أميركا
18 شباط 2016, 06:34

من عبدٍ أميركي إلى كاهن كاثوليكي: تعرفوا إلى “الأب الصالح غاس”

في الأول من أبريل 1854، كان بيتر تولتون يسير بخطى ثابتة في براش كريك في ميسوري، فيما كانت زوجته مارتا جاين تضع مولودها الثاني. فسمّيا طفلهما أوغستوس (تيمناً بعمّه). وقبل انتهاء الشهر، عُمّد الطفل في كنيسة القديس بطرس الكاثوليكية المجاورة، وكانت عرابته السيدة سافيلا إليوت.

كانت معمودية أوغستوس خارجة قليلاً عن المألوف، لأن السيدة إليوت كانت متزوجة بستيفن إليوت الذي كان “مالك” والدي أوغستوس. فقد كان السيد بيتر تولتون وزوجته عبدَين، وولد أبناؤهما الثلاثة تشارلي، أوغستوس وآن في العبودية. وكان سيد العبيد حريصاً على أن يُعمَّد عبيده ليكونوا كلهم كاثوليك.

بعد بداية الحرب الأهلية، حاولت عائلة تولتون الحصول على الحرية. فانضم بيتر إلى جيش الاتحاد، واتجه باقي أفراد العائلة إلى الشمال. وبمساعدة جنود الاتحاد، وصلت مارتا جاين وأولادها إلى إلينوي، الولاية “الحرة”. فاستقرّوا في كوينسي في إلينوي.

وُظفت مارتا جاين وابنها البكر تشارلي في شركة تبغ محلية لصنع السيجار. وبدأ أوغستوس المكلف بالاعتناء بأخته الصغرى والذي كان آنذاك في الثامنة أو التاسعة، يمضي وقتاً طويلاً في الشارع المقابل لكنيسة القديس بطرس التي كان الأب ماكغير راعيها.

لاحظ الأب ماكغير أوغستوس وأخته. وبعد فترة، اقترب من الفتى. وعرّف عن نفسه سائلاً أوغستوس الخائف إذا كان يود الذهاب إلى المدرسة. ففرح أوغستوس بالعرض المقدم له.

لم يشأ معظم أبناء الرعية البيض أن يتواجد تلميذ أسود بين أولادهم البيض. لكن الأب ماكغير أصرّ على أن يدرس الفتى في مدرسة القديس بطرس. وتفاجأت مارتا جاين بهذه الفرصة، ووافقت على ذهاب ابنها إلى المدرسة. وكان مسار حياة أوغستوس تولتون مقرراً رغم عدم معرفته بذلك.

نال أوغستوس المناولة الأولى وأصبح صبي مذبح وأثبت أنه تلميذ لامع. وقبل حلول سنة 1870، عندما كانت الأحكام المسبقة مسلّماً بها، كان الأب ماكغير يحاول تسجيل أوغستوس في إكليريكية للدراسة من أجل الكهنوت. فرُفض الشاب الأسود في كل إكليريكية أميركية حاول الدخول إليها. لكن الأب ماكغير العنيد والمصمم لم يستسلم أبداً. استمرا معاً في الصلاة والمحاولة. وفي النهاية، أمّن الأب ماكغير دخول أوغستوس إلى معهد القديس فرنسيس سولانوس الواقع في كوينسي. وبعد التخرج، قُبل أوغستوس في جامعة أوربانيانا الحبرية في روما. سنة 1886، سيم أوغستوس تولتون في الثانية والثلاثين من عمره كاهناً في روما.

روت الصحف في كافة أنحاء البلاد قصة العبد السابق الذي سيم كاهناً كاثوليكياً. وعندما عاد الأب تولتون إلى كوينسي، ألقيت التحية عليه كبطل. فعزفت الموسيقى، وأُنشدت ترانيم روحية زنجية، فيما اصطف آلاف البيض والسود في الشوارع وهم يمسكون بأيدي بعضهم البعض وينشدون منتظرين أن يلمحوا العبد السابق الذي سيم كاهناً كاثوليكياً.

سار الأب تولتون في الشارع مرتدياً رداءه وقلنسوته. ولدى وصوله إلى كنيسة القديس بونيفاسيوس، وجد مئات المحتشدين ينتظرون بركته. فبارك أولاً الأب ماكغير الذي كان لا يزال بجانبه. وفي اليوم التالي، احتفل الأب تولتون بقداسه الأول، فيما وقف الآلاف خارج الكنيسة نظراً إلى اكتظاظها من الداخل.

وبعد عدة سنوات، في أحد أيام يوليو الحارة سنة 1897، بلغت درجة الحرارة 105، وكان الأب تولتون عائداً من رياضة روحية في بوربونيه. كان يشعر بالمرض منذ فترة، ولم يكن قد أخبر أحداً. عندما ترجل من القطار، انهار. وبعد نقله إلى المستشفى، توفي بعد ساعات على أثر ضربة شمس. ولم يكن له من العمر سوى 43 عاماً. فصُدمت جماعته لفقدانها شخصاً عزيزاً. ودُفن “الأب الصالح غاس” كما كان أبناء رعيته يسمونه، في مدفن القديسة مريم قرب كوينسي.

في 24 فبراير 2011، أُعلن الأب أوغستوس تولتون خادم الله، الأمر الذي وضع الكاهن على درب التقديس.

المصدر: أليتيا