ما هو عيد انتقال السيدة العذراء الذي تحتفل به الكنيسة في 15 آب؟
وفي السر الخامس من أسرار المجد لمسبحة الوردية المقدسة التي يصليها المسيحيون يومي الأربعاء والأحد من كل أسبوع في جميع أنحاء العالم يقولون: "نتأمل بالمجد العظيم الذي تمجدت به, لما كللك الثالوث الأقدس: الأب والابن والروح القدس. بإكليل المجد".
إن انتقال العذراء إلى السماء بالنفس والجسد ينطوي على الاحتفال بقيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات والذي يذكره الكتاب المقدس خطوة فخطوة, فيما لم يكن كذلك انتقال العذراء إلى السماء لأن هذه الحقيقة الإيمانية أعطتنا إياها الكنيسة المقدسة فهي ليست حدثا نعلنه أو نخفيه وإنما حقيقة نعيشها ونتأملها.
التقليد في الكنيسة الكاثوليكية يطلق على العذراء مريم كلمة "ثيوتيكوس" التي تعني "والدة الله" وحرفياً "التي حملت الله بالجسد" وتم الإقرار بهذا الاسم في المجمع المسكوني الثالث الذي عقد في أفسس (431) حيث كان قد أعلن أن المسيح هو شخص واحد في طبيعيتين وأن مريم هي أم هذا الشخص الواحد ذو الطبيعة الإلهية والإنسانية, أي أن مريم هي أم شخص أبن الله فهي حقاً "والدة الله".
وكان القديس غريغوريوس (330-395) أي قبل المجمع قد قال: "أن الإنسان ابن الله قد اتخذ لنفسه جسداً من مريم العذراء, لذلك حقّ لمريم أن تدعى (والدة الإله)".
وهذا ما قالته مريم العذراء في ظهورها في غوادة لوبي في المكسيك عام (1521) إلى خوان دييغو: "أنا الدائمة البتولية, أم الله الحق".
انتقال العذراء في العقيدة الكاثوليكية في الأول من أيار عام 1946 سأل البابا بيوس الثاني عشر, أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في العالم كله. هل يؤمن المسيحيون في الأبرشيات التي يرعونها بانتقال مريم العذراء إلى السماء بجسدها ونفسها؟ فكان شبه أجماع حول وجود هذا الإيمان لدى الأساقفة واللاهوتيين وسائر المؤمنين من الشعب المسيحي. وفي الأول من تشرين الثاني عام 1950, أعلن البابا هذا الانتقال عقيدة إيمانية مذكراً بهذا الاعتقاد منذ القرن السادس, وأصدر في الدستور الرسولي ما يلي: "نحن نعلن بواسطة وحي إلهي بأن بعد إكمال المحبول بها بلا دنس الخطيئة الأصلية -العذراء مريم- حياتها الأرضية, نقلت إلى السماء بالنفس والجسد, من يحاول أن ينكر هذه العقيدة -لا سامح الله- فليعلم بأنه قد سقط من القانون الإلهي والكنسي الكاثوليكي".
ويستمر البابا بيوس الثاني عشر ليعلن: "بعد أن وجهنا إلى الله صلوات ملحّة, والتمسنا نور الحق لمجد الله القدير الذي أغدق بسخاء عطفه الخاص على مريم العذراء, أكراماً لأبنه ملك الدهور الحي".
إن مريم بانتقالها إلى السماء تدعونا اليوم لنعيد النظر في نوعية إيماننا وصلاتنا ومحبتنا. إنها تريد أن ننتقل من اليأس إلى الرجاء، من الخطيئة إلى البرارة، من الحقد إلى المسامحة، إنها تدعونا لكي نزيل الحواجز من أعماقنا فننفتح على الله وعلى الآخرين بالمحبة والتسامح والغفران، وخاصة الذين يجمعنا معهم الإيمان الواحد، وان لا نجعل من الألفاظ والتعابير الفلسفية واللاهوتية وحتى من الطقوسوالمذاهب والقوميات حاجزا يبعدنا ويفرّقنا عن بعضنا بل نتمسّك بما يوحدنا جميعا، جوهر إيماننا الذي لا يختلف عليه مسيحي حقيقي واحد يعيش في العالم... ألا وهو يسوع المسيح ابن الله مخلصالبشرية.