الفاتيكان
20 تشرين الأول 2025, 11:15

ما نصيحة البابا للأزواج والشّباب والعائلات في ذكرى تقديس لويس وزيلي مارتان؟

تيلي لوميار/ نورسات
في الذّكرى العاشرة لإعلان قداسة لويس وزيلي مارتان، والدي القدّيسة تريزيا الطّفل يسوع، وجّه البابا لاون الرّابع عشر زسالة إلى أسقف سيو المطران برونو فييه، سلّط فيها دور الزّواج كطريق إلى القداسة.

وكتب في الرّسالة بحسب "فاتيكان نيوز":

"يسعدني أن أنضمّ إليكم بالفكر والصّلاة، مع الكهنة وجميع المؤمنين المجتمعين، فيما تحتفلون بالذّكرى العاشرة لإعلان قداسة لويس وزيلي مارتان، في المكان عينه الّذي تقدّسا فيه من خلال حياتهما الزّوجيّة. فكونهما أوّل زوجين يُرفعان معًا إلى مجد المذبح، يضفي على هذا الحدث طابعًا مميّزًا، إذ يسلّط الضّوء على الزّواج كطريقٍ إلى القداسة. فبين الدّعوات العديدة الّتي يدعو الله إليها الرّجال والنّساء، يحتلّ الزّواج مكانة رفيعة وسامية.

لقد فهم لويس وزيلي أنّهما يستطيعان أن يتقدّسا لا على الرّغم من الزّواج، بل من خلاله وفيه وبواسطته، وأنّ زواجهما يجب أن يُعتبر نقطة انطلاقٍ لمسيرة صعودٍ مشتركة. إنّ هذين الزّوجين القدّيسين من ألانصون هما إذًا نموذج مشرق ومُلهم لجميع النّفوس السّخيّة الّتي سلكت هذا الطّريق، أو الّتي تنوي سلوكه، بدافع الرّغبة الصّادقة في عيش حياةٍ جميلة وصالحة تحت نظر الرّبّ، في الفرح كما في المحنة. وبالتّالي أتمنّى أن تكون هذه الذّكرى مناسبةً للتّعريف بحياة هذين الزّوجين والوالدين الفريدين وفضائلهما، لكي تجد العائلات- العزيزة جدًّا على قلب الله، وإنّما الضّعيفة والجريحة غالبًا- في مثالهما العون والنّعمة اللّازمين لمتابعة المسيرة.

لم يسعَ لويس وزيلي إلى القداسة أو إلى تربية أبنائهما على القداسة من خلال الانعزال عن العالم، بل عاشا أمانتهما في واجبهما اليوميّ، في بساطة الحياة العاديّة. وهما ينتميان إلى تلك "الجموع الغفيرة من القدّيسين الّذين يعيشون بقربنا" الّذين تحدّث عنهم البابا فرنسيس غالبًا. وليس من الصّعب على الحجّاج الّذين يذهبون إلى ألانصون- التي تحتفظ بذكراهما المؤثّرة- أن يتلمّسوا الإطار الملموس واليوميّ الّذي عاش فيه آل مارتان، ملتزمين في المجتمع النّورمانديّ في زمنهما من خلال الرّعيّة، ونشاطاتهما المهنيّة، وأعمالهما الخيريّة، ودوائر صداقتهما، وبالطّبع في حياتهما العائليّة. غير أنّ ما يبدو "عاديًّا" في الظّاهر، كان في الحقيقة مفعمًا بحضورٍ "استثنائيّ" لله، الّذي كان مركز حياتهما المطلق. وقد كان شعارهما في الحياة: "الله يُخدَم أوّلًا".

وهكذا، تقدّم الكنيسة المقدّسة للشّباب، الرّاغبين- وربّما المتردّدين- في خوض مغامرة الزّواج الجميلة، هذا النّموذج الفريد للأزواج: نموذج الأمانة والاهتمام بالآخر، نموذج الحماسة والمثابرة في الإيمان، نموذج التّربية المسيحيّة للأبناء، والسّخاء في ممارسة المحبّة والعدالة الاجتماعيّة، ونموذج الثّقة في زمن المحنة. ولكن وبشكل خاصّ، يشهد هذان الزّوجان المثاليّان للسّعادة العميقة والفرح الّذي لا يوصف، واللّذين يمنحهما الله- في هذه الحياة وللأبديّة- لكلّ من يسير على درب الأمانة والخصوبة.

وفي زمننا المليء بالاضطراب والضّياع، حيث تُقدَّم للشّباب أمثلة زائفة عن الارتباط، غالبًا ما تكون مؤقّتة، فرديّة وأنانيّة، تحمل ثمارًا مرّة ومخيبة، قد يبدو الزّواج والعائلة كما أرادهما الخالق شيئًا عتيقًا ومملًّا. لكن لويس وزيلي مارتان يشهدان بعكس ذلك تمامًا: لقد كانا سعيدَين- سعيدَين بعمق!- لأنّهما منحا الحياة، وأشعّا الإيمان ونقلاه، ورأيا بناتهما يكبرن ويزهرن تحت نظر الرّبّ. يا لها من سعادة أن تجتمع العائلة يوم الأحد بعد القدّاس حول المائدة، حيث يكون يسوع أوّل المدعوّين، فيشاركهم أفراحهم وأحزانهم ومشاريعهم وآمالهم! ويا لها من سعادة في لحظات الصّلاة المشتركة، وفي أيّام الأعياد، وفي المناسبات العائليّة الّتي تطبع مسيرة الحياة! ولكن، يا له من عزاء أيضًا أن يبقوا معًا في التّجربة، متّحدين بصليب المسيح عندما يأتي، ويا له من رجاء أن يلتقوا يومًا ما جميعًا في مجد السّماء!

أيّها الأزواج الأحبّاء، أدعوكم إلى المثابرة بشجاعة على الدّرب الّتي سلكتموها وإن كانت أحيانًا صعبة وشاقّة. ولكن قبل كلّ شيء، ضعوا يسوع في محور عائلاتكم، ونشاطاتكم واختياراتكم. علّموا أبناءكم أن يكتشفوا محبّته وحنانه اللّامتناهي، واسعوا لأن تجعلوهم يحبّونه كما يستحقّ. هذا هو الدّرس العظيم الّذي يعطينا إيّاه لويس وزيلي اليوم، وهو ما تحتاج إليه الكنيسة والعالم بشكل ماسّ. فكيف كانت تيريزا الصّغيرة لتبلغ مثل هذا الحبّ العميق ليسوع ومريم، وتنقل إلينا عقيدة روحيّة بهذا الجمال، لو لم تتعلّم ذلك من والديها القدّيسين منذ طفولتها؟

أُوكلك جميعًا، أيّتها العائلات العزيزة، لحماية القدّيسين لويس وزيلي مارتان، والقدّيسة تريزيا الطّفل يسوع والوجه الأقدس. وإذ ألتمس لكم شفاعة العذراء مريم، أمنحكم من صميم القلب، فيض البركة الرّسوليّة".