!".