لبنان
06 نيسان 2020, 06:30

ما هي دعوة البطريرك يونان إلى الكنيسة في الشّعانين؟

تيلي لوميار/ نورسات
صلّى بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان الشّعانين وبارك أغصان الزّيتون من دون حضور المؤمنين، في قدّاس إلهيّ ترأّسه في كنيسة مار إغناطيوس الأنطاكيّ البطريركيّ- المتحف، عاونه فيه القيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة الأب حبيب مراد، وأمينا السّرّ المساعدان في البطريركيّة الأب روني موميكا والأب كريم كلش، والرّاهبات الأفراميّات.

وللمناسبة، ارتجل يونان عظة تحت عنوان "إن سكت هؤلاء، نطقت الحجارة"، أكّد فيها أنّه "حتّى لو كنّا في هذا الزّمن الأليم لوباء كورونا الّذي تفشّى في العالم كلّه، فنحن نبقى دومًا الشّعب المليء داخليًّا بالفرح الرّوحيّ، لأنّنا نعلم أنّ يسوع الفادي خلّصنا، وهو معنا، وقد وعد كنيسته أن يبقى معها إلى الأبد".

وتأمّل في طريقة دخول يسوع "المتواضعة والوديعة" إلى أورشليم على جحش بن أتان "الحيوان الأكثر وداعةً وبساطةً، ووسيلة تنقُّل الناس الفقراء المساكين والبسطاء".

وأشار إلى أنّ هذا العيد المخصّص للأطفال "هو عيد الفرح والبراءة والصّدق"، وهو "تذكير لنا بالرّحلة الأخيرة ليسوع إلى أورشليم، حيث سيتألّم ويُصلَب ويقوم"، متناولاً قول يسوع "إن سكت هؤلاء نطقت الحجارة"، حسبما جاء في إنجيل القدّيس لوقا، مذكّرًا بأنّ هذا القول يذكّر أنّ "الله هو سيّد الكون، وحتّى لو رفض البشر أن يعترفوا بيسوع مخلّصًا لهم، فالخليقة الجامدة وغير النّاطقة تعترف بيسوع، وهنا نتذكّر أنّ الله هو سيّد الكون، وهو الخالق والمعتني به، وهو الّذي جعل الإنسان يشاركه السّيادة على الكائنات غير ناطقة، لا لكي يستغلّها ويستفيد منها ويلحق الضّرر بالآخرين من البشر، بل لكي يرفعها إلى الخالق، ويحافظ عليها، ويشاركها مع الآخرين، حتّى أولئك الضّعفاء والفقراء والمحرومين من الشّعوب".

كما توقّف يونان عند هذا الزّمن المخيف والمرعب فقال: "في الماضي كانت هناك أوبئة مَرَضيّة ناتجة عن عوامل الطّبيعة والحروب، ولكنّها كانت محصورة في منطقة معيّنة، وكثيرون من المتألّمين من جرّائها كانوا بأغلبيّتهم من النّاس الضّعفاء الّذين لم يكونوا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم وكانوا محرومين من العناية"، لافتًا إلى أنّ "هنالك الكثير من النّاس الأتقياء والقدّيسين والقدّيسات كانوا يتفانون ويبذلون كلّ ما بوسعهم لمساعدة المرضى، مقدّمين إليهم ما يحتاجون إليه من عناية كي ينالوا الشّفاء بقوّة الرّبّ يسوع، لكنّنا اليوم أمام وباء كونيّ، لا يطال فقط الفقراء أو الضّعفاء، بل أيضًا الكبار والأقوياء في هذا العالم، ولا ينال من الأفراد فحسب، بل من الشّعوب كلّها الّتي بلغت أوج المعرفة والعلم والاختراعات والاكتشافات. يحقّ لنا أن نتساءل أين الله من عالمنا اليوم الّذي وصل إلى كلّ هذا التّطوّر والتّقدّم، فيما لا يستطيع أحدٌ حتّى الآن أن يجد دواءً شافيًا ولقاحًا ناجعًا ومخرجًا آمنًا لهذه الأزمة الكونيّة"، مؤكّدًا أنّنا "نتشارك اليوم مع جميع الشعّوب الّتي ابتُلِيت بهذا الوباء، ونحثّ بعضنا البعض على الصّبر والاحتمال والتّضامن مع الّذين أصابهم هذا الوباء، القريبين منّا والبعيدين، ونصلّي من أجلهم، ونبذل كلّ جهدنا، ولو فُرِضَ علينا الحجر المنزليّ، مفكّرين بهم ومتضامنين معهم ومصلّين من أجلهم".

وشدّد على دور الكنيسة اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، لأداء "رسالة إعلان بشرى الإنجيل الخلاصيّة"، "لتكون حقيقةً المبشِّرة بإنجيل الحقّ والمحبّة، بدون أن ترتهن لأيّ قوّةٍ في العالم"، مشجّعًا المؤمنين بقول يسوع لتلاميذه: "أنا اخترتُكم من العالم ولكنّكم لستم من العالم، وحاثًّا إيّاهم على "عيش دعوتهم اليوم أكثر من أيّ وقت آخر، كي نعلن للعالم أنّ يسوع هو المخلّص الحقيقيّ، لأنّه جاء إلى عالمنا بوداعته وتواضعه كي يعلّمنا الوداعة والتّواضع والتّضحية، لا الاستكبار واستغلال الآخرين"، آملاً بروح الرّجاء أن "تتحوّل البشريّة إلى جماعة قريبة أكثر من الله والإنسان، فلا تستغلّ الإنسان الضّعيف لمآرب سياسيّة أو عسكريّة أو اقتصاديّة أو مصالح أنانيّة بحتة".

كما أشار البطريرك يونان إلى الحاجة الماسّة في لبنان "إلى مسؤولين يخدمون هذا الشّعب المجروح في هذا البلد الصّغير بمساحته والّذي نسعى أن يبقى رسالةً لمحيطه. فعليهم تقع مسؤوليّة جعله منبرًا وعلامةً للحقّ والعدل والتّضامن"، رافعًا الصّلاة من أجلهم، طالبًا شفاعة مريم العذراء، عند ابنها، "كي يشفق علينا ويجعل قلوبنا كالأطفال الّذين همّهم أن يعيشوا البراءة والصّدق والأمانة ليسوع قبل كلّ شيء"، مبتهلًا إليه "كي يحمي لبنان وسائر البلدان شرقًا وغربًا"، ويمنح الشّفاء التّامّ للمصابين بوباء كورونا، ويزيله من العالم.