دينيّة
07 تشرين الأول 2022, 07:00

ما القاسم المشترك بين صلاة الورديّة وشهادة سركيس وباخوس!

ريتا كرم
في 7 ت1/ أكتوبر عام 1571، لجأ مسيحيّو أوروبا إلى الفاتيكان طلبًا لنجدتهم من محاولة الأسطول التّركيّ في احتلال القارّة، فأطلّ يومها البابا بيوس الخامس من شرفته مردّدًا على مسامع المحتشدين: "لا تخافوا، قوّوا إيمانكم وليأخذ كلّ واحد مسبحته وصلّوا الورديّة..."، وبعدها دخل وجثا أمام المصلوب وتلا صلاة الورديّة وطلبة العذراء وخرج هاتفًا: "أبشرّكم بانتهاء الحرب وانتصار المسيحيّة". وهكذا كان: ففي تلك اللّحظة، انقلب الرّيح مع مراكب المسيحيّين وانعكست على الأعداء الّذين راحوا يتراجعون منهزمين، فعاين المسيحيّون النّصر! وعلى أثر هذه الأعجوبة، حُدّد 7 ت1/ أكتوبر عيدًا للورديّة.

 

وفي هذا اليوم أيضًا، تحلّ أعجوبة من نوع آخر لتذكّرنا أنّنا أبناء إله حيّ وملك أزليّ، أمّا بطلاها فهما القدّيسين سركيس وباخوس اللّذين كانا من أشراف المملكة الرّومانيّة وأكثر النّاس إخلاصًا لجنودها. خاضا حربًا ضدّ الفرس سنة 397 فجعلهما الملك مكسيميانوس من أعضاء ديوانه.

رضى الملك عليهما سرعان ما تحوّل إلى غضب يوم رفضا المشاركة في احتفال عيد الأصنام معلنين أنّهما مسيحيّين ولا يقدّمان الذّبائح لحجارة صمّاء. فنزع عنهما شارات الشّرف وأهانهما بأبشع الطّرق غير أنّهما احتملا إيمانًا بالمسيح ابن الله، فإيّاه يعبدان وله وحده يقرّبان كلّ يوم ذبيحة مقدّسة حيّة.

لم يفلت الجنديّان من حكم التّعذيب، فجُلد باخوس أوّلاً حتّى أسلم الرّوح غافرًا لمن أخطأ إليه، لينال سركيس نصيبه بعد أن سار عشرين ميلاً أمام مركبة قائد الجنود وفي حذائه زرعت مسامير مسنّنة سبّبت له نزيفًا في رجليه، لكنّه صبر مستطيبًا العذاب في سبيل من قاسى الآلام والموت من أجل خلاص البشر، قبل أن يُقطع رأسه وينال إكليل الشّهادة سنة 307.

إذاً بين الورديّة المقدّسة وقوّتها على طرد الشّرّ، والشّهيدين سركيس وباخوس اللّذين لم يسمحا للشّرّ أن يتغلّب على إيمانهما بيسوع، نقف في حضرة قداسة تقودنا إليها مريم العذراء سلطانة الورديّة المقدّسة، وأمام قائدين جبّارين لم يغلبهما تهديد ملك أرضيّ ولا سيف حاكم جاهل؛ ونضرع إلى الله بشفاعة الورديّة المقدّسة كي يزيل طيف الشّرّ المتربّص فوق العالم بأشكاله العديدة، ونسأله بشفاعة سركيس وباخوس أن يرسّخنا في إيماننا فلا نهاب اضطهادًا ولا سيفًا ولا حربًا، آمين!