متّحدون في الإيمان: العراقيّون يحتفلون بعيد الصليب
لحظة تاريخيّة في أربيل، شمال العراق. في عنكاوا، إحدى ضواحي عاصمة كردستان العراق الواقعة في شمال البلاد، يشارك مئات المسيحيّين في عيد الصليب الذي بدأ يوم الإثنين 9 أيلول/سبتمبر ويستمرّ حتّى يوم الجمعة. يتميّز هذا الحدث البهيج بآمال كبيرة بالنظر إلى أنّ المسيحيّين من مختلف التقاليد يجتمعون معًا للاحتفال - الكاثوليك والأرثوذكس والآشوريّون - وهي المرّة الأولى التي يتّحدون فيها للاحتفال بذكرى العثور على الصليب المقدّس الذي مات عليه ربّنا من أجل فداء الجميع.
تؤكّد الاحتفالات الإيمان الذي يوحّد المسيحيّين. إنّهم يصلّون كلّ يوم في كنيسة مختلفة ويشاركون في الاجتماعات الثقافيّة المختلفة التي تنظَّم في شوارع الضاحية، والتي يتمّ الاحتفال بها بأضواء وألوان خاصّة. الأنشطة كلّها هي جزء من الاستعدادات للعيد الليتورجيّ لتمجيد الصليب المقدّس، والذي سيقام في 14 أيلول/سبتمبر للكنائس التي تتبع التقويم الغريغوريّ أو 27 منه لأولئك الذين يتبعون التقويم اليوليانيّ.
في افتتاح الاحتفالات، حمل شبّانٌ صليبًا كبيرًا في موكب إلى كنيسة القدّيس يوحنّا المعمدان الآشوريّة المشرقيّة، وقد انعكست مهابة الاحتفال في الترانيم التي أنشدها الإكليروس والمؤمنون حاملين شموعًا كبيرة مضاءة، علامةً ليس فقط للتسبيح والعبادة ولكن أيضًا للمشاركة والسلام. "اعتادت الكنائس الاحتفال بهذا العيد بشكل منفصل كلّ عام. لكن، هذا العام مختلف بشكل رائع"، أكّد المونسنيور بشّار متّي وردة، كاهن أبرشيّة الكلدان الكاثوليك في أربيل، الذي نظّم الحدث بمباركة مار آوا الثالث، بطريرك كنيسة المشرق الآشوريّة، وأسقفي الكنيستين السريانيّة الكاثوليكيّة والسريانيّة الأرثوذكسيّة.
في خطابه في العيد، أوضح البطريرك مار آوا الثالث كيف أنّ "الاحتفال بعيد العثور على صليب ربّنا يسوع المسيح يمثّل معْلمًا هامًّا في المخطّط الإلهيّ في كنيسة المشرق. عندما ننظر إلى الصليب، نتذكّر آلام المسيح، ولكن أيضًا قيامته المجيدة من بين الأموات. وعندما نرسم علامة الصليب على أنفسنا، فإنّ الاحتفالات بعيد الصليب المقدّس تمثّل خطوة أخرى وملموسة في المسكونيّة التي توليها الكنيسة الكاثوليكيّة أهمّيّة كبيرة، كما أكّد البابا فرنسيس في إرشاده الرسوليّ فرح الإنجيل: "إن الالتزام بالمسكونيّة يستجيب لصلاة الربّ يسوع كي يكونوا جميعًا واحدًا".
وتمثّل الأحداث أيضًا علامة إيجابيّة لمستقبل المسيحيّين العراقيّين: مع مرور الوقت، أدّت الحروب وعدم الاستقرار السياسيّ وصعود تنظيم الدولة الإسلاميّة إلى طرد الآلاف من المسيحيّين من الطوائف كلّها من البلاد. لكنّ الأمل لا يزال حيًّا على الرغم من انخفاض أعداد هذا القطيع، كما يثبت مهرجان عنكاوا.