دينيّة
08 تموز 2024, 10:30

ما الملكوت!

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب باسيليوس محفوض خادم عائلة كنيسة الصليب المحيي - النبعة

 

 

... "وكان يسوع يطوف الجليل كلّه ليعلّم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت..."

لا تستغربوا إذا قلت لكم إنّ ملكوت الله ليس شيئًا، لا بلدًا ولا خيرات أرضيّة ولا سلطانًا. سبق وقال السيّد المسيح: "ليس ملكي أنا من هذا العالم. ولكن، إن حلّ ملكوتي في هذا العالم حينئذ تكون المسكونة ملكوت سعادة وفرح، لأنْ فيه يرتاح الفقير ويرنّم الأعرج والمريض يقفز" .

ملكوت الله ليس شيئًا، بل هو شخص، هو روح من عند الله، هو الروح القدس نفسه، إذا حلّ فينا وأفهمنا وعرّفنا على الله وكشف لنا عن محبّته لنا. حينئذ لا نعود نعيش في هذا العالم، إنّما نعيش في الملكوت ونفرح بملكوت الله ويسكن فينا الفرح الحقيقيّ، الذي وعدنا به الربّ يسوع المسيح عندما قال: "قلت لكم هذا ليكون فرحي فيكم ويكون فرحكم كاملًا" (يوحنا 14: 11) "سأراكم من جديد فتفرح قلوبكم وفرحكم هذا لا يقدر أحد أن ينتزعه منكم" (يوحنّا 16: 22).

يسوع المسيح هو الملكوت وهو نفسه الطريق المؤدّية إلى الملكوت السماويّ التي لا يسلك فيها إلّا من تبعه لذلك يقول: "إن أراد أحد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (مرقس 8: 34). يعني أنّه لا يُكرِه أحدًا ولا يرغب أن يكون  بين مؤمنيه من يشعر بعدم الرضى بأنّه يسلم حياته تسليمًا كاملًا.

الملكوت هو يسوع المسيح الوديع، الهادئ، المتواضع القلب،  الذي لا يرغب في مديح الآخرين له، ولأجل هذا علينا نحن المؤمنين بيسوع ألّا نفتخر أو نتكبّر على أيّ إنسان، فلا نستكبر أمام الناس ولا أمام أنفسنا، وإذا فعلنا خيرًا أو أسديْنا معونة وكنا مُفْضلين على كثيرين، لنعلم أنّ كلّ ما يستحقّ الثناء ليس منّا بل هو عطيّة الله الذي أودعها فينا .

إذًا، كيف يمكننا أو كيف يعيننا الربّ يسوع على أن نسلك طريقه إلى الملكوت؟ عندما يسكن الروح القدس فينا، يمنحنا النور والإيمان. من دون الروح لا يوجد إيمان حيّ، ومن دون نور المسيح يمسي أحكم الناس أعمى تمامًا، لا يرى أعمال الله وطرقه.

وحينما يسكن الروح القدس فينا، يولّد في قلوبنا المحبّة الحقيقيّة التي تشبه نيرانًا نقيّة تنشر حرارة المسيح وضياءه وتصير أساسًا لكلّ عمل صالح .