الفاتيكان
28 تشرين الأول 2024, 12:40

متجذّرون وحجّاج لإعلان الإنجيل

تيلي لوميار/ نورسات
إنّ الوثيقة الختاميّة للسينودس حول المجمعيّة هي خطوة ملموسة في التنفيذ الكامل للمجمع الفاتيكانيّ الثاني، كما جاء في "فاتيكان نيوز"، في اختتام أعمال سينودس الأساقفة حول السينودسيّة.

 

الوثيقة التي اعتمدها السينودس هي مرحلة في رحلة بدأت مع المجمع الفاتيكانيّ الثاني، وهي مستمرّة ويجب أن نعيشها بشكل ملموس على مستويات كلّها في الكنائس.  

هي اعتراف بأنّ السينودسيّة هي طريق العيش والشهادة للشَرِكة. الكنيسة ليست شِرْكة أو حزبًا؛ فالأساقفة ليسوا "ولاة" روما، والمؤمنون العلمانيّون ليسوا مجرّد منفّذي القرارات والتوجيهات.

الكنيسة هي شعبٌ، شعبُ الله، يسير معًا: إنّ سبب وجودها لا يكمن في إدارة الهيكليّات أو البيروقراطيّات أو السلطات. كما أنّها لا تهدف إلى غزو مساحتها الخاصّة في العالم والدفاع عنها. السبب الوحيد لوجودها هو جعل اللقاء مع المسيح ممكنًا اليوم، في كلّ مكان يعيش فيه نساء ورجال عصرنا ويعملون ويفرحون ويتألّمون.

لذلك، هناك طريقة لعيش العلاقات والروابط، وهي خاصّة وإنجيليّة تمامًا. طريق يتمحور حول الخدمة، تمامًا كما علّم يسوع. هناك طريقة ملموسة لاتّخاذ القرارات والتخطيط والعمل، وهي في حدّ ذاتها شاهدة، خصوصًا في زمن مثل زمننا، الذي يتميّز بالانقسامات والكراهية والعنف والمراوغة.

 

إنّ عيش السينودسيّة يعني إذًا اتّخاذ خطوة نحو التنفيذ الكامل للمجمع. يعني أن نأخذ على محمل الجدّ أصالة الكنيسة – بمعنى التجذّر في الأصل: جماعة فيها مكان للجميع ويتمّ فيها تقدير الجميع، جماعة من الخطأة المغفور لهم الذين يختبرون محبّة الله ويريدون التواصل معه.

إنّ سينودس السينودسيّة، بمنظوراته المختلفة، يطلب الكثير من الجميع. ويطالب بتغيير العقليّة. يطلب منّا ألّا نعتبر المجمعيّة مهمّة بيروقراطيّة يتمّ تنفيذها بشكل أبويّ مع بعض الإصلاحات التجميليّة الطفيفة. إنّه يدعو إلى إعادة اكتشاف الرغبة في السير معًا كطريقة مرغوبة بدلًا من مجرّد تحمّلها، مع كلّ ما يترتّب على ذلك من عواقب. إنّه يطلب منّا أن نتخلّص من المراسي  (جمع مرساة) وأن نتحلّى بالجرأة، واثقين أنّ الربّ هو الذي يقود كنيسته من خلال عطيّة الروح القدس. ويدعو إلى إعادة التفكير في خدمة السلطة، بما في ذلك خدمة خليفة بطرس. ويدعو إلى دور أكبر من المسؤوليّة للعلمانيّين، وبخاصّة بالنسبة إلى النساء.

إنّه صورة لكنيسة يتجذّر أعضاؤها – في مكان ما، في التاريخ، في جماعة، في سياق – وفي الوقت عينه هم حجّاج، أي متنقّلين، وباحثين، ومرسَلين. لم تعد الهيكليّات الكنسيّة، بهذا المنظور الجديد، تمثّل المكان الذي يجب أن يجتمع فيه المؤمنون العلمانيّون، بل هي دعم للخدمة التي يقوم بها شعب الله في العالم. إنّ أفق النصّ، الذي سيوجّهه البابا فرنسيس إلى الكنيسة جمعاء على الفور، هو الرسالة، وفقًا للخطوط العريضة التي حدّدها الإرشاد الرسوليّ "فرح الإنجيل"، لضمان ألّا يبقى "انطلاق الكنيسة" حدْسًا أو ينتهي به الأمر إلى اختزاله مجرّد شعار، بل يتحقّق بالكامل بمساهمة الجميع.