مجلس كنائس الشّرق الأوسط نعى "بابا السّلام الّذي أثبت أنّ لغة المحبّة لا تسقط أبدًا"
"المسيح قام… حقًّا قام! إنّه اثنين الباعوث، عيد العبور من الموت إلى الحياة، ومن الظّلمة إلى النّور الإلهيّ. إنّه فرح قيامة الرّبّ يسوع المسيح الّذي افتدانا بموته. يحلّ اثنين الباعوث هذه السّنة بشكل غير عاديّ على الكنيسة والعالم أجمع. في هذا اليوم المبارك، انتقل قداسة البابا فرنسيس إلى أحضان الآب السّماويّ عن عمر الـ٨٨ عامًا، وها هو يدخل بيت الرّبّ في أعظم الأعياد وأقدس المواسم. بابا الرّحمة والتّواضع شهد هذه السّنة الذّكرى الـ١٧٠٠ لمجمع نيقية وعيد القيامة الواحد ملقيًا التّحيّة الأخيرة على جميع المؤمنين وراحلًا ليتهلّل مع الملائكة معلنًا انتصار المسيح على الموت.
مسيرة الحبر الأعظم لم تكن سوى علامة رجاء وسط كلّ التّحدّيات الكنسيّة والاجتماعيّة والصّحّيّة والأمنيّة، فلطالما صلّى ودعا إلى الحوار والمحبّة والسّلام والأخوّة، وهو الّذي حمل همّ الفقراء والمهمّشين والمعوزين ودافع عنهم حفاظًا على حقوقهم وصونًا لكرامتهم. إنَّ قداسة البابا فرنسيس قام بزيارات أبويّة إلى كلّ أصقاع الأرض ناشرًا سلامه وسلام الرّبّ. لقد سافر إلى العديد من الدّول الفقيرة والبلدان الّتي تتعرّض للمخاطر الأمنيّة والكوارث الطّبيعيّة والفيضانات والهزّات الأرضيّة… للوقوف إلى جانب كلّ إنسان يتألّم وكلّ مريض وضعيف، والتّضامن معهم والصّلاة من أجلهم.
الحبر الأعظم كان رسولًا للمسيح على الأرض مترجمًا تعاليم الرّبّ في كلّ كلمة كتبها وألقاها وكلّ خطوة قام بها، مؤمنًا بفضيلة الرّحمة ومدافعًا عنها حتّى الرّمق الأخير. لقد شارك في مؤتمرات دوليّة من أجل السّلام مؤكّدًا على ضرورة التّكاتف والعمل معًا ومواصلة الصّلاة على نيّة إحقاق الحقّ والعدالة. قداسته عبّر عن قربه من كلّ الشّعوب المجروحة وتابع معاناتهم وأوجاعهم يوميًّا وفي الفترة الأخيرة من المستشفى على الرّغم من مرضه. كما حمل هموم لبنان وفلسطين وغزّة وكلّ دول المنطقة لاسيّما خلال الحروب الأخيرة الّتي تعرّضت لها.
الحبر الأعظم سعى إلى بناء الجسور بين مختلف الشّعوب والأديان والطّوائف وعمل على تعزيز الرّوح المسكونيّة، وذلك من خلال مختلف الحوارات والوثائق، أهمّها "وثيقة الأخوّة الإنسانيّة" الّتي أطلقها قداسته مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشّريف أحمد الطّيّب، كترسيخ لثقافة الحوار والتّعاون بين الأديان. مجلس كنائس الشّرق الأوسط الّذي كان قد التقى قداسته في الفاتيكان بشخص الأمين العامّ البروفسور ميشال عبس، ينعي الحبر الأعظم، بابا السّلام والرّاعي الصّالح الّذي أثبت أنّ لغة المحبّة لا تسقط أبدًا. قداسة البابا فرنسيس… وداعًا!".