الفاتيكان
11 آذار 2025, 06:55

ما هو معيار الدّخول إلى الملكوت؟

تيلي لوميار/ نورسات
في إطار الرّياضة الرّوحيّة للكوريا الرّومانيّة الخاصّة بزمن الصّوم "الرّجاء في الحياة الأبديّة"، ألقى واعظ القصر الرّسوليّ الرّاهب الكبّوشيّ الأب روبرتو بازوليني، صباح الإثنين، تأمّله الثّاني الّذي توقّف فيه عند معيار الدّخول إلى الملكوت، ألا وهو المحبّة.

وفي التّفاصيل، قال بازوليني بحسب "فاتيكان نيوز": "يتمُّ عادة تفسير مثل الدّينونة الأخيرة، الواردة في إنجيل القدّيس متّى والمصوَّرة في اللّوحة الجداريّة الشّهيرة لمايكل أنجلو، كتذكير بالمحبّة. ومع ذلك، يكشف التّحليل المتنبّه منظورًا مفاجئًا: فالأمر لا يتعلّق بدينونة بالمعنى التّقليديّ، بل بإعلان يكشف عن الواقع الّذي عاشه كلّ شخص. فمعيار الدّخول إلى الملكوت ليس الانتماء الدّينيّ، بل المحبّة الملموسة تجاه الإخوة الصّغار، الّذين يمثّلون، في المنظور الإنجيليّ، تلاميذ المسيح. ومن ثمّ، فإنّ مسؤوليّة المسيحيّين لا تكمن أساسًا في فعل الخير، وإنّما في إفساح المجال للآخرين لكي يفعلوه.

كذلك، يقلب المثل مفهوم الدّينونة الشّائع: فالأبرار والأشرار على حدّ سواء يُظهرون الدّهشة إزاء كلمات الملك، كعلامة على أنّ الخير الّذي تمَّ القيام به كان يُعاش بعفويّة. وهذا الأمر يشير إلى أنّ الدّخول إلى الحياة الأبديّة لا يعتمد على الأداء الأخلاقيّ، بل على القدرة على العيش في المحبّة بدون حسابات.

يؤكّد التّعليم المسيحيّ أنّ ملكوت الله سيظهر بالكامل في نهاية الأزمنة، وسيحوّل البشريّة والكون إلى "سماء جديدة وأرض جديدة". وهذا الرّجاء يتجذَّر في وعد المسيح، الّذي يدعونا لكي نعيش منذ الآن وفق هذا المنظور، بدون أن نقلق بشأن أدائنا، وإنّما بالثّقة بأنّ الله نفسه هو الّذي يحوّل إنسانيّتنا على صورته ومثاله، وفق تدبير المحبّة الّذي كان منذ البدء.

لقد أعلن يسوع الحياة الأبديّة، ليس كواقع مستقبليّ بعيد، بل كحالة في متناول من يسمع كلمته ويؤمن بالآب. يدعونا الإنجيل لكي نعترف أنّ الحياة الأبديّة قد بدأت، وهي تتجلّى في الطّريقة الّتي نحيا بها ونحبّ، من خلال الانفتاح على الحضور الإلهيّ المحوِّل. والمفاجأة الحقيقيّة في الدّينونة الأخيرة ستكون اكتشاف أنّ الله لم يكن لديه انتظارات منّا، سوى أن ندرك تمامًا أنّنا أبناؤه، وأنّنا غائصون في أبديّته."

وكان بازوليني قد ألقى عصر الأحد عظته الأولى في قاعة بولس السّادس، شدّد فيها على أنّ "الإنجيل يعلّمنا أنّ "النّقص الحقيقيّ" ليس في الضّعف، بل في غياب الحبّ".