صحّة
16 تشرين الثاني 2022, 08:20

منظمة الصحة العالمية تنصح بالرعاية الفورية عن طريق التلامس بين بشرة الأم والطفل من أجل بقاء الرضع الصغار الحجم والخدج

تيلي لوميار/ نورسات
أصدرت منظمة الصحة العالمية أمس مبادئ توجيهية جديدة تهدف إلى تحسين حصائل البقاء والصحة للرضع الذين يولدون قبل الأوان (قبل 37 أسبوعًا من الحمل) أو الصغار الحجم (أقل من 2,5 كلغ عند الميلاد).

وتنصح المبادئ التوجيهية ببدء التلامس بين بشرة الطفل وبشرة من ترعاه - المعروف بمسمى الرعاية على طريقة الكنغر - بعد الولادة مباشرة من دون أن يقضي فترة أولية في الحضانة. ويمثل ذلك تغييرًا كبيرًا عن الإرشادات السابقة والممارسة السريرية الشائعة، ويجسد الفوائد الصحية العظيمة التي يعود بها ضمان بقاء الأطفال الخدج بالقرب من ممن ترعاهم وعدم إبعادهم عنهن بعد الولادة.

وتتضمن المبادئ التوجيهية أيضًا توصيات لضمان تقديم الدعم الوجداني والمالي والدعم في مكان العمل لأسر الأطفال الصغار الحجم والخدج التي قد تواجه قدرًا عظيمًا من الضغوط والصعوبات بسبب أعباء الرعاية المكثفة والمخاوف المحيطة بصحة أطفالها.

ويقول الدكتور تيدروس أدحانوم غبريسيوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: "إن الأطفال الخدج يمكن أن يبقوا على قيد الحياة وأن يزدهروا وأن يغيّروا العالم، ولكن يجب أن يُمنح كل طفل منهم الفرصة لتحقيق ذلك" وتشير هذه الإرشادات إلى أن تحسين الحصائل الخاصة بهؤلاء الرضع الصغار لا يتطلب دائمًا تقديم الحلول التقنية المتطورة، بل يستلزم ضمان إتاحة الرعاية الصحية الأساسية التي تتمحور حول احتياجات الأسرة".

ويُعد الخداج إحدى قضايا الصحة العامة المُلحة. ففي كل عام، يولد ما يقدر بنحو 15 مليون طفل قبل الأوان، أي ما يزيد على طفل واحد من كل 10 من الأطفال الذين يولدون في العالم، ويزيد عدد الأطفال المنخفضي الوزن عند الميلاد على ذلك، حيث يبلغ 20 مليون طفل. ويتزايد هذا العدد، ليصبح الإخداج الآن السبب الرئيسي لوفاة الأطفال دون سن الخامسة.

وما زال هناك قدر كبير من التفاوت في فرص بقاء الخدج على قيد الحياة، ويتوقف ذلك على المكان الذي يولدون فيه. ففي حين أن معظم الأطفال الذين يولدون في الأسبوع الثامن والعشرين أو بعده في البلدان المرتفعة الدخل يبقون على قيد الحياة، فإن معدلات البقاء في البلدان الأشد فقرًا قد لا تزيد على 10٪.

ويمكن إنقاذ معظم الأطفال الخدج بتنفيذ التدابير المجدية والفعّالة من حيث التكلفة، والتي تشمل الرعاية الجيدة قبل الولادة وأثناءها وبعدها، والوقاية من حالات العدوى الشائعة وتوفير تدبيرها العلاجي، وتقديم الرعاية على طريقة الكنغر، أي الجمع بين ملامسة بشرة الرضيع لبشرة مقدمة الرعاية الأولية التي عادة ما تكون الأم طوال أكبر عدد ممكن من الساعات، بوضع الرضيع في حمّالة أو لفة مُعدّة خصيصًا لهذا الغرض، والرضاعة الطبيعية الحصرية.

فنظرًا إلى افتقار الأطفال الخدج إلى دهون الجسم، يواجه العديد منهم صعوبات في ضبط درجة حرارة الجسم عند الميلاد، وغالبًا ما يحتاجون إلى مساعدة طبية للتنفس. وكانت التوصيات السابقة بشأن هؤلاء الأطفال، تنص على الالتزام بفترة أولية من الانفصال عن مقدمة الرعاية الأولية، لإتاحة استقرار حالة الطفل أولًا في حاضنة أو جهاز للتدفئة. وكان ذلك يستغرق من 3 إلى 7 أيام في المتوسط. ولكن البحوث أثبتت الآن أن بدء الرعاية على طريقة الكنغر بعد الولادة مباشرة يؤدي إلى إنقاذ مزيد من الأرواح، ويحد من العدوى وانخفاض الحرارة، ويحسن التغذية.

وتقول الدكتورة كارين إدموند، الطبيبة المختصّة بصحة الأطفال الحديثي الولادة في المنظمة: "إن أهمية الضمّة الأولى لأحد الوالدين لا تقتصر على الجانب الوجداني، بل تُعد أهميتها حاسمة في تحسين فرص البقاء والحصائل الصحية للرضع الصغار والخدج. ونعلم أنه في ظل جائحة كوفيد-19 انفصلت العديد من النساء بلا داع عن أطفالهن، ما قد يؤدي إلى نتائج كارثية على صحة الرضع الخدج أو الصغار الحجم. وتشدد هذه المبادئ التوجيهية الجديدة على ضرورة توفير الرعاية للأسر والرضع الخدج بوصفهما وحدة واحدة، وضمان حصول الوالدين على أفضل دعم ممكن أثناء هذه الأوقات التي غالبًا ما تنطوي على قدر لا مثيل له من التوتر والقلق".

وفي حين أن هذه التوصيات الجديدة تكتسي أهمية خاصة في البيئات الفقيرة التي قد لا تتاح فيها معدات التكنولوجيا المتطورة أو حتى إمدادات التيار الكهربائي التي يمكن الاعتماد عليها، فهي مهمة أيضًا في سياق البيئات المرتفعة الدخل. ويستدعي ذلك وفقًا للمبادئ التوجيهية إعادة التفكير في الطريقة التي تقدم بها الرعاية المركزة إلى المواليد، لضمان بقاء الوالدين والمواليد معًا في جميع الأوقات.

وتوصي المبادئ التوجيهية بشدة في جميع أجزائها بالرضاعة الطبيعية من أجل تحسين الحصائل الصحية للرضع الخدج والمنخفضي الوزن عند الميلاد، وتشير إلى البيّنات الدالة على أن الرضاعة الطبيعية تحد من مخاطر العدوى مقارنة بالمستحضرات الغذائية الخاصة بالرضع. وفي حال عدم توافر لبن الأم، يُعد لبن المُرضعات المتبرعات البديل الأفضل، ومع ذلك فيمكن استخدام المستحضرات المزودة بالمغذيات في حال عدم وجود بنوك لبن المتبرعات.

واستنادًا إلى التعليقات الصادرة عن الأسر والتي جمعتها أكثر من 200 دراسة، تدعو المبادئ التوجيهية أيضًا إلى زيادة الدعم الوجداني والمالي لمقدمي الرعاية. فتشير المبادئ التوجيهية إلى ضرورة منح الإجازة الوالدية لمساعدة الأسر على رعاية الرضيع، وينبغي ضمان السياسات والاستحقاقات الحكومية والتنظيمية حصول أسر الأطفال الخدج والمنخفضي الوزن عند الميلاد على القدر الكافي من الدعم المالي والدعم في مكان العمل.

وقد صدرت المبادئ التوجيهية قبيل يوم الخداج العالمي الذي يُقام سنويًا في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر.

وكانت المنظمة قد أصدرت في وقت سابق من هذا العام، توصيات ذات صلة تتعلق بالعلاجات السابقة للولادة للنساء اللاتي تزداد لديهم احتمالات الولادة قبل الأوان. وتشمل هذه العلاجات إعطاء الكورتيكوستيرويدات قبل الولادة لمنع صعوبة التنفس والحد من المخاطر الصحية التي تهدد الأطفال الخدج، والعلاجات المخففة للمخاض لتأخير المخاض وإتاحة الوقت الكافي لاستكمال مقرّر الكورتيكوستيرويدات. وتُعد هاتان المجموعتان من التوصيات معًا أول تحديث للمبادئ التوجيهية للمنظمة بشأن الأطفال الخدج والمنخفضي الوزن عند الميلاد منذ عام 2015.

 

المصدر: منظمة الصحة العالمية