العالم
24 نيسان 2024, 12:20

مدارسٌ خضراء لكسر الدائرة المفرغة للفقر والأزمة البيئيّة في مدغشقر

تيلي لوميار/ نورسات
تتأثر دولة مدغشقر الجزريّة، قبالة الساحل الجنوبيّ الشرقيّ لأفريقيا، تأثّرا عميقا بعواقب تغيّر المناخ. لهذا السبب، قرّرت أبرشيّة مانانجاري في الجنوب الشرقيّ إنشاء "مدارس خضراء" مع دورات حول التعليم لحماية بيتنا المشترك، واضعةً رهانًا على مستقبل الشباب الملغاشيّين.

هم خمسة عشر ألف طفلٍ بين الخامسة والرابعة عشرة من العمر الذين يستفيدون من مشروع "المدارس الخضراء" الكاثوليكيّة في أبرشيّة ماننجاري Mananjary، تلك المبادرة التي يقوم بها الأب لارازون راموزاندرياناريفو Laraison Ramosandrianarivo، مع ثلاثة كهنة آخرين من الأبرشيّة ممّن لا يهابون اجتياز كيلومترات طوال على طرقاتٍ ترابيّة لبلوغ أماكن نائية.

الفكرة وراء المبادرة هي تربية الأطفال على حبّ الطبيعة وحمايتها، كما شرح الأب لارازون لـ"أخبار الفاتيكان".

المفهوم بسيط، صحيح، لكنّه حيويّ بالنسبة إلى الشباب الملغاشيّين.

وفقا لبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي (UNDP)، تُعدّ مدغشقر في الواقع، ثالث أكثر البلدان تعرُّضا، عالميًّا، لتغيُّر المناخ الذي تكون عواقبه أكثر مأساويّة في هذا البلد-الجزيرة لأنّ أكثر من 80 في المئة من سكّانه يعيشون تحت خطّ الفقر.

في ما يلي الحلقة المفرغة التي تعيش مدغشقر في دورانها في هذه الأيّام: سنة 2021، دقّت اليونيسيف جرس الإنذار مع "نصف مليون طفلٍ ما دون الخامسة من العمر، في خطر سوء تغذية جدّيّ". والحال، أنّ الجفاف الحاليّ وهو الأسوأ منذ أربعين سنة، وفق الأمم المتّحدة، تسبّب بأزمة طالت حوالى 60% من إنتاج الأرز والذرة المحلّيّ، وهما يشكّلان أساس غذاء البلد. فما كان السبيل الوحيد للخروج من الكارثة الاقتصاديّة الهائلة؟ إنتاج الفحم. وهذا يستلزم إحراق الغابات، وذلك مقابل مردودٍ ماديّ زهيد...بالتالي، دمارٌ للملغاشيّين.

كيف؟ حرائق الغابات تؤدّي إلى نزع الغطاء الحرجيّ، الذي يؤدّي إلى تراجع في الحماية في وجه الأمطار الغزيرة التي تؤمّنها أشجار الغابات، ما يؤدّي إلى مزيدٍ من الفيضانات.

أضف أنّ أكثر من 90% من الطاقة المستهلكة في البلاد مصدرها الأخشاب، بالتالي مصدرها أحفوريّ.

فمن أجل الخروج من هذه الحلقة المفرغة يركّز الأب لارازون على التعليم كقوّة كاسرة لِطوق الأزمة وقد وضع نصب عينيه هدف "تطبيق رسالة البابا كُنْ مسبِّحًا Laudato sì".

تتّبع المدارس الخضراء مواد نظريّة وعمليّة، من ضمنها: المحاصيل، أسباب الاضطرابات المناخيّة وعواقبها، تعلّم زراعة الزهور، وبناء المراحيض، ومقالب القمامة، ولكن أيضا مواقع التسميد العضويّ، واكتساب الخبرة في إعادة التحريج، وغيرها من الأنشطة البيئيّة. والملفت أنّهم يستفيدون من منتوجاتهم إن فاضت وأمكن تسويقُها.

تحوي الجزيرة الأفريقيّة الكبرى تنوّعا بيولوجيًّا فريدا، ومن أجل إنقاذ هبة الخلق هذه، يتابع الأب لاريسون معركته بلا كلل، بتصميم كبير ويحاول ألّا يقف ، في الطريق، على عوائق الظلم، واليأس، والتعب.

مدغشقر هي، في الواقع، مثال مخيف، رمزٌ للظلم المناخيّ: يعاني سكّانها بشكل مباشر من عواقب تغيّر المناخ الناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة وإزالة الغابات، على الرغم من أنّهم يساهمون في ذلك فقط، في الحدّ الأدنى.

فمن أجل إنقاذ الخليقة المهدّدة بالخطر، يثابر الأب لارازون ويتمسّك بتفاؤله العميق وينقل هذه الروح القتاليّة إلى أطفاله.